رواية: من ذهب
كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت فناولها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على منبره فقال: يا رسول الله هذه في سبيل الله فبضها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام أبو بكر فأعطى ثم قام عمر فأعطى ثم قام المهاجرون والأنصار فأعطوا ثم تتابع الناس في الصدقات فمن ذي دينار ومن ذي درهم ومن ذي ومن ذي حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ومثل أجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن سنة في الإسلام سيئة كان عليه وزرها ومثل وزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء". ثم تلى هذه الآية: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} قال: فقسمه بينهم[1].
زيارة القبور:
116 - وتشرع زيارة القبور للاتعاظ بها وتذكرة الآخرة شريطة أن لا يقول عندها ما يغضب الرب سبحانه وتعالى كدعاء المقبور والاستغاثة به من دون الله تعالى أو تزكيته والقطع له بالجنة ونحو ذلك وفيه أحاديث معروفة لا ضرورة لذكرها هنا فمن شاء راجعها في الأصل.
117 - والنساء كالرجال في استحباب زيارة القبور لوجوه:
الأول: عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "فزوروا القبور" فيدخل فيه النساء وبيانه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن زيارة القبر في أول الأمر فإن مما لا شك فيه أن [1] قلت: ليتأمل القارئ الكريم في سياق الحديث والمناسبة التي قاله النبي صلى الله عليه وسلم فيها يتبين له أن الاستدلال به على إثبات البدعة الحسنة في الإسلام أبعد ما يكون عن الصواب لأنه ليس في سياقه ذكر لبدعة وقعت فيه فكيف يصح تفسير الحديث بقولهم " من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة" كما يقول المبتدعة وهو صلى الله عليه وسلم إنما قاله بمناسبة مجيء الأنصاري بصدقته قبل غيره ثم تتابع الناس بصدقاتهم من بعده فكان له أجر صدقته وأجر صدقاتهم لأنه الذي كان سنها وابتدأها في ذلك المجلس فالحديث في الصدقة المشروعة وليس في البدعة المذمومة ذما عاما وبذلك يتبين لكل ذي عينين أن الحديث لا يعارض قوله صلى الله عليه وسلم:"كل بدعة ضلالة" وأنه لا يجوز أن نخصص به هذه الكلية التي كان صلى الله عليه وسلم يعلمها الناس في مجتمعاتهم وبخاصة في خطبة يوم الجمعة.