نام کتاب : تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد نویسنده : الألباني، ناصر الدين جلد : 1 صفحه : 68
قلت: ومما يؤسف له أن هذا البناء قد بني عليه منذ قرون إن لم يكن قد أزيل تلك القبة الخضراء العالية وأحيط القبر الشريف بالنوافذ النحاسية والزخارف والسجف وغير ذلك مما لا يرضاه صاحب القبر نفسه A بل قد رأيت حين زرت المسجد النبوي الكريم وتشرفت بالسلام على رسول الله A سنة 1368 هـ رأيت في أسفل حائط القبر الشمالي محرابا صغيرا ووراءه سدة مرتفعة عن أرض المسجد قليلا إشارة إلى أن هذا المكان خاص للصلاة وراء القبر فعجبت حينئذ كيف ضلت هذه الظاهرة الوثنية قائمة في عهد دولة التوحيد أقول هذا مع الاعتراف بأنني لم أر أحدا يأتي ذلك المكان للصلاة فيه لشدة المراقبة من قبل الحرس الموكلين على منع الناس من يأتوا بما يخالف الشرع عند القبر الشريف فهذا مما تشكر عليه الدولة السعودية ولكن هذا لا يكفي ولا يشفي وقد كنت قلت منذ ثلاث سنوات في كتابي " أحكام الجنائز وبدعها " (208 من أصلي) :
فالواجب الرجوع بالمسجد النبوي إلى عهده السابق وذلك بالفصل بينه وبين القبر النبوي بحائط يمتد من الشمال إلى الجنوب بحيث أن الداخل إلى المسجد لا يرى فيه أي محالفة لا ترضى مؤسسه A اعتقد أن هذا من الواجب على الدولة السعودية إذا كانت تريد أن تكون حامية التوحيد حقا وقد سمعنا أنها أمرت بتوسيع المسجد مجددا فلعلها تتبنى اقتراحنا هذا وتجعل الزيادة من الجهة الغربية وغيرها وتسد بذلك النقص الذي سيصيبه سعة المسجد إذا نفذ الاقتراح أرجو أن يحقق الله ذلك على يدها ومن أولى بذلك منها؟)
ولكن المسجد وسع منذ سنتين تقريبا دون إرجاعه إلى ما كان عليه في عهد الصحابة والله المستعان
الجواب عن الشبهة الثالثة
وأما الشبهة الثالثة وهي أن النبي A صلى في مسجد الخيف وقد ورد في الحديث أن فيه قبر سبعين نبيا
فالجواب: أننا لا نشك في صلاته A في هذا المسجد ولكننا نقول: إن ما ذكر في الشبهة من أنه دفن فيه سبعون نبيا لا حجة فيه من وجهين:
الأول: أننا لا نسلم صحة الحديث المشار إليه لأنه لم يروه أحد ممن عني بتدوين الحديث الصحيح ولا صححه أحد ممن يوثق بتصحيحه من الأئمة المتقدمين ولا النقد الحديثي يساعد على تصحيحه فإن في إسناده من يروي الغرائب وذلك مما يجعل القلب لا يطمئن لصحة ما تفرد به قال الطبراني في
معجمه الكبير " (3 / 204 / 2) : حدثنا عبدان بن أحمد نا عيسى بن شاذان نا أبو همام الدلال نا إبراهيم بن طمهان عن منصور عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: " في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا "
وأورده الهيثمي " المجمع " (3 / 298) بلفظ:
قبر سبعون نبيا
وقال: " رواه البزار ورجاله ثقات "
وهذا قصور منه في التخريج فقد أخرجه الطبراني أيضا كما رأيت
قلت: ورجال الطبراني ثقات أيضا غير عبدان بن أحمد وهو الأهوازي كما ذكر الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 136) ولم أجد له ترجمة وهو غير عبدان بن محمد المروزي وهو من شيوخ الطبراني أيضا في " الصغير " (ص 136) وغيره وهو ثقة حافظ له ترجمة في " تاريخ بغداد " (11 / 135) و " تذكرة الحفاظ " (2 / 230) وغيرها
لكن في رجال هذا الإسناد من يروي الغرائب مثل عيسى بن شاذان قال فيه ابن حبان في " الثقات ": " يغرب "
وإبراهيم بن طمهان قال فيه ابن عمار الموصلي: ضعيف الحديث مضطرب الحديث "
وهذا على إطلاقه وإن كان مردودا على ابن عمار فهو يدل على أن في حديث
ابن طهمان شيئا ويؤيده قول ابن حبان في " ثقات أتباع التابعين " (2 / 1) :
أمره مشتبه له مدخل في الثقات ومدخل في الضعفاء وقد روى أحاديث مستقيمة تشبه أحاديث الأثبات وقد تفر عن الثقات بأشياء معضلان سنذكره إن شاء
الله في كتاب الفصل بين النقلة إن قضى الله سبحانه ذلك وكذلك كل شئ توقفنا في أمره
ممن له مدخل في الثقات
ولذلك قال فيه الحافظ ابن حجر في " التقريب ": " ثقة يغرب " وشيخ منصور
وهو ابن المعتمر ثقة وقد روى له ابن طهمان حديثا آخر في مشيخته (244 / 2) (73) فالحديث من غرائبه أو من غرائب ابن شاذان (74)
وأنا أخشى أن يكون الحديث تحرف على أحدهما فقال: " قبر " بدل " صلى " لأن هذا اللفظ الثاني هو المشهور في الحديث فقد أخرج الطبراني في " الكبير (3 / 1551) بإسناد رجاله ثقات عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا:
صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا. . .) الحديث وكذلك رواه الطبراني في
الأوسط " (1 / 119 / 2زوائده) (75) وعنه المقدسي في " المختارة " (249 / 2) والمخلص في "
الثالث من السادس من المخلصيات " (70 / 1) وأبو محمد بن شيبان العدل في " الفوائد " (2 / 222 / 2) وقال المنذري (2 / 116) :
رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن
ولا شك في حسن الحديث عندي فقد وجدت له طريقا اخرى عن ابن عباس
رواه الأزرقي في " أخبار مكة " (ص 35) عنه موقوفا عليه وإسناده يصلح للإستشهاد به كما بينته في كتابي الكبير " حجة الوداع " (ولم ينجز بعد)
ثم رواه الأزرقي (ص 38) من طريق محمد بن إسحاق قال: حدثني من لا أتهم عن عبد الله بن عباس به موقوفا. فهذا هو المعروف في هذا الحديث والله أعلم
وجملة القول أن الحديث ضعيف لا يطمئن القلب لصحته فإن صح فالجواب عنه
(73) - مخطوط في المكتبة الظاهرية بدمشق
(75) - مخطوط ناقص الأول والآخر محفوظ في المكتبة الظاهرية ومنه نسخة كاملة في مكتبة الحرم المكي
(74) - ثم رأيته قد توبع فقد وقفت على إسناد البزار للحديث في " زوائده " (ص 123 مصورة المكتب الإسلامي) فإذا هو يقول: حدثنا إبراهيم عن المستمر العروقي ثنا محمد ثنا إبراهيم بن طهمان به وقال البزار " تفرد به إبراهيم عن منصور ولا نعلمه عن ابن عمر باحسن من هذا إسنادا ". وهذه متابعة لا بأس بها العروقي بالقاف صدوق يغرب كما في التقريب ". فالعهدة في الحديث على ابن طهمان وجرى الهيثمي على ظاهر إسناده فقال في " زوائد البزار ": " قلت: هو إسناد صحيح ". ولعل قوله السابق " ورجاله ثقات " أدق لما ذكرنا من الغرابة ذلك لأن مثل هذه الكلمة لا تقتضي الصحة كما لا يخفى على من مارس هذه الصناعة لأن عدالة الر واة وثقتهم شرط واحد من شروط الصحة الكثيرة بل إن العالم لا يلجأ إلى هذه الكلمة معرضا عن التصريح بالصحة إلا لأنه يعلم أن في السند مع ثقة رجاله علةى تمنع من القول بصحته أو على الأقل لم يعلم تحقق الشروط الأخرى فيه فلذلك لم يصرح بصحته وهذه مسألة مهمة طالما غفل عنها المبتدئون في هذا العلم الشريف وغيرهم ولذلك نبهت عليها في مقدمة " تمام المنة على فقه السنة للسيد سابق "
هذا ولو كنت متحتجا بما ليس صوابا عندي لا حتججت على تصحيح بعض المعاصرين المقلدين للحديث بأن السيوطي ضعفه بالرمز إليه بالضعف في " الجامع الصغير " وقع ذلك في النسخة المطبوعة بمطبعة بولاق بمصر وفي النسخة التي عليها شرح المناوي وفي نسخة خطية في المكتبة الظاهرية (2329 عام) وغيرها ولكن لا أثق برموز (الجامع الصغير) لأسباب ذكرتها في المقدمة المذكورة آنفا ثم في مقدمته كتابي " صحيح الجامع الغير وزياداته " و " وضعيف الجامع الصغير وزياداته " (وقد تم طبعهما في المكتب الإسلامي ولكن على الرغم من ذلك فالتضعيف وارد عليهم لأنهم لا تحقيق عندهم بل هم مقلدون في كل شئ باعترافهم فغالب الظن أنهم يعتدون بتلك الرموز وعليه فالتضعيف المذكور حجة عليهم إن أنصفوا "
من الوجه الآتي وهو:
الثاني: أن الحديث ليس فيه أن القبور ظاهرة في مسجد الخيف وقد عقد
الأزرقي في تاريخ مكة (406 410) عدة فصول في وصف مسجد الخيف فلم يذكر أن فيه قبورا بارزة ومن المعلوم أن الشريعة إنما تبنى أحكامها على الظاهر فإذا ليس في المسجد المذكور قبور ظاهرة فلا محظور في الصلاة فيه البتة لأن القبور مندرسة ولا يعرفها أحد بل لولا هذا الخبر الذي عرفت ضعفه لم يخطر في بال أحد أن في أرضه
سبعين قبرا ولذلك لا يقع فيه تلك المفسدة التي تقع عادة في المساجد المبنية على القبور
الظاهرة والمشرفة
الجواب عن الشبهة الرابعة
وأما ما ذكر في بعض الكتب أن قبر إسماعيل عليه السلام وغيره في الحجر من المسجد
الحرام وهو أفضل مسجد يتحرى فيه فالجواب:
لا شك أن المسجد الحرام أفضل المساجد والصلاة فيه بمائة ألف صلاة [76] ولكن هذه الفضيلة أصلية فيه منذ رفع قواعده إبراهيم مع ابنه اسماعيل عليهما السلام ولم تطرأ هذه الفضيلة عليه بدفن إسماعيل عليه السلام فيه لو صح أنه دفن فيه ن ومن زعم خلاف ذلك فقد ضل ضلالا بعيدا وجاء بما لم يقله أحد من السلف الصالح Bهم ولا جاء به حديث تقوم الحجة به
فإن قيل: لا شك فيما ذكرت ودفن إسماعيل فيه لا يخالف ذلك ولكن ألا يدل هذا على الأقل على عدم كراهية الصلاة في المسجد الذي فيه قبر؟ [76] - وقد خرجت بعض الأحاديث الواردة في ذلك في " إرواء الغليل " (971 و 1129)
نام کتاب : تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد نویسنده : الألباني، ناصر الدين جلد : 1 صفحه : 68