- هـ -
من يراه سنة، وآخر يراه بدعة، وهكذا ... كما هو الشأن في كثير من المسائل الاخرى، في أكثر أبواب الشريعة، مصداقا لقول الله تعالى { .. وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ .. } [هود: 118، 119].
لذلك كان لابد قبل كل شئ من جمع مفردات مسائل " الجنائز " ثم دراستها دراسة دقيقة، وتتبع أدلة المختلف عليه منها، ونقدها على ضوء علمي " أصول الحديث " و " أصول الفقه "، واختيار الراجح منها، دون أي تحيز لمذهب معين، أو تأثر بعادة سيطرت حتى صارت كأنها دين يجب أن يتبع! ومما لا يخفى على أهل العلم الذين مارسوا التأليف أن تحقيق مثل هذا العمل، يتطلب سعيا حثيثا، وجهدا بليغا وصبرا جميلا، وزمنا مديدا، وبعد إنجازه يمكن تأليف الرسالة المطلوبة بصورة تطمئن إليها النفس وينشرح لها الصدر، ويعظم بها النفع.
لذلك فقد ذكرت للاخ المشار إليه خلاصة هذا معتذرا، فقبل عذري جزاء الله خيرا، ولكنه عاد يطلب مني الشروع في هذا العمل، وحضني عليه، وبالغ فيه راجيا منه خيرا كثيرا.
فاستخرت الله تعالى، وانكببت على الدراسة، والمراجعة، قرابة ثلاثة أشهر، أعمل فيها ليلا نهارا، إلا ما لابد منه من العمل في مهنتي، والنوم الذي لا غنى عنه لراحة جسمي، حتى تمكنت من إعداد هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ الكريم.
ولقد كان يتطلب من الوقت أكثر مما قدر له، لولا أن قسما كبيرا من مسائله وأحاديثه قد كان محققا عندي في بعض تصانيفي، ولذلك تراني أحيل عليها في بعض المواطن منه.