responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نوادر الأصول في أحاديث الرسول نویسنده : الترمذي، الحكيم    جلد : 1  صفحه : 108
فَأَما عِيَاله فقد كَانَ يبْعَث إِلَيْهِم بِمَا يبْقى عِنْدهم أَيَّامًا فَأَما أم اسماعيل فَإِن فعلهَا كَانَ فِي حَال الضَّرُورَة فَلَمَّا زَالَت الضَّرُورَة أَخَذتهَا عجلة النَّفس فَجَعَلته فِي الْوِعَاء فَامْتنعَ مَا ظهر فَانْقَطع المدد وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك بدؤه من الْكِرَام فَلَو تَلقاهُ كرم الْآدَمِيَّة لَكَانَ شكرا والشاكر يسْتَحق الْمَزِيد ولكان يجْرِي وَلَا يَنْقَطِع المدد وَلكنهَا تَلَقَّتْهُ بلؤم النَّفس فَإِن النَّفس لئيمة فتراجع الْكَرم وَأعْرض موليا لما لم يجد لَهُ قَابلا يحسن قبُوله وَكَانَت تِلْكَ عين سوغ الله عز وَجل لَهَا مخرجها من الْجنَّة إِلَى تِلْكَ الْبقْعَة من دَار الدُّنْيَا وَبعث جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَكَانَت مِنْهُ هزمة بعقبه فانبعث المَاء فَكَانَ ذَلِك من كرم رَبنَا عاملها على بغيتها فَكَانَ اللَّائِق بِهَذَا الْفِعْل أَن تَأْخُذ مِنْهَا حَاجَتهَا على تؤدة وإناءة وسعة صدر وحياء وتكرم وتعفف وَتَذَر مَا بَقِي بَين يَدي من أجراه حَتَّى تنظر مَا يدبر فِيهِ فَلَمَّا عجلت وَأخذت تدبر لنَفسهَا فعلت فعلا غير لَائِق بكرم رَبنَا عز اسْمه وجلت قدرته وَرَحمته
وَمِثَال ذَلِك فِي الْآدَمِيّين مَوْجُود فِيمَا بَينهم فَلَو أَن ملكا من مُلُوك الدُّنْيَا نظر إِلَيْك فِي وَقت حَاجَتك إِلَى شَيْء فرحمك كَأَنَّهُ رآك جائعا فَهَيَّأَ لَك مائدة عَلَيْهَا ألوان الطَّعَام لتأْخذ مِنْهَا حَاجَتك فَجعلت تَأْكُل لقْمَة وتضع لقْمَة تَحت الْمَائِدَة تخزنها لنَفسك أَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يضعك عِنْده وَلَو نظر إِلَيْك وَقت حَاجَتك إِلَى كسْوَة فَفتح عَلَيْك بَاب خزانته لتكتسي مِنْهَا كسوتك فَرفعت مِنْهَا كسوتك ثمَّ مددت يدك بالعجلة والحرص إِلَى أَثوَاب لتخزنها فَرفعت مِنْهَا فِي بَيْتك وعندك أَلَيْسَ ذَلِك مِمَّا يضعك عِنْده وأريته من نَفسك أَنَّك اتهمته على نَفسك فَأَنت إِذا نطقت وَقلت أَنْت خير لي من نَفسِي ألم يكن يضع ذَلِك القَوْل مِنْك على الهذيان وَيَقُول فِي نَفسه فَإِن كنت أَنا خيرا لَك من نَفسك فَمَا الَّذِي حملك على أَن مددت يدك إِلَى مَا لَا تحْتَاج إِلَيْهِ من الفضول تُرِيدُ أَن تخزنه لنَفسك دوني فَإِذا كَانَ هَذَا سمجا قبيجا عِنْد مُلُوك الدُّنْيَا فَكيف بِمن يُعَامل رب الْعَالمين بِمثل هَذَا فَكلما أَعْطَاك من الدُّنْيَا شَيْئا فتناولته

نام کتاب : نوادر الأصول في أحاديث الرسول نویسنده : الترمذي، الحكيم    جلد : 1  صفحه : 108
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست