لَا فِي الْحِكَايَةِ، وَالْمَحْكِيُّ قَدْ يَكُونُ خَاصًّا، وَأَيْضًا فَالْقَضَاءُ لَهُ مَعَانٍ، أَقْرَبُهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَصْلُ الْخُصُومَاتِ وَهَذَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْخُصُوصُ، إذْ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْحُكْمُ بِكُلِّ شَاهِدٍ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، بَلْ إنَّمَا يُقْضَى بِشَاهِدٍ خَاصٍّ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الرَّاوِي قَدْ اعْتَمَدَ عَلَى قَرِينَةِ الْحَالِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ حَقِيقَةُ الْجِنْسِ، لَا اسْتِغْرَاقُ الْجِنْسِ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ عليه السلام قَضَى بِجِنْسِ الشَّاهِدِ، وَجِنْسِ الْيَمِينِ. وَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِمَا وَقَعَ فِي التِّرْمِذِيِّ، وَسُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيّ[1] أَنَّهُ عليه السلام قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ[2] عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَيَمِينِ صَاحِبِ الْحَقِّ، وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ[3] عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِي الْحَقِّ بِشَاهِدَيْنِ، فَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ أَخَذَ حَقَّهُ، وَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ".
بَقِيَّةُ أَحَادِيثِ الْخُصُومِ: فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْقَضَاءِ[4] وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي الْأَحْكَامِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بلال عن ربيعة بإسناده نَحْوِهِ، وَزَادَ فِيهِ: قَالَ سُلَيْمَانُ: فَلَقِيت سُهَيْلًا فَسَأَلْته عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: مَا أَعْرِفُهُ، فَقُلْت: إنَّ رَبِيعَةَ أَخْبَرَنِي بِهِ عَنْك، فَقَالَ: إنْ كَانَ رَبِيعَةُ أَخْبَرَك بِهِ عَنِّي، فَحَدِّثْ بِهِ عَنْ رَبِيعَةَ عَنِّي، قَالَ: وَكَانَ سُهَيْلُ أَصَابَتْهُ عِلَّةٌ أَذْهَبَتْ بَعْضَ عَقْلِهِ، وَنَسِيَ بَعْضَ حَدِيثِهِ، فَكَانَ سُهَيْلٌ بَعْدُ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ، انْتَهَى. [1] عند الترمذي في الأحكام باب ما جاء في اليمين مع الشاهد ص 172 ج 1 من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، وعند البيهقي في السنن باب القضاء باليمين مع الشاهد ص 167 ج 10 من حديث ابن عباس، وعند الدارقطني في الأقضية ص 515 ج 2 من حديث جابر مرفوعاً، ومن حديث علي بن أبي طالب مرفوعاً، ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً، كما سيأتي في التخريج، ومن حديث طاوس عن ابن عباس مرفوعاً في: ص 516. [2] عند البيهقي في الأقضية ص 170 ج 10، وعند الدارقطني: ص 515 ج 2. [3] عند الدارقطني في الأقضية ص 515 ج 2. [4] في باب القضاء باليمين والشاهد ص 152 ج 2 عن الدراوردي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن بلال عن ربيعة، الخ. وعند الترمذي في الأحكام باب ما جاء في اليمين مع الشاهد ص 172 ج 1، وعند ابن ماجه في الأحكام باب القضاء بالشاهد واليمين ص 173 ج 2.