responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نصب الراية نویسنده : الزيلعي ، جمال الدين    جلد : 4  صفحه : 267
فِيهِ وَالْبَادِ} ؟ فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ: اقْرَأْ أَوَّلَ الْآيَةِ {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ، سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} ، إذْ لَوْ كَانَ كَمَا تَزْعُمُ، لَمَا جَازَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْشُدَ فِيهَا ضَالَّةً، وَلَا يَنْحَرَ فِيهَا بَدَنَةً، وَلَا يَدَعَ فِيهَا الْأَرْوَاثَ، وَلَكِنْ هَذَا افي الْمَسْجِدِ خَاصَّةً، قَالَ: فَسَكَتَ إسْحَاقُ، انْتَهَى. وَبِحَدِيثِ: "هَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا"، اسْتَدَلَّ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَلَى جَوَازِ إجَارَةِ بُيُوتِ مَكَّةَ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ[1] مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ: أَلَا تَنْزِلُ مَنْزِلَكَ مِنْ الشِّعْبِ؟ قَالَ: "فَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا"، وَكَانَ عَقِيلٌ قَدْ بَاعَ مَنْزِلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْزِلَ إخْوَتِهِ مِنْ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ بِمَكَّةَ، فَقِيلَ لَهُ: فَانْزِلْ فِي بَعْضِ بُيُوتِ مَكَّةَ فَأَبَى، وَقَالَ: "لَا أَدْخُلُ الْبُيُوتَ"، فَلَمْ يَزَلْ مُضْطَرِبًا بِالْحَجُونِ، لَمْ يَدْخُلْ بَيْتًا، وَكَانَ يَأْتِي إلَى الْمَسْجِدِ مِنْ الْحَجُونِ، انْتَهَى.
وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ: وَقَدْ اشْتَرَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الدُّورَ مِنْ النَّاسِ الَّذِينَ ضَيَّقُوا الْكَعْبَةَ، وَأَلْصَقُوا دُورَهُمْ بِهَا، ثُمَّ هَدَمَهَا، وَبَنَى الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ كَانَ عُثْمَانُ، فَاشْتَرَى دُورًا بِأَغْلَى ثَمَنٍ، وَزَادَ فِي سِعَةِ الْمَسْجِدِ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رِبَاعَ مَكَّةَ مَمْلُوكَةٌ لِأَهْلِهَا بَيْعًا وَشِرَاءً، إذَا شَاءُوا، انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ فِي سِيرَتِهِ عُيُونُ الْأَثَرِ: وَهَذَا الْخِلَافُ هُنَا يُبْتَنَى عَلَى خِلَافٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ مَكَّةَ هَلْ فُتِحَتْ عَنْوَةً، أَوْ أُخِذَتْ بِالْأَمَانِ؟ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهَا مُؤَمَّنَةٌ، وَالْأَمَانُ كَالصُّلْحِ يَمْلِكُهَا أهلها، فيجوز لهم كراءها وبيعها وشراءها، لِأَنَّ الْمُؤَمَّنَ يَحْرُمُ دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِيَالُهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يُقَاتِلُوا إلَّا مَنْ قَاتَلَهُمْ، وَقَالَ: "مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ، فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ" إلَّا الَّذِينَ اسْتَثْنَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ، وَإِنْ وُجِدُوا مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، وَذَكَرَ الطَّبَرَانِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَّهَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا إلَى مَكَّةَ، وَقَالَ: "مَنْ دَخَلَ دَارَ حَكِيمٍ، فَهُوَ آمِنٌ وَهِيَ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ، فَهُوَ آمن وهي بأعلا مَكَّةَ"، فَكَانَ هَذَا أَمَانًا مِنْهُ لِكُلِّ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَكْثَرُ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً، لِأَنَّهَا أُخِذَتْ بِالْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ فِي مَكَّةَ، أَنَّهَا مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ فِيهَا قَسْمٌ، وَلَا غَنِيمَةٌ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ أَهْلِهَا أُخِذَ لِمَا عَظَّمَ اللَّهُ مِنْ حُرْمَتِهَا، قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَالْأَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا بَلْدَةٌ مُؤَمَّنَةٌ، آمَنَ أَهْلَهَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَتْ

[1] عند مسلم في الحج في باب نزول الحاج بمكة وتوريث دورها ص 436 ج 1، وعند البخاري في الحج ص 216، وفي الجهاد ص 430 ج 1، وفي المغازي ص 14 ج 2.
نام کتاب : نصب الراية نویسنده : الزيلعي ، جمال الدين    جلد : 4  صفحه : 267
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست