بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "لَا يَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِي هِبَتِهِ، إلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يَهَبُ لِوَلَدِهِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ[1] عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا، إلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَمَثَلُ االذي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا، كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ، فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ، ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ السَّابِعِ وَالثَّمَانِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي عَدَالَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، إنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي سَمَاعِ أَبِيهِ مِنْ جَدِّهِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، والدارقطني فِي سُنَنِهِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ. وَابْنُ مَاجَهْ[2] عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لَا يَرْجِعُ فِي هِبَتِهِ إلَّا الْوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ زَادَ النَّسَائِيُّ: وَالْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ، كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ"، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ[3]: هَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيه عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَرَوَاهُ حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ عَامِرٌ الْأَحْوَلُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَلَعَلَّ [1] عند أبي داود في البيوع باب الرجوع في الهبة ص 143 ج 2، وعند الترمذي باب ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة ص 36 ج 2، وفي المستدرك في البيوع ص 46 ج 2. [2] عند ابن ماجه في الأحكام باب من أعطى ولده، ثم رجع فيه ص 173، وعند النسائي في الهبة باب رجوع الوالد فيما يعطي ولده ص 136 ج 2. [3] قلت: ومثله قال الدارقطني في السنن عقيب حديث عامر الأحول في البيوع ص 307: تابعه إبراهيم بن طهمان، وعبد الوارث عن عامر الأحول، ورواه أسامة بن زيد، والحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في العائد في الهبة دون ذكر الوالد يرجع في هبته، انتهى. قلت: حديث أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عند أبي داود في باب الرجوع في الهبة ص 143 ج 2، وحديث حجاج عن أبي الزبير عن عمرو بن شعيب، عند النسائي في الهبة ص 137 ج 2، وحديث الحسن بن مسلم عن طاوس مرسلاً، عند النسائي أيضاً في الهبة ص 137 ج 2.