قَالَ: لأن الناكح لَوْ لَمْ يُحِلَّهَا لَهُ لَمَا جَرَى الْإِحْصَانُ عَلَيْهِمَا، انْتَهَى. وَحَدِيثُ الْيَهُودِيَّيْنِ صَحِيحٌ ثَابِتٌ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ [1] مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَسَيَأْتِي فِي "الْحُدُودِ".
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ [2] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ، لَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا، انْتَهَى. وَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ: بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ: بَعْدَ سَنَتَيْنِ، وَرِوَايَتَانِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا بَأْسَ بِإِسْنَادِهِ، وَسَمِعْت عَبْدَ بْنَ حُمَيْدٍ يَقُولُ: سَمِعْت يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا أَجْوَدُ إسْنَادًا مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ عليه السلام رَدَّهَا لَهُ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، وَلَكِنْ لَا يُعْرَفُ وَجْهُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَعَلَّهُ جَاءَ مِنْ دَاوُد بْنِ حُصَيْنٍ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْمَذْكُورُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، زَادَ التِّرْمِذِيُّ: وَمَهْرٍ جَدِيدٍ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَلَفْظُهُ: قَالَ: أَسْلَمَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ بِسَنَةٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ أَبُو الْعَاصِ فَرَدَّهَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، انْتَهَى. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إنْ صَحَّ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عِدَّتُهَا تَطَاوَلَتْ - لِاعْتِرَاضِ سَبَبٍ - حَتَّى بَلَغَتْ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ، وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ضَعِيفٌ بِالْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، فَإِنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالتَّدْلِيسِ، وَحُكِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَسْمَعْهُ الْحَجَّاجُ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ": حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ[3]، وَلَا أَعْلَمُ رَوَاهُ مَعَهُ إلَّا مَنْ هُوَ دُونَهُ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ [1] عند البخاري في مواضع: منها في "الحدود - باب أحكام أهل الذمة" ص 1011 - ج 2، وعند مسلم في "الحدود" ص 69 - ج 2. [2] عند الترمذي "باب ما جاء في الزوجين المشركين يسلم أحدهما" ص 147 - ج 1، والمخرج تصرف في كلام الترمذي بعض تصرف، وعند ابن ماجه "باب الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر" ص 146، وعند أبي داود "باب إلى متى ترد عليه امرأته إذا أسلم بعدها" ص 304 - ج 1، وفي "المستدرك" من حديث ابن عباس: ص 200 - ج 2. [3] ومحصل ما قال صاحب "الجوهر النقي" ص 188 - ج 7، قلت: في حديث ابن عباس أشياء: منها أن ابن إسحاق فيه كلام، ومنها أن داود بن الحصين فيه لين، قال ابن المديني: ما رواه عن عكرمة فهو منكر، وقال أبو داود: أحاديثه عن عكرمة، ذكر ذلك الذهبي في "الميزان" ثم قال: أخرجه الترمذي، وقال: لا يعرف وجهه، لعله جاءه من قبل حفظ داود بن الحصين، وكيفما كان فخبر ابن عباس متروك لا يعمل به عند الجميع، وحديث عبد الله بن عمرو في ردها بنكاح جديد تعضده الأصول، وذكر في "الاستذكار" ردها بنكاح جديد، ثم قال: وكذا قال الشعبي، - مع علمه بالمغازي أنه لم يردها إليه إلا بنكاح جديد، وتبين بهذا كله أن قول ابن عباس ردها إليه على النكاح الأول =