طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [1] عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ سَمِعْت الْقَاسِمَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ لِلْعِتْقِ، فَاشْتَرَطُوا وَلَاءَهَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ"، وَأُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحْمٌ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ: " هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ"، وَخُيِّرَتْ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ سَأَلْته عَنْ زَوْجِهَا، فَقَالَ: لَا أَدْرِي، انْتَهَى. وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي "الْهِبَةِ"[2]، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: زَوْجُهَا حُرٌّ، قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ سَأَلْته عَنْ زَوْجِهَا، فَقَالَ: لَا أَدْرِي، أَحُرٌّ أَمْ عَبْدٌ؟، مُخْتَصَرٌ [3].
أحاديث فِي أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا: أَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ - إلَّا مُسْلِمًا - عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا، يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ: "يَا عَبَّاسُ، أَلَا تَعْجَبُ مِنْ شِدَّةِ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ شِدَّةِ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا؟ " فَقَالَ لَهَا عليه السلام: "لَوْ رَاجَعْتِيهِ؟ " قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَأْمُرُنِي بِهِ؟ فَقَالَ عليه السلام: "إنَّمَا أَنَا شَافِعٌ"، قَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الْخُلْعِ"4، [1] عند مسلم في "العتاق" ص 494 - ج 1. [2] عند البخاري في "الهبة - باب قبول الهدية" ص 350. [3] قال البيهقي: ص 220 - ج 7: وقد رواه سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن القاسم، فأثبت عنه كون زوجها عبداً، قال صاحب "الجوهر النقي": قلت: شعبة إمام جليل حافظ، وقد روي عن عبد الرحمن أنه كان حراً، فلا يضره نسيان عبد الرحمن وتوقفه، وقد ذكر البيهقي في "كتاب المعرفة - في باب لا نكاح إلا بولي" أن مذهب أهل العلم بالحديث وجوب قبول خبر الصادق، وإن نسي من أخبره عنه، وكيف يعارض شعبة بسماك مع كونه متكلماً فيه، فضعفه الثوري، وابن أبي خيثمة، وأحمد، وعبد الرحمن بن يوسف، وابن المبارك، وشعبة، انتهى مختصراً. وقال ابن الهمام في "الفتح" ص 495 - ج 2: ومنشأ الخلاف الاختلاف في ترجيح إحدى الروايتين المتعارضتين في زوج بريرة، أكان حين أعتقت حراً أو عبداً، وفي ترجيح المعنى المعلل به، أما الأول فثبت في "الصحيحين" من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيرها، وكان زوجها عبداً، ولم تختلف الروايات عن ابن عباس، أنه كان عبداً، وثبت في "الصحيحين" أنه كان حراً حين أعتقت، وهكذا روي في "السنن الأربعة" وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، والترجيح يقتضي في رواية عائشة ترجيح أنه كان حراً، وذلك أن رواة هذا الحديث عن عائشة ثلاثة: الأسود، وعروة، والقاسم، فأما الأسود فلم يختلف فيه عن عائشة أنه كان حراً، وأما عروة فعنه روايتان صحيحتان: إحداهما: أنه كان حراً، والأخرى أنه كان عبداً، وأما عبد الرحمن بن القاسم فعنه أيضاً روايتان صحيحتان: إحداهما: أنه كان حراً، والأخرى الشك، انتهى. وروى عبد الرزاق عن سعيد ابن المسيب أنه كان حراً، كما في "الجوهر".
4 عند البخاري في "الخلع - باب شفاعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في زوج بريرة" ص 295 - ج 2، وعند الترمذي في "الرضاع - باب ما جاء في الأمة تعتق ولها زوج" ص 149 - ج 1، وعند أبي داود "باب المملوكة تعتق وهي تحت حر وعبد" ص 303 - ج 1، وعن ابن ماجه "باب خيار الأمة إذا أعتقت" ص 151 - ج 1، وعند النسائي في "القضاء - باب شفاعة الحاكم للخصوم قبل الحكم" ص 310 - ج 2.