responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 8  صفحه : 342
بَابُ التَّشْدِيدِ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ بَعْدَهَا نُونٌ: أَيْ يُحِبُّونَ التَّوَسُّعَ فِي الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَهِيَ أَسْبَابُ السِّمَنِ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: الْمُرَادُ ذَمُّ مَحَبَّتِهِ وَتَعَاطِيهِ لَا مَنْ يُخْلَقُ كَذَلِكَ. وَقِيلَ الْمُرَادُ يَظْهَرُ فِيهِمْ كَثْرَةُ الْمَالِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَتَسَمَّنُونَ: أَيْ يَتَكَثَّرُونَ بِمَا لَيْسَ فِيهِمْ وَيَدَّعُونَ مَا لَيْسَ لَهُمْ مِنْ الشَّرَفِ، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ ذَلِكَ مُرَادًا، وَقَدْ وَرَدَ فِي لَفْظٍ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ بِلَفْظِ «ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ مُتَسَمِّنُونَ وَيُحِبُّونَ السِّمَنَ» قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي تَعَاطِي السِّمَنِ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَهُوَ أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ خَبَرُ الْبَابِ. وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مَذْمُومًا لِأَنَّ السَّمِينَ غَالِبًا يَكُونُ بَلِيدَ الْفَهْمِ ثَقِيلًا عَنْ الْعِبَادَةِ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ
قَوْلُهُ: «وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ» يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّحَمُّلُ بِدُونِ تَحْمِيلٍ، أَوْ الْأَدَاءُ بِدُونِ طَلَبٍ. قَالَ الْحَافِظُ: وَالثَّانِي أَقْرَبُ. وَأَحَادِيثُ الْبَابِ مُتَعَارِضَةٌ. فَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ، وَحَدِيثُ عِمْرَانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ يَدُلَّانِ عَلَى كَرَاهَةِ ذَلِكَ. وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، فَبَعْضُهُمْ جَنَحَ إلَى التَّرْجِيحِ فَرَجَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ لِكَوْنِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَدَّمَهُ عَلَى حَدِيثِ عِمْرَانَ لِكَوْنِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَبَالَغَ فَزَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ عِمْرَانَ الْمَذْكُورَ لَا أَصْلَ لَهُ. وَجَنَحَ غَيْرُهُ إلَى تَرْجِيحِ حَدِيثِ عِمْرَانَ لِاتِّفَاقِ صَاحِبَيْ الصَّحِيحِ عَلَيْهِ وَانْفِرَادِ مُسْلِمٍ بِإِخْرَاجِ حَدِيثِ زَيْدٍ
وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى الْجَمْعِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِحَدِيثِ زَيْدٍ مَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ لِإِنْسَانٍ بِحَقٍّ لَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا، فَيَأْتِي إلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ بِهَا أَوْ يَمُوتُ صَاحِبُهَا الْعَالِمُ بِهَا وَيَخْلُفُ وَرَثَةً فَيَأْتِي الشَّاهِدُ إلَى وَرَثَتِهِ فَيُعْلِمُهُمْ بِذَلِكَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ. وَبِهِ أَجَابَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ شَيْخُ مَالِكٍ وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمَا. ثَانِيهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِحَدِيثِ زَيْدٍ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَهِيَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ الْمُخْتَصَّةِ بِهِمْ مَحْضًا، وَيَدْخُلُ فِي الْحِسْبَةِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اللَّهِ أَوْ فِيهِ شَائِبَةٌ مِنْهُ الْعَتَاقُ وَالْوَقْفُ وَالْوَصِيَّةُ الْعَامَّةُ وَالْعِدَّةُ وَالطَّلَاقُ وَالْحُدُودُ وَنَحْوُ ذَلِكَ
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِحَدِيثِ زَيْدٍ الشَّهَادَةُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ وَبِحَدِيثِ عِمْرَانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ الشَّهَادَةُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ. ثَالِثُهَا: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِجَابَةِ إلَى الْأَدَاءِ فَيَكُونَ لِشِدَّةِ اسْتِعْدَادِهِ لَهَا كَاَلَّذِي أَدَّاهَا قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا، وَهَذِهِ الْأَجْوِبَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ فَيَخُصُّ ذَمَّ مَنْ يَشْهَدُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ بِمَنْ ذَكَرَ مِمَّنْ يُخْبِرُ بِشَهَادَتِهِ وَلَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى جَوَازِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ قَبْلَ السُّؤَالِ عَلَى ظَاهِرِ عُمُومِ حَدِيثِ زَيْدٍ، وَتَأَوَّلُوا حَدِيثَ عِمْرَانَ بِتَأْوِيلَاتٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ: أَيْ يُؤَدُّونَ شَهَادَةً لَمْ يَسْبِقْ لَهُمْ تَحَمُّلُهَا، وَهَذَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
ثَانِيهَا الْمُرَادُ بِهَا الشَّهَادَةُ فِي الْحَلِفِ يَدُلُّ عَلَيْهِ

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 8  صفحه : 342
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست