responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 7  صفحه : 35
بَابُ النَّهْي عَنْ الِاقْتِصَاصِ فِي الطَّرَفِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ: إنَّ مَنْ قَصَدَ النَّظَرَ إلَى مَكَان لَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنٍ جَازَ لِلْمَنْظُورِ إلَى مَكَانِهِ أَنْ يَفْقَأَ عَيْنَهُ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلَا دِيَةَ لِلتَّصْرِيحِ بِذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الْآخِرِ، وَلِقَوْلِهِ " فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ " وَمُقْتَضَى الْحِلِّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَلِقَوْلِهِ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ ".
وَإِيجَابُ الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ جُنَاحٌ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَذْكُورَ " لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ طَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ " يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى مُقْتَضَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ. وَخَالَفَتْ الْمَالِكِيَّةُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فَقَالَتْ: إذَا فَعَلَ صَاحِبُ الْمَكَانِ بِمَنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ مَا أَذِنَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ وَسَاعَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَغَايَةُ مَا عَوَّلُوا عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ إنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تُدْفَعُ بِمِثْلِهَا، وَهَذَا مِنْ الْغَرَائِبِ الَّتِي يَتَعَجَّبُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى التَّمَسُّكِ بِمِثْلِهَا فِي مُقَابَلَةِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، فَإِنَّ كُلَّ عَالِمٍ يَعْلَمُ أَنَّ مَا أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ، فَكَيْفَ يُجْعَلُ فَقْءُ عَيْنِ الْمُطَّلِعِ مِنْ بَابِ مُقَابَلَةِ الْمَعَاصِي بِمِثْلِهَا. وَمِنْ جُمْلَةِ مَا عَوَّلُوا عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ إنَّ الْحَدِيثَ وَارِدٌ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيظِ وَالْإِرْهَابِ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِالْمَنْعِ، وَالسَّنَدُ أَنَّ ظَاهِرَ مَا بَلَغَنَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحْمُولٌ عَلَى التَّشْرِيعِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ، وَقَدْ تَخَلَّصَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مُؤَوَّلٌ بِالْإِجْمَاعِ، عَلَى أَنَّ مَنْ قَصَدَ النَّظَرَ إلَى عَوْرَةِ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُبِيحًا لِفَقْءِ عَيْنِهِ وَلَا سُقُوطِ ضَمَانِهَا.
وَيُجَابُ أَوَّلًا بِمَنْعِ الْإِجْمَاعِ، وَقَدْ نَازَعَ الْقُرْطُبِيُّ فِي ثُبُوتِهِ وَقَالَ: إنَّ الْحَدِيثَ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مُطَّلِعٍ، قَالَ: لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ لِمَظِنَّةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَةِ فَبِالْأَوْلَى نَظَرُهَا الْمُحَقَّقُ وَلَوْ سَلِمَ الْإِجْمَاعُ الْمَذْكُورُ لَمْ يَكُنْ مُعَارِضًا لِمَا وَرَدَ بِهِ الدَّلِيلُ لِأَنَّهُ فِي أَمْرٍ آخَرَ، فَإِنَّ النَّظَرَ إلَى الْبَيْتِ رُبَّمَا كَانَ مُفْضِيًا إلَى النَّظَرِ إلَى الْحُرُمِ وَسَائِرِ مَا يَقْصِدُ صَاحِبُ الْبَيْتِ سَتْرَهُ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ. وَفَرَّقَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بَيْنَ مَنْ كَانَ مِنْ النَّاظِرِينَ فِي الشَّارِعِ وَفِي خَالِصِ مِلْكِ الْمَنْظُورِ إلَيْهِ. وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ بَيْنَ مَنْ رَمَى النَّاظِرَ قَبْلَ الْإِنْذَارِ وَبَعْدَهُ. وَظَاهِرُ أَحَادِيثِ الْبَابِ عَدَمُ الْفَرْقِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَفَاصِيلَ وَشُرُوطًا وَاعْتِبَارَاتٍ يَطُولُ اسْتِيفَاؤُهَا وَغَالِبُهَا مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَعَاطِلٌ عَنْ دَلِيلٍ خَارِجٍ عَنْهُ، وَمَا كَانَ هَذَا سَبِيلُهُ فَلَيْسَ فِي الِاشْتِغَالِ بِبَسْطِهِ وَرَدِّهِ كَثِيرُ فَائِدَةٍ، وَبَعْضُهَا مَأْخُوذٌ مِنْ فَهْمِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا بُدّ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُ الْإِرَادَة وَاضِحَ الِاسْتِفَادَةِ، وَبَعْضُهَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْقِيَاسِ وَشَرْطُ تَقْيِيدِ الدَّلِيلِ بِهِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا مُعْتَبَرًا عَلَى سُنَنِ الْقَوَاعِدِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْأُصُولِ.

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 7  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست