responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 7  صفحه : 211
عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: قَالَتْ: فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أَخْرَجْته؟ قَالَ: " لَا ")
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (حَتَّى إنَّهُ لَيُخَيَّلُ إلَيْهِ. . . إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ الْمَازِرِيُّ: مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَجُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ: إثْبَاتُ السِّحْرِ وَأَنَّ لَهُ حَقِيقَةً كَحَقِيقَةِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ حَقِيقَتَهُ، وَأَضَافَ مَا يَقَعُ مِنْهُ إلَى خَيَالَاتٍ بَاطِلَةٍ لَا حَقَائِقَ لَهَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ مِمَّا يُتَعَلَّمُ وَذَكَرَ مَا فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مِمَّا يَكْفُرُ بِهِ وَأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ لَا يُمْكِنُ فِيمَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مُصَرِّحٌ بِإِثْبَاتِهِ وَأَنَّهُ أَشْيَاءُ دُفِنَتْ وَأُخْرِجَتْ، وَهَذَا كُلُّهُ يُبْطِلُ مَا قَالُوهُ، فَإِحَالَةُ كَوْنِهِ مِنْ الْحَقَائِقِ مُحَالٌ.
وَلَا يُسْتَنْكَرُ فِي الْعَقْلِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَخْرِقُ الْعَادَةَ عِنْدَ النُّطْقِ بِكَلَامٍ أَوْ تَرْكِيبِ أَجْسَامٍ أَوْ الْمَزْجِ بَيْنَ قُوَى عَلَى تَرْتِيبٍ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا السَّاحِرُ، وَإِذَا شَاهَدَ الْإِنْسَانُ بَعْضَ الْأَجْسَامِ مِنْهَا قَاتِلَةٌ كَالسُّمُومِ، وَمِنْهَا: مُسْقِمَةٌ كَالْأَدْوِيَةِ الْحَادَّةِ، وَمِنْهَا: مُضِرَّةٌ كَالْأَدْوِيَةِ الْمُضَادَّةِ لِلْمَرَضِ لَمْ يَسْتَبْعِدْ عَقْلُهُ أَنْ يَنْفَرِدَ السَّاحِرُ بِعِلْمِ قُوًى قَتَّالَةٍ أَوْ كَلَامٍ مُهْلِكٍ أَوْ مُؤَدٍّ إلَى التَّفْرِقَةِ. قَالَ: وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ الْمُبْتَدِعَةِ هَذَا الْحَدِيثَ بِسَبَبٍ آخَرَ، فَزَعَمَ أَنَّهُ يَحُطُّ مَنْصِبَ النُّبُوَّةِ وَيُشَكِّكُ فِيهَا، وَأَنَّ تَجْوِيزَهُ يَمْنَعُ الثِّقَةَ بِالشَّرْعِ. قَالَ: وَهَذَا الَّذِي ادَّعَاهُ هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعَةُ بَاطِلٌ، لِأَنَّ الدَّلَائِلَ الْقَطْعِيَّةَ قَدْ قَامَتْ عَلَى صِدْقِهِ وَعِصْمَتِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّبْلِيغِ وَالْمُعْجِزَةُ شَاهِدَةٌ بِذَلِكَ، وَتَجْوِيزُ مَا قَامَ الدَّلِيلُ بِخِلَافِهِ بَاطِلٌ. فَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِبَعْضِ أُمُورِ الدُّنْيَا الَّتِي لَمْ يُبْعَثْ بِسَبَبِهَا وَلَا كَانَ مُفَضَّلًا مِنْ أَجْلِهَا وَهُوَ مِمَّا يَعْرِضُ لِلْبَشَرِ فَغَيْرُ بَعِيدٍ أَنْ يُخَيَّلَ إلَيْهِ أَنَّهُ وَطِئَ زَوْجَاتِهِ وَلَيْسَ بِوَاطِئٍ، وَقَدْ يَتَخَيَّلُ الْإِنْسَانُ مِثْلَ هَذَا فِي الْمَنَامِ فَلَا يَبْعُدُ تَخَيُّلُهُ فِي الْيَقَظَةِ وَلَا حَقِيقَةَ لَهُ.
وَقِيلَ: إنَّهُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَهُ وَمَا فَعَلَهُ، وَلَكِنْ لَا يَعْتَقِدُ صِحَّةَ مَا تَخَيَّلَهُ، فَتَكُونُ اعْتِقَادَاتُهُ عَلَى السَّدَادِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَقَدْ جَاءَتْ رِوَايَاتُ هَذَا الْحَدِيثِ مُبَيِّنَةً أَنَّ السِّحْرَ إنَّمَا تَسَلَّطَ عَلَى جَسَدِهِ وَظَوَاهِرِ جَوَارِحِهِ لَا عَلَى عَقْلِهِ وَقَلْبِهِ وَاعْتِقَادِهِ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: " حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ يَأْتِي أَهْلَهُ وَلَا يَأْتِيهِمْ " وَيُرْوَى " أَنَّهُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ ": أَيْ يَظْهَرُ لَهُ مِنْ نَشَاطِهِ وَمُتَقَدِّمِ عَادَتِهِ الْقُدْرَةُ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا دَنَا مِنْهُنَّ أَخَذَهُ السِّحْرُ فَلَمْ يَأْتِهِنَّ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ، وَكُلُّ مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَاتِ مِنْ أَنَّهُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ شَيْئًا وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَنَحْوُهُ فَمَحْمُولٌ عَلَى التَّخَيُّلِ بِالْبَصَرِ لَا بِخَلَلٍ تَطَرَّقَ إلَى الْعَقْلِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يُدْخِلُ لَبْسًا عَلَى الرِّسَالَةِ وَلَا طَعْنًا لِأَهْلِ الضَّلَالَةِ انْتَهَى.
قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ السِّحْرُ، وَلَهُمْ فِيهِ اضْطِرَابٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَزِيدُ تَأْثِيرُهُ عَلَى قَدْرِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِمَا يَكُونُ عِنْدَهُ وَتَهْوِيلًا لَهُ، فَلَوْ وَقَعَ بِهِ أَعْظَمُ مِنْهُ لَذَكَرَهُ، لِأَنَّ الْمَثَلَ لَا يُضْرَبُ عِنْدَ الْمُبَالَغَةِ إلَّا بِأَعْلَى أَحْوَالِ الْمَذْكُورِ قَالَ: وَمَذْهَبُ الْأَشْعَرِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 7  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست