responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 7  صفحه : 170
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQإجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى جَلْدِ الشَّارِبِ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِي الْعَدَدِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى ثُبُوتِ مُطْلَقِ الْجَلْدِ، وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْمُشَارِ إلَيْهِ الْجَوَابُ عَنْ بَعْضِ مَا تَمَسَّكُوا بِهِ. وَقَدْ ذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ لَهُ إلَى أَنَّ حَدَّ السَّكْرَانِ ثَمَانُونَ جَلْدَةً. وَذَهَبَ أَحْمَدُ وَدَاوُد وَأَبُو ثَوْرٍ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ إلَى أَنَّهُ أَرْبَعُونَ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَفَعَلَهَا عَلِيٌّ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ كَمَا سَلَفَ. وَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ عُمَرَ جَلَدَ ثَمَانِينَ بَعْدَمَا اسْتَشَارَ الصَّحَابَةَ كَمَا سَلَفَ، وَبِمَا سَيَأْتِي عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَفْتَى بِأَنَّهُ يُجْلَدُ ثَمَانِينَ، وَبِمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَدَ فِي الْخَمْرِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ بِجَرِيدَتَيْنِ»
وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَعْوَى إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ، فَإِنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِي ذَلِكَ قَبْلَ إمَارَةِ عُمَرَ وَبَعْدَهَا وَرَدَتْ بِهِ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الِاقْتِصَارُ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ بَلْ جَلَدَ تَارَةً بِالْجَرِيدِ وَتَارَةً بِالنِّعَالِ وَتَارَةً بِهِمَا فَقَطْ وَتَارَةً بِهِمَا مَعَ الثِّيَابِ وَتَارَةً بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ، وَالْمَنْقُولُ مِنْ الْمَقَادِيرِ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّخْمِينِ، وَلِهَذَا قَالَ أَنَسٌ: نَحْوَ أَرْبَعِينَ، وَالْجَزْمُ الْمَذْكُورُ فِي رِوَايَةِ عَلِيٍّ بِالْأَرْبَعِينَ يُعَارِضُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةٌ، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا وَرَدَ عَنْ الشَّارِعِ مِنْ الْأَفْعَالِ وَتَكُونُ جَمِيعُهَا جَائِزَةٌ فَأَيُّهَا وَقَعَ فَقَدْ حَصَلَ بِهِ الْجَلْدُ الْمَشْرُوعُ الَّذِي أَرْشَدَنَا إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفِعْلِ وَالْقَوْلِ كَمَا فِي حَدِيثِ «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ» وَسَيَأْتِي، فَالْجَلْدُ الْمَأْمُورُ بِهِ هُوَ الْجَلْدُ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ الصَّحَابَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا دَلِيلَ يَقْتَضِي تَحَتُّمَ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ.
لَا يُقَالُ: الزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهَا وَهِيَ رِوَايَةُ الثَّمَانِينَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هِيَ زِيَادَةٌ شَاذَّةٌ لَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا ابْنُ دِحْيَةَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ وَهَجُ الْجَمْرِ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ: صَحَّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَكْتُبَ فِي الْمُصْحَفِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَدَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ» . وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ: إنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ ابْنُ دِحْيَةَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَحَكَى ابْنُ الطَّلَّاعِ أَنَّ فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَدَ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ» وَوَرَدَ مِنْ طَرِيقٍ لَا تَصِحُّ أَنَّهُ جَلَدَ ثَمَانِينَ انْتَهَى.
وَهَكَذَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِجَلْدِ الشَّارِبِ أَرْبَعِينَ» فَإِنَّهُ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: سَأَلَ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَلْ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنْهُ وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي يَجُوزُ فِعْلُهَا، لَا أَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ لِمُعَارَضَةِ غَيْرِهِ لَهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورِ: «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَارِبٍ فَقَالَ: اضْرِبُوهُ، فَضَرَبُوهُ بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ» وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ: حَسَنٌ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِنَعْلَيْنِ أَرْبَعِينَ» وَسَيَأْتِي وَمِمَّا يُؤَيِّدُ عَدَمَ ثُبُوتِ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَبُ عُمَرَ لِلْمَشُورَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِآرَائِهِمْ، وَلَوْ كَانَ قَدْ ثَبَتَ تَقْدِيرُهُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَا جَهِلَهُ جَمِيعُ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 7  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست