responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 7  صفحه : 158
بَابُ الْقَطْعِ بِالْإِقْرَارِ وَأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالْمَرَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الضَّعِيفِ» .
قَوْلُهُ: (فَقَطَعَ يَدَ الْمَخْزُومِيَّةِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ جَاحِدُ الْعَارِيَّةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْقَطْعِ أَنْ يَكُونَ مِنْ حِرْزٍ وَهُوَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَزُفَرُ وَالْخَوَارِجُ كَمَا سَلَفَ، وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ، وَانْتَصَرَ لَهُ ابْنُ حَزْمٍ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْقَطْعِ لِمَنْ جَحَدَ الْعَارِيَّةَ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ أَوْجَبَا الْقَطْعَ عَلَى السَّارِقِ، وَالْجَاحِدُ لِلْوَدِيعَةِ لَيْسَ بِسَارِقٍ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْجَحْدَ دَاخِلٌ فِي اسْمِ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ وَالسَّارِقُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُمَا بِخِلَافِ الْمُخْتَلِسِ وَالْمُنْتَهِبِ، كَذَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ. وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْخَائِنَ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لِأَنَّهُ آخِذُ الْمَالِ خُفْيَةً مَعَ إظْهَارِ النُّصْحِ كَمَا سَلَفَ. وَقَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ. وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَخْزُومِيَّةِ بِأَنَّ الْجَحْدَ لِلْعَارِيَّةِ وَإِنْ كَانَ مَرْوِيًّا فِيهَا مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ وَجَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنَّهُ وَرَدَ التَّصْرِيحُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِذِكْرِ السَّرِقَةِ.
وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهَا سَرَقَتْ قَطِيفَةً مِنْ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ أَبُو الشَّيْخِ وَعَلَّقَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَوَقَعَ فِي مُرْسَلِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ " أَنَّهَا سَرَقَتْ حُلِيًّا " قَالُوا: وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَكُونَ الْحُلِيُّ فِي الْقَطِيفَةِ، فَتَقَرَّرَ أَنَّ الْمَذْكُورَةَ قَدْ وَقَعَ مِنْهَا السَّرَقُ، فَذِكْرُ الْعَارِيَّةِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَطْعَ كَانَ لَهُ فَقَطْ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ الْجَحْدِ لِقَصْدِ التَّعْرِيفِ بِحَالِهَا، وَأَنَّهَا كَانَتْ مُشْتَهِرَةً بِذَلِكَ الْوَصْفِ، وَالْقَطْعُ كَانَ لِلسَّرِقَةِ، كَذَا قَالَ الْخَطَّابِيِّ وَتَبِعَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِأَنَّهُمْ إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ» . . . إلَخْ فَإِنَّ ذِكْرَ هَذَا عَقِبَ ذِكْرِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ مِنْهَا السَّرَقُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَزَّلَ ذَلِكَ الْجَحْدَ مَنْزِلَةَ السَّرَقِ فَيَكُونُ دَلِيلًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يَصْدُقُ اسْمُ السَّرَقِ عَلَى جَحْدِ الْوَدِيعَةِ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّ الْقَطْعَ كَانَ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْجَحْدِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بَعْدَ وَصْفِ الْقِصَّةِ " فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَطْعِ يَدِهَا ". وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ. وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وَصْفَ الْمَرْأَةِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّهَا سَرَقَتْ، فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى جَاحِدِ الْوَدِيعَةِ بِأَنَّهُ سَارِقٌ كَمَا سَلَفَ، فَالْحَقُّ قَطْعُ جَاحِدِ الْوَدِيعَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُخَصِّصًا لِلْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى اعْتِبَارِ الْحِرْزِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَةٌ بَيْنَ النَّاسِ إلَى الْعَارِيَّةِ، فَلَوْ عَلِمَ الْمُعِيرُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إذَا جَحَدَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَجَرَّ ذَلِكَ إلَى سَدِّ بَابِ الْعَارِيَّةِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ.

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 7  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست