responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 6  صفحه : 360
بَابُ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لِلْمُعْتَدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ رَدَّ خَبَرَ الْمَرْأَةِ لِكَوْنِهَا امْرَأَةً، فَكَمْ مِنْ سُنَّةٍ قَدْ تَلَقَّتْهَا الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ عَنْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، هَذَا لَا يُنْكِرُهُ مَنْ لَهُ أَدْنَى نَصِيبٍ مِنْ عِلْمِ السُّنَّةِ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَيْضًا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ يَرُدُّ الْخَبَرَ بِمُجَرَّدِ تَجْوِيزِ نِسْيَانِ نَاقِلِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُقْدَحُ بِهِ لَمْ يَبْقَ حَدِيثٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ إلَّا وَكَانَ مَقْدُوحًا فِيهِ؛ لِأَنَّ تَجْوِيزَ النِّسْيَانِ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُفْضِيًا إلَى تَعْطِيلِ السُّنَنِ بِأَسْرِهَا، مَعَ كَوْنِ فَاطِمَةَ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْمَشْهُورَاتِ بِالْحِفْظِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُهَا الطَّوِيلُ فِي شَأْنِ الدَّجَّالِ وَلَمْ تَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً يَخْطُبُ بِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَوَعَتْهُ جَمِيعَهُ، فَكَيْفَ يُظَنُّ بِهَا أَنْ تَحْفَظَ مِثْلَ هَذَا وَتَنْسَى أَمْرًا مُتَعَلِّقًا بِهَا مُقْتَرِنًا بِفِرَاقِ زَوْجِهَا وَخُرُوجِهَا مِنْ بَيْتِهِ
وَاحْتِمَالُ النِّسْيَانِ أَمْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ اعْتَرَضَ عَلَيْهَا. فَإِنَّ عُمَرَ قَدْ نَسِيَ تَيَمُّمَ الْجُنُبِ وَذَكَّرَهُ عَمَّارٌ فَلَمْ يَذْكُرْ، وَنَسِيَ قَوْله تَعَالَى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20] حَتَّى ذَكَّرَتْهُ امْرَأَةٌ، وَنَسِيَ {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] حَتَّى سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ يَتْلُوهَا، وَهَكَذَا قَالَ فِي إنْكَارِ عَائِشَةَ، وَهَكَذَا قَوْلُ مَرْوَانَ سَنَأْخُذُ بِالْعِصْمَةِ، وَهَكَذَا إنْكَارُ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَلَى الشَّعْبِيِّ لَمَّا سَمِعَهُ يُحَدِّثُ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ: إنَّ فَاطِمَةَ كَذَبَتْ فِي خَبَرِهَا. وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّ سَبَبَ خُرُوجِهَا كَانَ لِفُحْشٍ فِي لِسَانِهَا كَمَا قَالَ مَرْوَانُ لَمَّا حَدَّثَ بِحَدِيثِهَا: إنْ كَانَ بِكُمْ شَرٌّ فَحَسْبُكُمْ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنْ الشَّرِّ " يَعْنِي أَنَّ خُرُوجَ فَاطِمَةَ كَانَ لِشَرٍّ فِي لِسَانِهَا، فَمَعَ كَوْنِ مَرْوَانَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِانْتِقَادِ عَلَى أَجِلَّاءِ الصَّحَابَةِ وَالطَّعْنِ فِيهِمْ، فَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ فَاطِمَةَ عَنْ ذَلِكَ الْفُحْشِ الَّذِي رَمَاهَا بِهِ فَإِنَّهَا مِنْ خِيرَةِ نِسَاءِ الصَّحَابَةِ فَضْلًا وَعِلْمًا، وَمِنْ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُولَاتِ، وَلِهَذَا ارْتَضَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحِبِّهِ وَابْنِ حِبِّهِ أُسَامَةَ، وَمِمَّنْ لَا يَحْمِلُهَا رِقَّةُ الدِّينِ عَلَى فُحْشِ اللِّسَانِ الْمُوجِبِ لِإِخْرَاجِهَا مِنْ دَارِهَا، وَلَوْ صَحَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ أَحَقُّ النَّاسِ بِإِنْكَارِ ذَلِكَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ
قَوْلُهُ: (لَا نَفَقَةَ لَكِ إلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِلْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا إذَا كَانَتْ حَامِلًا، وَيَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ لِغَيْرِهَا مِمَّنْ كَانَ عَلَى صِفَتِهَا فِي الْبَيْنُونَةِ، فَلَا يُرَدُّ مَا قِيلَ: إنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الْمَفْهُومِ الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ إذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا، وَلَوْ سَلِمَ الدُّخُولُ لَكَانَ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الرَّجْعِيَّةِ مُطْلَقًا مُخَصِّصًا لِعُمُومِ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي الِانْتِقَالِ فَأَذِنَ لَهَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا الِانْتِقَالُ مِنْ الْمَنْزِلِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ الْبَائِنُ فِيهِ، فَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1] كَمَا خَصَّصَ ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمُ فِي بَابِ مَا تَجْتَنِبُ الْحَادَّةُ. وَلَا يُعَارِضُ هَذَا حَدِيثُ الْفُرَيْعَةِ الْمُتَقَدِّمُ لِأَنَّهُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْخِلَافَ فِي جَوَازِ الْخُرُوجِ وَعَدَمِهِ لِلْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا.

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 6  صفحه : 360
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست