responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 6  صفحه : 281
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَصْلٌ مِنْ الْأُصُولِ الْمَأْنُوسَةِ فِي الشَّرِيعَةِ، وَالتَّطْلِيقُ سَبَبٌ لِلطَّلَاقِ، فَيَنْبَغِي تَرْتِيبُهُ عَلَيْهِ وَرَبْطُهُ بِهِ وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالسُّكْرِ كَمَا فِي الْجِنَايَاتِ. وَأُجِيبَ بِالِاسْتِفْسَارِ عَنْ السَّبَبِ لِلطَّلَاقِ: هَلْ هُوَ إيقَاعُ لَفْظِهِ مُطْلَقًا؟ إنْ قُلْتُمْ: نَعَمْ، لَزِمَكُمْ أَنْ يَقَعَ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالنَّائِمِ وَالسَّكْرَانِ الَّذِي لَمْ يَعْصِ بِسُكْرِهِ إذَا وَقَعَ مِنْ أَحَدِهِمْ لَفْظُ الطَّلَاقِ، وَإِنْ قُلْتُمْ: إنَّهُ إيقَاعُ اللَّفْظِ مِنْ الْعَاقِلِ الَّذِي يَفْهَمُ مَا يَقُولُ فَالسَّكْرَانُ غَيْرُ عَاقِلٍ وَلَا فَاهِمٍ فَلَا يَكُونُ إيقَاعُ لَفْظِ الطَّلَاقِ مِنْهُ سَبَبًا. وَاحْتَجُّوا رَابِعًا بِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - جَعَلُوهُ كَالصَّاحِي
وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّ خِلَافٍ بَيْنَ الصَّحَابَةِ كَمَا بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ وَكَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَلَا يَكُونُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ حُجَّةً عَلَيْنَا كَمَا لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى بَعْضِهِمْ بَعْضًا. وَاحْتَجُّوا خَامِسًا بِأَنَّ عَدَمَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ السَّكْرَانِ مُخَالِفٌ لِلْمَقَاصِدِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَعَلَ حَرَامًا وَاحِدًا لَزِمَهُ حُكْمُهُ، فَإِذَا تَضَاعَفَ جُرْمُهُ بِالسُّكْرِ وَفِعْلِ الْمُحَرَّمِ الْآخَرِ سَقَطَ عَنْهُ الْحُكْمُ. مَثَلًا لَوْ أَنَّهُ ارْتَدَّ بِغَيْرِ سُكْرٍ لَزِمَهُ حُكْمُ الرِّدَّةِ، فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ السُّكْرِ وَالرِّدَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ حُكْمُ الرِّدَّةِ لِأَجْلِ السُّكْرِ. وَيُجَابُ بِأَنَّا لَمْ نُسْقِطْ عَنْهُ حُكْمَ الْمَعْصِيَةِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ حَالَ السُّكْرِ لِنَفْسِ فِعْلِهِ لِلْمُحَرَّمِ الْآخَرِ وَهُوَ السُّكْرُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَقُولُ بِهِ عَاقِلٌ، وَإِنَّمَا أَسْقَطْنَا حُكْمَ الْمَعْصِيَةِ لِعَدَمِ مَنَاطِ التَّكْلِيفِ وَهُوَ الْعَقْلُ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الصَّاحِي فَلَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ لِمَعْصِيَةِ الشُّرْبِ وَهُوَ الْمُسْقِطُ
وَمِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ «أَنَّ حَمْزَةَ سَكِرَ وَقَالَ: لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ هُوَ وَعَلِيٌّ: وَهَلْ أَنْتُمْ إلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي؟» فِي قِصَّةٍ مَشْهُورَةٍ، فَتَرَكَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَرَجَ وَلَمْ يُلْزِمْهُ حُكْمَ تِلْكَ الْكَلِمَةِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَالَهَا غَيْرَ سَكْرَانَ لَكَانَ كُفْرًا كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخَمْرَ كَانَتْ إذْ ذَاكَ مُبَاحَةً، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ تَحْرِيمِهَا. وَحَكَى الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ عَنْ ابْنِ بَطَّالٍ أَنَّهُ قَالَ: الْأَصْلُ فِي السَّكْرَانِ الْعَقْلُ، وَالسُّكْرُ شَيْءٌ طَرَأَ عَلَى عَقْلِهِ، فَمَهْمَا وَقَعَ مِنْهُ مِنْ كَلَامٍ مَفْهُومٍ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَصْلِ حَتَّى يَثْبُتَ فِقْدَانُ عَقْلِهِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّكْرَانَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ لَا حُكْمَ لِطَلَاقِهِ لِعَدَمِ الْمَنَاطِ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ، وَقَدْ عَيَّنَ الشَّارِعُ عُقُوبَتَهُ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُجَاوِزَهَا بِرَأْيِنَا وَنَقُولَ: يَقَعُ طَلَاقُهُ عُقُوبَةً لَهُ فَيُجْمَعُ لَهُ بَيْنَ غُرْمَيْنِ. لَا يُقَالُ: إنَّ أَلْفَاظَ الطَّلَاقِ لَيْسَ مِنْ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ بَلْ مِنْ الْأَحْكَامِ الْوَضْعِيَّةِ، وَأَحْكَامُ الْوَضْعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّكْلِيفُ
لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَحْكَامُ الْوَضْعِيَّةُ تُقَيَّدُ بِالشُّرُوطِ كَمَا تُقَيَّدُ الْأَحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ. وَأَيْضًا السَّبَبُ الْوَضْعِيُّ هُوَ طَلَاقُ الْعَاقِلِ لَا مُطْلَقُ الطَّلَاقِ بِالِاتِّفَاقِ وَإِلَّا لَزِمَ وُقُوعُ طَلَاقِ الْمَجْنُونِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ عُثْمَانُ. . . إلَخْ) عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. . . إلَخْ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 6  صفحه : 281
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست