responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 70
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكْرَهُونَ النَّعْيَ؟ قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ ذَكَرَهُ. وَرَوَى أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَعْلَمُ بَأْسًا أَنْ يُؤْذِنَ الرَّجُلُ صَدِيقَهُ وَحَمِيمَهُ
قَوْلُهُ: (وَإِيَّاكُمْ وَالنَّعْيَ) النَّعْيُ: هُوَ الْإِخْبَارُ بِمَوْتِ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: نَعَاهُ لَهُ نَعْيًا وَنَعِيًّا وَنُعْيَانًا: أَخْبَرَهُ بِمَوْتِهِ.
وَفِي النِّهَايَةِ: نَعَى الْمَيِّتَ نَعْيًا: إذَا أَذَاعَ مَوْتَهُ وَأَخْبَرَ بِهِ انْتَهَى. فَمَدْلُولُ النَّعْيِ لُغَةً هُوَ هَذَا، وَإِلَيْهِ يَتَوَجَّهُ النَّهْيَ لِوُجُوبِ حَمْلِ كَلَامِ الشَّارِعِ عَلَى مُقْتَضَى اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ اصْطِلَاحٍ لَهُ يُخَالِفُهُ. وَقَالَ فِي الْفَتْحِ: إنَّمَا نَهَى عَمَّا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَصْنَعُونَهُ، وَكَانُوا يُرْسِلُونَ مَنْ يُعْلِنُ بِخَبَرِ مَوْتِ الْمَيِّتِ عَلَى أَبْوَابِ الدُّورِ وَالْأَسْوَاقِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُرَابِطِ: إنَّ النَّعْيَ الَّذِي هُوَ إعْلَامُ النَّاسِ بِمَوْتِ قَرِيبِهِمْ مُبَاحٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إدْخَالُ الْكَرْبِ وَالْمُصَابِ عَلَى أَهْلِهِ، لَكِنْ فِي تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ مَصَالِحُ جَمَّةٌ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنْ الْمُبَادَرَةِ لِشُهُودِ جِنَازَتِهِ وَتَهْيِئَةِ أَمْرِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ وَالِاسْتِغْفَارِ وَتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ انْتَهَى. وَيُسْتَدَلُّ لِجَوَازِ مُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ بِحَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ، فَإِنَّ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ بِقَتْلِ الثَّلَاثَةِ الْأُمَرَاءِ الْمَقْتُولِينَ بِمُؤْتَةِ، وَقِصَّتُهُمْ مَشْهُورَةٌ، وَهُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ» كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ: بَابُ الرَّجُلِ يَنْعِي إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ. وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ بَعْدَ أَنْ أُخْبِرَ بِمَوْتِ السَّوْدَاءِ أَوْ الشَّابِّ الَّذِي كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ: أَلَا آذَنْتُمُونِي؟» وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي "
وَقَدْ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ: بَابَ الْإِذْنِ بِالْجِنَازَةِ. وَبِحَدِيثِ الْحُصَيْنِ بْنِ وَحْوَحٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمُبَادَرَةِ إلَى تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ، فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِعْلَامِ بِالْمَوْتِ لَا يَكُونُ نَعْيًا مُحَرَّمًا وَإِنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ النَّعْيِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وَابْنِ سِيرِينَ كَمَا سَلَفَ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ: الْأُولَى: إعْلَامُ الْأَهْلِ وَالْأَصْحَابِ وَأَهْلِ الصَّلَاحِ فَهَذَا سُنَّةٌ. الثَّانِيَةُ: الدَّعْوَةُ لِلْمُفَاخَرَةِ بِالْكَثْرَةِ فَهَذَا مَكْرُوهٌ. الثَّالِثَةُ: الْإِعْلَامُ بِنَوْعٍ آخَرَ كَالنِّيَاحَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا مُحَرَّمٌ. انْتَهَى.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِعْلَامَ لِلْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ وَالصَّلَاةِ وَالْحَمْلِ وَالدَّفْنِ مَخْصُوصٌ مِنْ عُمُومِ النَّهْيِ؛ لِأَنَّ إعْلَامَ مَنْ لَا تَتِمُّ هَذِهِ الْأُمُورُ إلَّا بِهِ مِمَّا وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى فِعْلِهِ فِي زَمَنِ النُّبُوَّةِ وَمَا بَعْدَهُ، وَمَا جَاوَزَ هَذَا الْمِقْدَارَ فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ عُمُومِ النَّهْيِ.

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 70
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست