responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 266
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] قَالُوا: لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ فَعِدَّةٌ: أَيْ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ عِدَّةٌ، وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ، وَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ، وَأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ مِنْ فِعْلِهِ، فَزَعَمُوا أَنَّ صَوْمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّفَرِ مَنْسُوخٌ. وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُدْرَجَةٌ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ كَمَا جَزَمَ بِذَلِكَ الْبُخَارِيُّ فِي الْجِهَادِ، وَكَذَلِكَ وَقَعَتْ عِنْدَ مُسْلِمٍ مُدْرَجَةً، وَبِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَامَ بَعْدَ هَذِهِ الْقِصَّةِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ فِي آخِرِ الْبَابِ بِلَفْظِ " ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْتَنَا نَصُومُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ ". وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ وَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ ثُمَّ شَرِبَ، فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ، فَقَالَ: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ» . وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «إنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتُ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ» الْحَدِيثَ. وَسَيَأْتِي. وَأَجَابَ عَنْهُ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ إنَّمَا نَسَبَهُمْ إلَى الْعِصْيَانِ لِأَنَّهُ عَزَمَ عَلَيْهِمْ فَخَالَفُوا. وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» . وَأَجَابَ عَنْهُ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الْفِطْرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِفْطَارَ مَعَ الْمَشَقَّةِ الزَّائِدَةِ أَفْضَلُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَلَكِنْ قِيلَ: إنَّ السِّيَاقَ وَالْقَرَائِنَ. تَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْتَبِهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ دَلَالَةِ السَّبَبِ وَالسِّيَاقِ وَالْقَرَائِنِ عَلَى تَخْصِيصِ الْعَامِّ، وَعَلَى مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ وَبَيْنَ مُجَرَّدِ وُرُودِ الْعَامِّ عَلَى سَبَبٍ، فَإِنَّ بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ فَرْقًا وَاضِحًا، وَمَنْ أَجْرَاهُمَا مَجْرًى وَاحِدًا لَمْ يُصِبْ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ وُرُودِ الْعَامِّ عَلَى سَبَبٍ لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِهِ كَنُزُولِ آيَةِ السَّرِقَةِ فِي قِصَّةِ رِدَاءِ صَفْوَانَ وَأَمَّا السِّيَاقُ وَالْقَرَائِنُ الدَّالَّةُ عَلَى مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ فَهِيَ الْمُرْشِدَةُ إلَى بَيَانِ الْمُجْمَلَاتِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ. وَأَيْضًا نَفْيُ الْبِرِّ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ صِحَّةِ الصَّوْمِ.
وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الْمَفْرُوضِ الَّذِي مَنْ خَالَفَهُ أَثِمَ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: الْمُرَادُ بِالْبِرِّ هُنَا الْبِرُّ الْكَامِلُ الَّذِي هُوَ أَعْلَى الْمَرَاتِبِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ إخْرَاجَ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ عَنْ أَنْ يَكُونَ بِرَّا؛ لِأَنَّ الْإِفْطَارَ قَدْ يَكُونُ أَبَرَّ مِنْ الصَّوْمِ إذَا كَانَ لِلتَّقَوِّي عَلَى لِقَاءِ الْعَدُوِّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: نَفْيُ الْبِرِّ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَبَى قَبُولَ الرُّخْصَةِ. وَقَدْ رَوَى الْحَدِيثَ النَّسَائِيّ بِلَفْظِ: «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ وَعَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ لَكُمْ فَاقْبَلُوا» قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إسْنَادُهَا حَسَنٌ مُتَّصِلٌ يَعْنِي الزِّيَادَةَ، وَرَوَاهَا الشَّافِعِيُّ وَرَجَّحَ ابْنُ خُزَيْمَةَ

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست