responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 144
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالدِّينِ فَأَنْكَرُوا الشَّرَائِعَ وَتَرَكُوا الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَعَادُوا إلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمْ يَكُنْ يُسْجَدُ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدُ مَكَّةَ، وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ، وَمَسْجِدُ عَبْدِ الْقِيسِ قَالَ: وَالصِّنْفُ الْآخَرُ هُمْ الَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَبَيْنَ الزَّكَاةِ فَأَنْكَرُوا وُجُوبَهَا وَوُجُوبَ أَدَائِهَا إلَى الْإِمَامِ، وَهَؤُلَاءِ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَهْلُ الْبَغْيِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُدْعَوْا بِهَذَا الِاسْمِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ خُصُوصًا لِدُخُولِهِمْ فِي غِمَارِ أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَأُضِيفَ الِاسْمُ فِي الْجُمْلَةِ إلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ إذْ كَانَتْ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ وَأَهَمَّهُمَا، وَأُرِّخَ مُبْتَدَأُ قِتَالُ أَهْلِ الْبَغْيِ مِنْ زَمَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، إذْ كَانُوا مُنْفَرِدِينَ فِي زَمَانِهِ لَمْ يُخْلَطُوا بِأَهْلِ الشِّرْكِ، وَقَدْ كَانَ فِي ضِمْنِ هَؤُلَاءِ الْمَانِعِينَ لِلزَّكَاةِ مَنْ كَانَ يَسْمَحُ بِالزَّكَاةِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا إلَّا أَنَّ رُؤَسَاءَهُمْ صَدُّوهُمْ عَنْ ذَلِكَ الرَّأْيِ وَقَبَضُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي ذَلِكَ كَبَنِي يَرْبُوعَ فَإِنَّهُمْ قَدْ كَانُوا جَمَعُوا صَدَقَاتِهِمْ وَأَرَادُوا أَنْ يَبْعَثُوا بِهَا إلَى أَبِي بَكْرٍ، فَمَنَعَهُمْ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ مِنْ ذَلِكَ وَفَرَّقَهَا فِيهِمْ، وَفِي أَمْرِ هَؤُلَاءِ عَرَضَ الْخِلَافُ وَوَقَعَتْ الشُّبْهَةُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَرَاجَعَ أَبُو بَكْرٍ وَنَاظَرَهُ وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ " الْحَدِيثَ، وَكَانَ هَذَا مِنْ عُمَرَ تَعَلُّقًا بِظَاهِرِ الْكَلَامِ قَبْلَ أَنْ يَنْظُرَ فِي آخِرِهِ وَيَتَأَمَّلَ شَرَائِطَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: إنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ يُرِيدُ أَنَّ الْقَضِيَّةَ قَدْ تَضَمَّنَتْ عِصْمَةَ دَمٍ وَمَالٍ مُتَعَلِّقَةً بِأَطْرَافِ شَرَائِطِهَا، وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ بِشَرْطَيْنِ لَا يَحْصُلُ بِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ مَعْدُومٌ، ثُمَّ قَايَسَهُ بِالصَّلَاةِ وَرَدَّ الزَّكَاةَ إلَيْهَا، فَكَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قِتَالَ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الصَّلَاةِ كَانَ إجْمَاعًا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلِذَلِكَ رَدَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ إلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ
وَقَدْ اجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الِاحْتِجَاجُ مِنْ عُمَرَ بِالْعُمُومِ، وَمِنْ أَبِي بَكْرٍ بِالْقِيَاسِ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْعُمُومَ يُخَصُّ بِالْقِيَاسِ وَأَنَّ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ الْخِطَابُ الْوَارِدُ فِي الْحُكْمِ الْوَاحِدِ مِنْ شَرْطٍ وَاسْتِثْنَاءٍ مُرَاعًى فِيهِ وَمُعْتَبَرٌ صِحَّتُهُ، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ عِنْدَ عُمَرَ صِحَّةُ رَأْيِ أَبِي بَكْرٍ وَبَانَ لَهُ صَوَابُهُ تَابَعَهُ عَلَى قِتَالِ الْقَوْمِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: " فَعَرَفْت أَنَّهُ الْحَقُّ " يُشِيرُ إلَى انْشِرَاحِ صَدْرِهِ بِالْحُجَّةِ الَّتِي أَدْلَى بِهَا وَالْبُرْهَانِ الَّذِي أَقَامَهُ نَصًّا وَدَلَالَةً وَقَدْ زَعَمَ زَاعِمُونَ مِنْ الرَّافِضَةِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ سَبَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا مُتَأَوِّلِينَ فِي مَنْعِ الصَّدَقَةِ، وَكَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ الْخِطَابَ فِي قَوْله تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] خِطَابٌ خَاصٌّ فِي مُوَاجِهَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِشَرَائِطَ لَا تُوجَدُ فِيمَنْ سِوَاهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ التَّطْهِيرِ وَالتَّزْكِيَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمِثْلُ هَذِهِ الشُّبْهَةِ إذَا وُجِدَتْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُعْذَرُ فِيهِ أَمْثَالُهُمْ وَيُرْفَعُ بِهِ السَّيْفُ عَنْهُمْ، وَزَعَمُوا أَنَّ قِتَالَهُمْ كَانَ عَسْفًا، وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا رَأْسُ مَالِهِمْ الْبُهُتُ وَالتَّكْذِيبُ وَالْوَقِيعَةُ فِي السَّلَفِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَهْلَ الرِّدَّةِ كَانُوا أَصْنَافًا:

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست