responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 388
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَى الْخُسُوفِ قَوْلُهُ: (وَصَفَّ النَّاسُ) بِرَفْعِ (النَّاسُ) : أَيْ اصْطَفُّوا، يُقَال صَفَّ الْقَوْمُ: إذْ صَارُوا صَفَّا، وَيَجُوزُ النَّصْبُ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ يَعُودُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ: (وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ) فِيهِ أَنَّ الِانْجِلَاءَ وَقَعَ قَبْلَ انْصِرَافِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْخُطْبَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: لَيْسَ فِي الْكُسُوف خُطْبَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَحَادِيثَ وَرَدَتْ بِذَلِكَ وَهِيَ ذَاتُ كَثْرَةٍ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ. وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا خُطْبَةَ فِي الْكُسُوفِ مَعَ أَنَّ مَالِكًا رَوَى الْحَدِيثَ وَفِيهِ ذِكْرُ الْخُطْبَةِ.
وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُقْصَدْ لَهَا الْخُطْبَة بِخُصُوصِهَا، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ الرَّدَّ عَلَى مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْكُسُوفَ لِمَوْتِ بَعْضِ النَّاسِ. وَتُعُقِّبَ بِمَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهَا وَحِكَايَةُ شَرَائِطُهَا مِنْ الْحَمْد وَالثَّنَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَضَمَّنَتْهُ الْأَحَادِيثُ، فَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْإِعْلَامِ بِسَبَبِ الْكُسُوفِ، وَالْأَصْلُ مَشْرُوعِيَّةُ الِاتِّبَاعِ، وَالْخَصَائِصُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ.
وَقَدْ ذَهَبَ إلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ فِي الْكُسُوفِ مَعَ مَالِكٍ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْعِتْرَةُ، قَوْلُهُ: (لَا يَنْخَسِفَانِ) فِي رِوَايَةٍ " يُخْسَفَانِ " بِدُونِ نُونٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: (لِمَوْتِ أَحَدٍ) إنَّمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ مَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: إنَّمَا كَسَفَتْ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إبْرَاهِيمَ وَلِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: «كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَخَرَجَ فَزِعًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ، فَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي حَتَّى انْجَلَتْ، فَلَمَّا انْجَلَتْ قَالَ: إنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ إلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ مِنْ الْعُظَمَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ» الْحَدِيثَ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إبْطَالُ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ تَأْثِيرِ الْكَوَاكِبِ. قَالَ الْخَطَّابِيِّ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْكُسُوفَ يُوجِبُ حُدُوثَ تَغَيُّرِ الْأَرْضِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ ضَرَرٍ، فَأَعْلَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ اعْتِقَادٌ بَاطِلٌ، وَأَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ خَلْقَانِ مُسَخَّرَانِ لِلَّهِ تَعَالَى لَيْسَ لَهُمَا سُلْطَانٌ فِي غَيْرِهِمَا وَلَا قُدْرَةَ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا، قَوْلُهُ: (وَلَا لِحَيَاتِهِ) اُسْتُشْكِلَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّ السِّيَاقَ إنَّمَا وَرَدَ فِي حَقِّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ لِمَوْتِ إبْرَاهِيمَ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْحَيَاةَ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْجَوَابُ أَنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِ الْحَيَاةِ دَفْعُ تَوَّهُمْ مَنْ يَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ كَوْنِهِ سَبَبًا لِلْفَقْدِ أَنْ لَا يَكُونَ سَبَبًا لِلْإِيجَادِ، فَعَمَّمَ الشَّارِعُ النَّفْيَ لِدَفْعِ هَذَا التَّوَهُّمِ، قَوْلُهُ: (فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا) أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ بِصِيغَةِ ضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ، وَالْمُرَادُ رَأَيْتُمْ كُسُوفَ كُلِّ وَاحِدٍ فِي وَقْتِهِ لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، قَوْلُهُ: (فَافْزَعُوا) بِفَتْحِ الزَّاي: أَيْ الْتَجِئُوا أَوْ تَوَجَّهُوا.
وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْمُبَادَرَةِ وَأَنَّهُ لَا وَقْتَ لِصَلَاةِ الْكُسُوفِ مَعِينٌ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عُلِّقَتْ بِرُؤْيَةِ الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ، وَهِيَ مُمْكِنَةٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ.

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 388
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست