responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 315
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَعَادَهَا ثَلَاثًا لِتُفْهَمَ عَنْهُ قَالَ: وَإِنَّمَا ثَنَّى الضَّمِيرَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ، " أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا " لِأَنَّهُ لَيْسَ خُطْبَةُ وَعْظٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَعْلِيمُ حُكْمٍ، فَكُلُّ مَا قَلَّ لَفْظُهُ كَانَ أَقْرَبُ إلَى حِفْظِهِ، بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْوَعْظِ فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حِفْظَهَا وَإِنَّمَا يُرَادُ الِاتِّعَاظُ بِهَا، وَلَكِنَّهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْجَمْعُ بَيْن الضَّمِيرَيْنِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الْبَابِ، وَهُوَ وَارِدٌ فِي الْخُطْبَةِ لَا فِي تَعْلِيمِ الْأَحْكَامِ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَنْكَرَ عَلَى الْخَطِيبِ تَشْرِيكَهُ فِي الضَّمِيرِ الْمُقْتَضِي لِلتَّسْوِيَةِ وَأَمَرَهُ بِالْعَطْفِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى بِتَقْدِيمِ اسْمِهِ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ مَا شَاءَ فُلَانٌ» وَيَرُدُّ عَلَى هَذَا مَا قَدَّمْنَا مِنْ جَمْعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْن ضَمِيرِ اللَّهِ وَضَمِيرِهِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَنْكَرَ عَلَى ذَلِكَ الْخَطِيبِ التَّشْرِيكَ لِأَنَّهُ فَهِمَ مِنْهُ اعْتِقَادَ التَّسْوِيَةِ فَنَبَّهَهُ عَلَى خِلَافِ مُعْتَقَدِهِ، وَأَمَرَهُ بِتَقْدِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى اسْمِ رَسُولِهِ لِيَعْلَمَ بِذَلِكَ فَسَادَ مَا اعْتَقَدَهُ قَوْلُهُ: (فَقَدْ غَوَى) بِفَتْحِ الْوَاو وَكَسْرهَا، وَالصَّوَابُ الْفَتْحُ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهُوَ مِنْ الْغَيّ، وَهُوَ الِانْهِمَاكُ فِي الشَّرّ.
1 -
وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْم فِي حُكْمِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فَذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ إلَى الْوُجُوبِ، وَنَسَبَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ إلَى عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى الْوُجُوبِ بِمَا ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ثُبُوتًا مُسْتَمِرًّا، أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ فِي كُلّ جُمُعَةٍ، وَقَدْ عَرَفْتَ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ مُجَرَّدَ الْفِعْلِ لَا يُفِيدُ الْوُجُوبِ.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرُ صَالِحٍ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى الْوُجُوبِ لِمَا قَدَّمْنَا فِي أَبْوَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الْأَمْرُ بِإِيقَاعِ الصَّلَاةِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ يُوقِعُهَا عَلَيْهَا، وَالْخُطْبَةُ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ. وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَفِعْلُهُ الْخُطْبَةَ بَيَانٌ لِلْمُجْمَلِ، وَبَيَانُ الْمُجْمَلِ الْوَاجِبِ وَاجِبٌ. . وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالْأَمْرِ هُوَ السَّعْيُ فَقَطْ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ السَّعْيَ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ لِذَاتِهِ بَلْ لِمُتَعَلِّقِهِ وَهُوَ الذِّكْرُ.
وَيُتَعَقَّبُ هَذَا التَّعَقُّبِ بِأَنَّ الذِّكْرَ الْمَأْمُورَ بِالسَّعْيِ إلَيْهِ هُوَ الصَّلَاةُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخُطْبَةِ، وَقَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالنِّزَاعِ فِي وُجُوبِ الْخُطْبَةِ فَلَا يَنْتَهِضُ هَذَا الدَّلِيلُ لِلْوُجُوبِ، فَالظَّاهِرُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَدَاوُد الظَّاهِرِيُّ وَالْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَنَّ الْخُطْبَةَ مَنْدُوبَةٌ فَقَطْ.
وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال لِلْوُجُوبِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ، وَبِحَدِيثِهِ أَيْضًا عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مَرْفُوعًا حِكَايَةً عَنْ اللَّهِ تَعَالَى بِلَفْظِ: «وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ لَا تَجُوزُ لَهُمْ خُطْبَةٌ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّك عَبْدِي وَرَسُولِي» فَوَهْمٌ، لِأَنَّ غَايَةَ الْأَوَّلِ عَدَمُ قَبُولِ الْخُطْبَةِ الَّتِي لَا حَمْدَ فِيهَا، وَغَايَةُ الثَّانِي عَدَمُ جَوَازِ خُطْبَةٍ لَا شَهَادَةَ فِيهَا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالْقَبُولُ وَالْجَوَازُ وَعَدَمَهُمَا لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوُجُوبِ قَطْعًا.

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست