responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 259
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاحِد مِنْ صُوَر الْجَمْع الْمَذْكُور إلَّا بِدَلِيلٍ، وَقَدْ قَامَ الدَّلِيل عَلَى أَنَّ الْجَمْع الْمَذْكُور فِي الْبَابِ هُوَ الْجَمْع الصُّورِيّ فَوَجَبَ الْمَصِير إلَى ذَلِكَ.
وَقَدْ زَعَمَ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَمْ يَرِد الْجَمْعُ الصُّورِيّ فِي لِسَانِ الشَّارِعِ وَأَهْل عَصْره، وَهُوَ مَرْدُود بِمَا ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ «قَوْله لِلْمُسْتَحَاضَةِ: وَإِنْ قَوِيَتْ عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ فَتَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» وَبِمَا سَلَفَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْخَطَّابِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحّ حَمْل الْجَمْع الْمَذْكُور فِي الْبَابِ عَلَى الْجَمْع الصُّورِيّ لِأَنَّهُ يَكُون أَعْظَم ضِيقَا مِنْ الْإِتْيَان بِكُلِّ صَلَاة فِي وَقْتهَا، لِأَنَّ أَوَائِل الْأَوْقَات وَأَوَاخِرهَا مِمَّا لَا يُدْرِكهُ الْخَاصَّة فَضْلًا عَنْ الْعَامَّة
وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ عَرَّفَ أُمَّته أَوَائِل الْأَوْقَات وَأَوَاخِرهَا، وَبَالَغَ فِي التَّعْرِيف وَالْبَيَان، حَتَّى أَنَّهُ عَيَّنَهَا بِعَلَامَاتٍ حِسِّيَّة لَا تَكَاد تَلْتَبِس عَلَى الْعَامَّة فَضْلًا عَنْ الْخَاصَّة، وَالتَّخْفِيف فِي تَأْخِير إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ إلَى آخِر وَقْتهَا وَفِعْل الْأَوْلَى فِي أَوَّل وَقْتهَا مُتَحَقِّق بِالنِّسْبَةِ إلَى فِعْل كُلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا فِي أَوَّل وَقْتهَا كَمَا كَانَ ذَلِكَ دَيْدَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قَالَتْ عَائِشَةُ: «مَا صَلَّى صَلَاةً لِآخِرِ وَقْتِهَا مَرَّتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى»
وَلَا يَشُكّ مُنْصِف أَنَّ فِعْل الصَّلَاتَيْنِ دَفْعَة وَالْخُرُوج إلَيْهِمَا مَرَّة أَخَفّ مِنْ خِلَافه وَأَيْسَر. وَبِهَذَا يَنْدَفِع مَا قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: أَنَّ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لِئَلَّا تُحْرَجَ أُمَّتِي " يَقْدَحُ فِي حَمْله عَلَى الْجَمْع الصُّورِيّ، لِأَنَّ الْقَصْد إلَيْهِ لَا يَخْلُو عَنْ حَرَجٍ، فَإِنْ قُلْت: الْجَمْع الصُّورِيّ هُوَ فِعْل لِكُلِّ وَاحِدَة مِنْ الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ فِي وَقْتهَا فَلَا يَكُون رُخْصَة بَلْ عَزِيمَة، فَأَيُّ فَائِدَة فِي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لِئَلَّا تُحْرَجَ أُمَّتِي " مَعَ شُمُول الْأَحَادِيث الْمُعَيِّنَة لِلْوَقْتِ لِلْجَمْعِ الصُّورِيّ، وَهَلْ حُمِلَ الْجَمْع عَلَى مَا شَمِلَتْهُ أَحَادِيثُ التَّوْقِيت إلَّا مِنْ بَابِ الِاطِّرَاحِ لِفَائِدَتِهِ وَإِلْغَاءِ مَضْمُونه. قُلْت: لَا شَكَّ أَنَّ الْأَقْوَال الصَّادِرَة مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَامِلَة لِلْجَمْعِ الصُّورِيّ كَمَا ذَكَرْت، فَلَا يَصِحّ أَنْ يَكُون رَفْع الْحَرَجِ مَنْسُوبًا إلَيْهَا بَلْ هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى الْأَفْعَال لَيْسَ إلَّا لِمَا عَرَّفْنَاك مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا صَلَّى صَلَاة لِآخِرِ وَقْتهَا مَرَّتَيْنِ، فَرُبَّمَا ظَنَّ ظَانّ أَنَّ فِعْل الصَّلَاة فِي أَوَّل وَقْتهَا مُتَحَتِّم لِمُلَازَمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِذَلِكَ طُول عُمْره، فَكَانَ فِي جَمْعه جَمْعًا صُورِيًّا تَخْفِيف وَتَسْهِيل عَلَى مَنْ اقْتَدَى بِمُجَرَّدِ الْفِعْل.
وَقَدْ كَانَ اقْتِدَاءُ الصَّحَابَةِ بِالْأَفْعَالِ أَكْثَر مِنْهُ بِالْأَقْوَالِ، وَلِهَذَا «امْتَنَعَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مِنْ نَحْرِ بُدْنِهِمْ يَوْم الْحُدَيْبِيَةِ بَعَدَ أَنْ أَمَرَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّحْرِ حَتَّى دَخَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ مَغْمُومًا، فَأَشَارَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ يَنْحَر وَيَدْعُوَ الْحَلَّاق يَحْلِق لَهُ فَفَعَلَ، فَنَحَرُوا أَجْمَعَ وَكَادُوا يَهْلِكُونَ غَمًّا مِنْ شِدَّة تَرَاكُم بَعْضهمْ عَلَى بَعْض حَالَ الْحَلْق» . وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْجَمْع الْمُتَنَازَع فِيهِ لَا يَجُوز إلَّا لِعُذْرٍ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ» وَفِي إسْنَاده حَنَشُ بْنُ قَيْسٍ وَهُوَ ضَعِيف.
وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي آخِر سُنَنه فِي كِتَابِ

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست