responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 54
496 - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ «أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ لَهُ: إنِّي أَرَاك تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِك أَوْ بَادِيَتِك فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعَ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا يَشْهَدُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرُهُمَا قَوْلُهُ: (تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ) أَيْ لِأَجْلِ الْغَنَمِ لِأَنَّ فِيهَا مَا يُحْتَاجُ فِي إصْلَاحِهَا إلَيْهِ مِنْ الرَّعْي، وَهُوَ فِي الْغَالِبِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْبَادِيَةِ
قَوْلُهُ: (فِي غَنَمِكَ أَوْ فِي بَادِيَتِك) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَوْ شَكًّا مِنْ الرَّاوِي، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّنْوِيعِ لِأَنَّ الْغَنَمَ قَدْ لَا تَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ حَيْثُ لَا غَنَمَ
قَوْلُهُ: (فَارْفَعْ صَوْتَك) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِ الْأَذَانِ لِلْمُنْفَرِدِ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ
قَوْلُهُ: (مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ) أَيْ غَايَةَ صَوْتِهِ
قَوْلُهُ: (جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ) ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ فَهُوَ مِنْ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ. وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ يُبَيِّنُ مَعْنَى الشَّيْءِ الْمَذْكُورِ هُنَا؛ لِأَنَّ الرَّطْبَ وَالْيَابِسَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الِاتِّصَافِ بِأَحَدِهِمَا شَيْءٌ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ خُزَيْمَةَ " لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ شَجَرٌ وَلَا مَدَرٌ وَلَا حَجَرٌ وَلَا جِنٌّ وَلَا إنْسٌ " وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ التَّخْصِيصَ بِالْمَلَائِكَةِ كَمَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَوْ بِالْحَيَوَانِ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَغَيْرُ مُمْتَنِعٍ عَقْلًا وَلَا شَرْعًا أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ فِي الْجَمَادَاتِ الْقُدْرَةَ عَلَى السَّمَاعِ وَالشَّهَادَةِ، وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «إنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ» وَمِنْهُ مَا ثَبَتَ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ قَوْلِ النَّارِ: «أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا» قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: وَالسِّرُّ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّهَا تَقَعُ عِنْدَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ إلَّا أَنَّ أَحْكَامَ الْآخِرَةِ جَرَتْ عَلَى نَعْتِ أَحْكَامِ الْخَلْقِ فِي الدُّنْيَا مِنْ تَوَجُّهِ الدَّعْوَى، وَالْجَوَابِ وَالشَّهَادَةِ
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ إشْهَارُ الْمَشْهُودِ لَهُ بِالْفَضْلِ وَعُلُوِّ الدَّرَجَةِ، كَمَا أَنَّ اللَّهَ يَفْضَحُ بِالشَّهَادَةِ قَوْمًا كَذَلِكَ يُكْرِمَ بِالشَّهَادَةِ آخَرِينَ. وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَعْلِيلُ ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ حُبَّ الْغَنَمِ وَالْبَادِيَةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ نُزُولِ الْفِتْنَةِ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ.

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست