responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 244
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ الْمَنْفِيُّ الصَّلَاةَ الشَّرْعِيَّةَ اسْتَقَامَ نَفْيُ الذَّاتِ لِأَنَّ الْمُرَكَّبَ كَمَا يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ بَعْضِهَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إضْمَارِ الصِّحَّةِ
وَلَا الْإِجْزَاءِ وَلَا الْكَمَالِ، كَمَا رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهِيَ عَدَمُ إمْكَانِ انْتِفَاءِ الذَّاتِ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الصَّلَاةُ اللُّغَوِيَّةُ فَلَا يُمْكِنُ تَوَجُّهُ النَّفْيِ إلَى ذَاتِهَا لِأَنَّهَا قَدْ وُجِدَتْ فِي الْخَارِجِ كَمَا قَالَهُ الْبَعْضُ لَكَانَ تَوْجِيهُ النَّفْيِ إلَى الصِّحَّةِ أَوْ الْإِجْزَاءِ لَا إلَى الْكَمَالِ أَمَّا أَوَّلًا فَلِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ الْمَجَازِ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِرِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيّ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ فَإِنَّهَا مُصَرِّحَةٌ بِالْإِجْزَاءِ فَيَتَعَيَّنُ تَقْدِيرُهُ. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْحَدِيثُ صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى أَنَّ الْفَاتِحَةَ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ لَا مِنْ وَاجِبَاتِهَا فَقَطْ، لِأَنَّ عَدَمَهَا قَدْ اسْتَلْزَمَ عَدَمَ الصَّلَاةِ وَهَذَا شَأْنُ الشَّرْطِ. وَذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّةُ وَطَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ إلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ بَلْ الْوَاجِبُ آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ، هَكَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ. وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْحَافِظُ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ بِوُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لَكِنْ بَنَوْا عَلَى قَاعِدَتِهِمْ أَنَّهَا مَعَ الْوُجُوبِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ وُجُوبَهَا إنَّمَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَاَلَّذِي لَا تَتِمُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ فَرْضٌ وَالْفَرْضُ عِنْدَهُمْ لَا يَثْبُتُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى الْقُرْآنِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20] فَالْفَرْضُ قِرَاءَةُ مَا تَيَسَّرَ وَتَعَيُّنُ الْفَاتِحَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْحَدِيثِ فَيَكُونُ وَاجِبًا يَأْثَمُ مَنْ يَتْرُكُهُ وَتُجْزِئُ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ.
وَهَذَا تَعْوِيلٌ عَلَى رَأْيٍ فَاسِدٍ حَاصِلُهُ رَدُّ كَثِيرٍ مِنْ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ بِلَا بُرْهَانٍ وَلَا حُجَّةٍ نَيِّرَةٍ فَكَمْ مَوْطِنٍ مِنْ الْمَوَاطِنِ يَقُولُ فِيهِ الشَّارِعُ لَا يُجْزِئُ كَذَا لَا يُقْبَلُ كَذَا لَا يَصِحُّ كَذَا، وَيَقُولُ الْمُتَمَسِّكُونَ بِهَذَا الرَّأْيِ يُجْزِئُ وَيُقْبَلُ وَيَصِحُّ وَلِمِثْلِ هَذَا حَذَّرَ السَّلَفُ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ. وَمِنْ جُمْلَةِ مَا أَشَادُوا بِهِ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْآيَةَ مُصَرِّحَةٌ بِمَا تَيَسَّرَ وَهُوَ تَخْيِيرٌ فَلَوْ تَعَيَّنَتْ الْفَاتِحَةُ لَكَانَ التَّعْيِينُ نَسْخًا لِلتَّخْيِيرِ وَالْقَطْعِيُّ لَا يُنْسَخُ بِالظَّنِّيِّ فَيَجِبُ تَوْجِيهُ النَّفْيِ إلَى الْكَمَالِ وَهَذِهِ الْكُلِّيَّةُ مَمْنُوعَةٌ. وَالسَّنَدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَحَوُّلِ أَهْلِ قُبَاءَ إلَى الْكَعْبَةِ بِخَبَرِ وَاحِدٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ مَدَحَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي بَابِ الِاسْتِقْبَالِ وَلَوْ سَلِمَتْ لَكَانَ مَحِلُّ النِّزَاعِ خَارِجًا عَنْهَا لِأَنَّ الْمَنْسُوخَ إنَّمَا هُوَ اسْتِمْرَارُ التَّخْيِيرِ وَهُوَ ظَنِّيٌّ، وَأَيْضًا الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ فَلَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ. وَأَمَّا
قَوْلُهُمْ إنَّ الْحَمْلَ عَلَى تَوْجِيهِ النَّفْيِ إلَى الصِّحَّةِ إثْبَاتٌ لِلُّغَةِ بِالتَّرْجِيحِ وَأَنَّ الصِّحَّةَ عُرْفٌ مُتَجَدِّدٌ لِأَهْلِ الشَّرْعِ فَلَا يُحْمَلُ خِطَابُ الشَّارِعِ عَلَيْهِ. وَإِنَّ تَصْحِيحَ الْكَلَامِ مُمْكِنٌ بِتَقْدِيرِ الْكَمَالِ فَيَكْفِي لِأَنَّ الْوَاجِبَ التَّقْدِيرُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فَيَرُدُّهُ تَصْرِيحُ الشَّارِعِ بِلَفْظِ الْإِجْزَاءِ وَكَوْنُهُ مِنْ إثْبَاتِ اللُّغَةِ بِالتَّرْجِيحِ مَمْنُوعَةٌ بَلْ هُوَ مِنْ إلْحَاقِ الْفَرْدِ الْمَجْهُولِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ الْمَعْلُومِ
وَمِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَظْهَرُوا بِهِ عَلَى تَوْجِيهِ النَّفْيِ إلَى الْكَمَالِ أَنَّ الْفَاتِحَةَ لَوْ كَانَتْ فَرْضًا لَوَجَبَ تَعَلُّمُهَا، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ. لِمَا فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ بِلَفْظِ: «فَإِنْ كَانَ مَعَك قُرْآنٌ وَإِلَّا فَاحْمَدْ اللَّهَ وَكَبِّرْهُ وَهَلِّلْه» عِنْدَ النَّسَائِيّ وَأَبِي دَاوُد

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 244
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست