responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 131
584 - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الْأَصْفَهَانِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: دَخَلَ الصَّلْتُ بْنُ رَاشِدٍ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ وَإِزَارُ صُوفٍ وَعِمَامَةُ صُوفٍ فَاشْمَأَزَّ عَنْهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَ: أَظُنُّ أَنَّ أَقْوَامًا يَلْبَسُونَ الصُّوفَ، وَيَقُولُونَ قَدْ لَبِسَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَقَدْ حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ لَبِسَ الْكَتَّانَ وَالصُّوفَ وَالْقُطْنَ، وَسُنَّةُ نَبِيِّنَا أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ.
وَمَقْصُودُ ابْنِ سِيرِينَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْمًا يَرَوْنَ أَنَّ لُبْسَ الصُّوفِ دَائِمًا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ فَيَتَحَرَّوْنَهُ وَيَمْنَعُونَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ يَتَحَرَّوْنَ زِيًّا وَاحِدًا مِنْ الْمَلَابِسِ وَيَتَحَرَّوْنَ رُسُومًا وَأَوْضَاعًا وَهَيْئَاتٍ يَرَوْنَ الْخُرُوجَ عَنْهَا مُنْكَرًا، وَلَيْسَ الْمُنْكَرُ إلَّا التَّقَيُّدَ بِهَا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا وَتَرْكُ الْخُرُوجِ عَنْهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ فَلُبْسُ الْمُنْخَفِضِ مِنْ الثِّيَابِ تَوَاضُعًا وَكَسْرًا لِسَوْرَةِ النَّفْسِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْ التَّكَبُّرِ إنْ لَبِسَتْ غَالِي الثِّيَابِ مِنْ الْمَقَاصِدِ الصَّالِحَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَثُوبَةِ مِنْ اللَّهِ، وَلُبْسُ الْغَالِي مِنْ الثِّيَابِ عِنْدَ الْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ مِنْ التَّسَامِي الْمَشُوبِ بِنَوْعٍ مِنْ التَّكَبُّرِ لِقَصْدِ التَّوَصُّلِ بِذَلِكَ إلَى تَمَامِ الْمَطَالِبِ الدِّينِيَّةِ مِنْ أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ عِنْدَ مِنْ لَا يَلْتَفِتُ إلَّا إلَى ذَوِي الْهَيْئَاتِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَى عَوَامِّ زَمَانِنَا وَبَعْضِ خَوَاصِّهِ لَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ الْمُوجِبَاتِ لِلْأَجْرِ لَكِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِمَا يَحِلُّ لُبْسُهُ شَرْعًا.

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ بُحَيْحِ بْنِ الطَّبَّاعِ، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، لَهُ عِدَّةُ مُصَنَّفَاتٍ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ الْوَضَّاحِ وَهُوَ ثِقَةٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ الثَّقَفِيِّ، وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَنْبِيَاءِ عَنْ الْمُهَاجِرِيِّ بْنِ عَمْرٍو وَالْبَسَّامِيِّ وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ الْقَاضِي شَرِيكٍ عَنْ عُثْمَانَ بِذَلِكَ الْإِسْنَادِ.
قَوْلُهُ: (مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ) قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الشُّهْرَةُ ظُهُورُ الشَّيْءِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ ثَوْبَهُ يَشْتَهِرُ بَيْنَ النَّاسِ لِمُخَالَفَةِ لَوْنِهِ لِأَلْوَانِ ثِيَابِهِمْ فَيَرْفَعُ النَّاسُ إلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ وَيَخْتَالُ عَلَيْهِمْ وَالتَّكَبُّرُ.
قَوْلُهُ: (أَلْبَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى ثَوْبَ مَذَلَّةٍ) لَفْظُ أَبِي دَاوُد ثَوْبًا مِثْلَهُ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " ثَوْبَ مَذَلَّةٍ " ثَوْبٌ يُوجِبُ ذِلَّتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا لَبِسَ فِي الدُّنْيَا ثَوْبًا يَتَعَزَّزُ بِهِ عَلَى النَّاسِ وَيَتَرَفَّعُ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مِثْلَهُ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي شُهْرَتِهِ بَيْنَ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: لِأَنَّهُ لَبِسَ الشُّهْرَةَ فِي الدُّنْيَا لِيَعِزَّ بِهِ وَيَفْتَخِرَ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُلْبِسُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست