responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 52
بَابُ سُؤْرِ الْهِرِّ

17 - ( «عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الْعَذِرَةَ أَشَدُّ نَجَاسَةً مِنْ سُؤْرِ الْكَلْبِ، وَلَمْ تُقَيَّدْ بِالسَّبُعِ، فَيَكُونُ الْوُلُوغُ كَذَلِكَ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا أَشَدَّ فِي الِاسْتِقْذَارِ أَنْ لَا يَكُونَ الْوُلُوغُ أَشَدَّ مِنْهَا فِي تَغْلِيظِ الْحُكْمِ، وَبِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ الصَّرِيحِ وَهُوَ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ.
وَمِنْهَا أَيْضًا أَنَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ كَانَ عِنْدَ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ فَلَمَّا نَهَى عَنْ قَتْلِهَا نُسِخَ الْأَمْرُ بِالْغَسْلِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِهَا كَانَ فِي أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ وَالْأَمْرُ بِالْغَسْلِ مُتَأَخِّرٌ جِدًّا لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، وَكَانَ إسْلَامُهُمَا - سَنَةَ سَبْعٍ، وَسِيَاقُ حَدِيثِ ابْنِ مُغَفَّلٍ الْآتِي ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ كَانَ بَعْدَ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ أَيْضًا فِي وُجُوبِ التَّتْرِيبِ لِلْإِنَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي بَابِ اعْتِبَارِ الْعَدَدِ. وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عَلَى نَجَاسَةِ الْكَلْبِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لُعَابُهُ نَجِسًا وَهُوَ عَرَقُ فَمِهِ، فَفَمُهُ نَجِسٌ، وَيَسْتَلْزِمُ نَجَاسَةَ سَائِرِ بَدَنِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ لُعَابَهُ جُزْءٌ مِنْ فَمِهِ، وَفَمُهُ أَشْرَفُ مَا فِيهِ فَبَقِيَّةُ بَدَنِهِ أَوْلَى، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْجُمْهُورُ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: أَنَّهُ طَاهِرٌ. وَدَلِيلُهُمْ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] وَلَا يَخْلُو الصَّيْدُ مِنْ التَّلَوُّثِ بِرِيقِ الْكِلَابِ، وَلَمْ نُؤْمَرْ بِالْغُسْلِ. وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ إبَاحَةَ الْأَكْلِ مِمَّا أَمْسَكْنَ لَا تُنَافِي وُجُوبَ تَطْهِيرِ مَا تَنَجَّسَ مِنْ الصَّيْدِ، وَعَدَمُ الْأَمْرِ لِلِاكْتِفَاءِ بِمَا فِي أَدِلَّةِ تَطْهِيرِ النَّجِسِ مِنْ الْعُمُومِ، وَلَوْ سَلِمَ فَغَايَتُهُ التَّرْخِيصُ فِي الصَّيْدِ بِخُصُوصِهِ. وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا ثَبَتَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: «كَانَتْ الْكِلَابُ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ زَمَانَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ» وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِزِيَادَةِ " وَتَبُولُ " وَرُدَّ بِأَنَّ الْبَوْلَ مُجْمَعٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ، فَلَا يَصْلُحُ حَدِيثُ بَوْلِ الْكِلَابِ فِي الْمَسْجِدِ حُجَّةً يُعَارَضُ بِهَا الْإِجْمَاعُ.
وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ فَلَا يَدُلَّانِ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَأَيْضًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الْغَسْلِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ أَوْ لِطَهَارَةِ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: إنَّهَا كَانَتْ تَبُولُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فِي مَوَاطِنِهَا ثُمَّ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْحَالِ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ، ثُمَّ وَرَدَ الْأَمْرُ بِتَكْرِيمِ الْمَسَاجِدِ وَتَطْهِيرِهَا وَجَعْلِ الْأَبْوَابِ عَلَيْهَا. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى الطَّهَارَةِ أَيْضًا بِمَا سَيَأْتِي مِنْ التَّرْخِيصِ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ التَّرْخِيصِ وَبَيْنَ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَكْلِيفٌ شَاقٌّ وَهُوَ لَا يُنَافِي التَّعَبُّدَ بِهِ.

نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست