responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 4002
(وَفِي رِوَايَةٍ: «اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» ) . وَالْمَعْنَى اهْتَزَّ اهْتِشَاشًا وَسُرُورًا بِتَقَلُّبِهِ مِنَ الدَّارِ الْفَانِيَةِ إِلَى الدَّارِ الْبَاقِيَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَرْوَاحَ السُّعَدَاءِ وَالشُّهَدَاءِ مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ هُنَاكَ، وَقِيلَ: اهْتَزَّ اسْتِعْظَامًا لِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ، وَقِيلَ: اهْتَزَّ وَفَرِحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ بِقُدُومِ رُوحِهِ، فَأَقَامَ الْعَرْشُ مَقَامَ حَامِلِيهِ، وَقِيلَ: مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَيَكُونُ اهْتِزَازُهُ إِعْلَامًا لِلْمَلَائِكَةِ بِوُقُوعِ أَمْرٍ عَظِيمٍ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ فَقَالَ طَائِفَةٌ: هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاهْتِزَازُ الْعَرْشِ تَحَرُّكُهُ فَرَحًا بِقُدُومِ رُوحِ سَعْدٍ، وَجَعَلَ اللَّهُ فِي الْعَرْشِ تَمْيِيزًا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: 74] وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَقَالَ الْمَازِرِيُّ، قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَا يُنْكَرُ هَذَا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ لِأَنَّ الْعَرْشَ جِسْمٌ مِنَ الْأَجْسَامِ يَقْبَلُ الْحَرَكَةَ وَالسُّكُونَ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ اهْتِزَازُ أَهِلِ الْعَرْشِ وَهُمْ حَمَلَتُهُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ، وَالْمُرَادُ بِالِاهْتِزَازِ الِاسْتِبْشَارُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ فُلَانٌ يَهْتَزُّ لِلْمَكَارِمِ، لَا يُرِيدُونَ اضْطِرَابَ جِسْمِهِ وَحَرَكَتِهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ ارْتِيَاحَهُ إِلَيْهَا وَإِقْبَالَهُ عَلَيْهَا. وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ تَعْظِيمِ شَأْنِ وَفَاتِهِ، وَالْعَرَبُ تَنْسُبُ الشَّيْءَ الْمُعَظَّمَ إِلَى أَعْظَمِ الْأَشْيَاءِ فَيَقُولُونَ: أَظْلَمَتْ بِمَوْتِ فُلَانٍ الْأَرْضُ، وَقَامَتْ لَهُ الْقِيَامَةُ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: الْمُرَادُ اهْتِزَازُ سَرِيرِ الْجِنَازَةِ وَهُوَ النَّعْشُ، وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ تَرُدُّهُ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، وَإِنَّمَا أَوَّلُوا هَذَا التَّأْوِيلَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُمْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ: سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَشْهَلِيُّ الْأَوْسِيُّ، أَسْلَمَ بِالْمَدِينَةِ بَيْنَ الْعَقَبَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَأَسْلَمَ بِإِسْلَامِهِ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَدَارُهُمْ أَوَّلُ دَارٍ أَسْلَمَتْ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيِّدُ الْأَنْصَارِ، وَكَانَ مُقَدَّمًا مُطَاعًا شَرِيفًا فِي قَوْمِهِ، وَهُوَ مِنْ أَجِلَّةِ الصَّحَابَةِ وَأَكَابِرِهِمْ وَخِيَارِهِمْ، شَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا، وَثَبَتَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ، وَرُمِيَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي أَكْحَلِهِ، فَلَمْ يَرْقَأِ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ بَعْدَ شَهْرٍ، وَذَلِكَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ، رَوَى عَنْهُ نَفَرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَفِي الْجَامِعِ: «اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ - عَنْ جَابِرٍ.

6207 - وَعَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: «أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُلَّةُ حَرِيرٍ فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَمَسُّونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْ لِينِهَا، فَقَالَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا وَأَلْيَنُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
6207 - (وَعَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: أُهْدِيَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُلَّةُ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَمَسُّونَهَا) ، أَيْ: يَلْمَسُّونَهَا وَيَمْسَحُونَهَا (وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْ لِينِهَا) ، أَيْ: نُعُومَتِهَا وَرِقَّتِهَا (قَالَ: " أَتَعْجَبُونَ مَنْ لِينِ هَذِهِ ") ؟ أَيِ: الْحُلَّةِ (" لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا وَأَلْيَنُ ") . أَيِ: الْمَنَادِيلُ الَّتِي يَمْسَحُ بِهَا سَعْدُ يَدَهُ خَيْرٌ مِنْ هَذِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَرْفَعَ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ لَا يُقَاوِمُ أَوُضَعَ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ. قَالَ النَّوَوِيُّ الْمَنَادِيلُ جَمْعُ مِنْدِيلٍ، وَهُوَ هَذَا الَّذِي يُحْمَلُ فِي الْيَدِ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَغَيْرُهُ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ النَّدْلِ وَهُوَ الْعَقْلُ، لِأَنَّهُ يُنْقَلُ مِنْ وَاحِدٍ إِلَى وَاحِدٍ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ النَّدْلِ وَهُوَ الْوَسَخُ لِأَنَّهُ يُنَدَّلُ بِهِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنَّمَا ضَرَبَ الْمَثَلَ بِالْمَنَادِيلِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عِلْيَةِ الثِّيَابِ، بَلْ هِيَ تُبْذَلُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَرَافِقِ فَيُمْسَحُ بِهَا الْأَيْدِي، وَيُنْفَضُ بِهَا الْغُبَارُ عَنِ الْبَدَنِ، وَتُغَطَّى مَا يُهْدَى فِي الْأَطْبَاقِ، وَتُتَّخَذُ لِفَافًا لِلثِّيَابِ، فَصَارَ سَبِيلُهَا سَبِيلَ الْخَادِمِ، وَسَبِيلُ سَائِرِ الثِّيَابِ سَبِيلَ الْمَخْدُومِ، فَإِذَا كَانَ أَدْنَاهَا هَكَذَا فَمَا ظَنُّكَ بِأَعْلَاهَا؟ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

6208 - «وَعَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَسٌ خَادِمُكَ ادْعُ اللَّهَ لَهُ. قَالَ: اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ ". قَالَ أَنَسٌ: فَوَاللَّهِ إِنَّ مَالِي لَكَثِيرٌ وَإِنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوِ الْمِائَةِ الْيَوْمَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
6208 - (وَعَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ) : وَهِيَ أُمُّ أَنَسٍ (أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَسٌ خَادِمُكَ ادْعُ اللَّهَ لَهُ، قَالَ: (اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدُهْ ") ، بِفَتْحَتَيْنِ وَضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ: أَوْلَادَهُ (" وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ ") أَيْ: مِنَ الْمَالِ وَالْوَلَدِ، وَالْبَرَكَةُ زِيَادَةُ النَّمَاءِ فِي إِفَادَةِ النَّعْمَاءِ (قَالَ أَنَسٌ: فَوَاللَّهِ إِنَّ مَالِي لَكَثِيرٌ) ، أَيْ: غَايَةُ الْكَثْرَةِ وَنِهَايَةُ الْبَرَكَةِ عَلَى وَفْقِ الْبُغْيَةِ (وَإِنَّ وَلَدِي) ، أَيْ: بِلَا وَاسِطَةٍ (وَوَلَدَ وَلَدِي لَيَتَعَادُّونَ) : بِضَمِّ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ: يَزِيدُونَ فِي الْعَدَدِ (عَلَى نَحْوِ الْمِائَةِ الْيَوْمَ) . أَيْ: فِي هَذَا الْوَقْتِ مِنَ الْحَدِيثِ، رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: رُزِقْتُ مِنْ صُلْبِي سِوَى وَلَدِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 4002
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست