responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3991
كَشَفْتُ عَنْ وَجْهِكِ عِنْدَمَا شَاهَدْتُكِ، فَإِذَا أَنْتِ مِثْلُ الصُّورَةِ الَّتِي رَأَيْتُهَا فِي الْمَنَامِ وَهُوَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ حَيْثُ حُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} [البقرة: 25] وَمِنْهُ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ كُنْتُ أَظَنُّ أَنَّ الْعَقْرَبَ أَشَدُّ لَسْعَةٍ مِنَ الزُّنْبُورِ، فَإِذَا هِيَ أَيْ فَإِذَا الزُّنْبُورُ مِثْلُ الْعَقْرَبِ، فَحَذَفَ الْأَدَاةَ مُبَالَغَةً فَحَصَلَ التَّشَابُهُ، وَإِلَيْهِ لَمْحُ الْآيَةِ، وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا، وَمَعْنَى الْمُفَاجَأَةِ فِي إِذَا يُسَاعِدُ هَذَا الْوَجْهُ. اهـ.
وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهَا: نَزَلَ جِبْرِيلُ بِصُورَتِي فِي رَاحَتِهِ حِينَ أَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُزَوِّجَنِي بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ صُورَتَهَا كَانَتْ فِي الْخِرْقَةِ، وَالْخِرْقَةُ فِي رَاحَتِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ بِالْكَيْفِيَّتَيْنِ لِقَوْلِهِ فِي نَفْسِ الْخَبَرِ: نَزَلَ مَرَّتَيْنِ أَيْ نَزَلَ جِبْرِيلُ بِصُورَتِهَا فِي رَاحَتِهِ وَمَلَكٌ آخَرُ فِي سَرَقَةٍ (" فَقُلْتُ ") ، أَيْ: فِي جَوَابِ الْمَلَكِ (" إِنْ يَكُنْ هَذَا ") ، أَيْ: مَا رَأَيْتَهُ فِي الْمَنَامِ (" مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ ") . بِضَمِّ الْيَاءِ مِنَ الْإِمْضَاءِ أَيْ يُنْفِذُهُ لَدَيَّ، وَيُوصِلُهُ إِلَيَّ وَيُظْهِرُهُ عَلَيَّ وَفِي نُسْخَةٍ بِهَاءِ السَّكْتِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا الشَّرْطُ مِمَّا يَقُولُهُ الْمُتَحَقِّقُ لِثُبُوتِ الْأَمْرِ الْمُدِلُّ بِصِحَّتِهِ تَقْرِيرًا لِوُقُوعِ الْجَزَاءِ وَتَحَقُّقِهِ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ السُّلْطَانِ لِمَنْ تَحْتَ قَهْرِهِ: إِنْ كُنْتَ سُلْطَانًا انْتَقَمَتْ مِنْكَ أَيِ السَّلْطَنَةُ مُقْتَضِيَةً لِلِانْتِقَامِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الرُّؤْيَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَقَبْلَ تَخْلِيصِ أَحْلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْأَضْغَاثِ، فَمَعْنَاهَا إِنْ كَانَتْ رُؤْيَا حَقٍّ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ النُّبُوَّةِ فَلَهَا ثَلَاثُ مَعَانٍ. أَحُدُهَا: الْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَا عَلَى وَجْهِهَا وَظَاهِرُهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَتَفْسِيرٍ يُمْضِهِ اللَّهُ وَيُنْجِزُهُ، فَالشَّكُّ عَائِدٌ إِلَى أَنَّهَا رُؤْيَا عَلَى ظَاهِرِهَا، أَمْ تَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَصَرْفٍ عَنْ ظَاهِرِهَا. وَثَانِيهَا: أَنَّ الْمُرَادَ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الزَّوْجِيَّةُ فِي الدُّنْيَا يُمْضِهَا اللَّهُ، فَالشَّكُّ أَنَّهَا زَوْجِيَّةٌ فِي الدُّنْيَا أَمْ فِي الْجَنَّةِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ لَمْ يَشُكَّ وَلَكِنْ أُخْبِرَ عَلَى التَّحْقِيقِ، وَأَتَى بِصُورَةِ الشَّكِّ وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْبَدِيعِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَلَاغَةِ يُسَمُّونَهُ تَجَاهُلُ الْعَارِفِ، وَسَمَّاهُ بَعْضُهُمْ مَزْجُ الشَّكِّ بِالْيَقِينِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي ضَعَّفْنَاهُ فِيمَا سَبَقَ، وَكَانَ مِنْ تَوَارُدِ الْخَاطِرِ.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ: خَطَبَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَزَوَّجَهَا بِمَكَّةَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ عَشْرٍ مِنَ النُّبُوَّةِ وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَأَعْرَسَ بِهَا بِالْمَدِينَةِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا. أَوَّلُهَا: تِسْعُ سِنِينَ، وَقِيلَ دَخَلَ بِهَا بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ مَقْدَمِهِ، وَبَقِيَتْ مَعَهُ تِسْعَ سِنِينَ، وَمَاتَ عَنْهَا وَلَهَا ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً. وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا، وَكَانَتْ فَقِيهَةً عَالِمَةً فَصِيحَةً فَاضِلَةً كَثِيرَةَ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَارِفَةً بِأَيَّامِ الْعَرَبِ وَأَشْعَارِهَا، رَوَى عَنْهَا جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَاتَتْ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ، وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأَمَرَتْ أَنْ تُدْفَنَ لَيْلًا فَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ، وَصَلَّى عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةَ مَرْوَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

6189 - وَعَنْهَا، قَالَتْ: «إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ مَرْضَاةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَتْ: إِنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُنَّ حِزْبَيْنِ: فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ، وَالْحِزْبُ الْآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكَلِّمُ النَّاسَ فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ. فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: " لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ؟ فَإِنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلَّا عَائِشَةَ ". قَالَتْ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ فَأَرْسَلْنَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ: " يَا بُنَيَّةُ! أَلَا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ ". قَالَتْ: بَلَى. قَالَ: " فَأَحِبِّي هَذِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَذَكَرَ حَدِيثُ أَنَسٍ " فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ " فِي بَابِ " بَدْءِ الْخَلْقِ " بِرِوَايَةِ أَبِي مُوسَى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
6189 - (وَعَنْهَا) ، أَيْ: عَنْ عَائِشَةَ (قَالَتْ: إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ) : بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ مِنَ التَّحَرِّي وَهُوَ طَالِبُ الْحَرِيِّ بِمَعْنَى اللَّائِقِ، أَوْ قَصَدَ الْأَحْرَى بِمَعْنَى الْأَحَقِّ وَالْأَوْلَى. قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ الرِّوَايَةُ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ يَتَحَيَّنُونَ وَمَا وَجَدْنَاهَا فِي الْأُصُولِ. وَفِي النِّهَايَةِ التَّحَرِّي: الْقَصْدُ وَالِاجْتِهَادُ فِي الطَّلَبِ، وَالْعَزْمُ عَلَى تَخْصِيصِ الشَّيْءِ بِالْفِعْلِ وَالْقَوْلِ. وَفِي الْحَدِيثِ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ» أَيْ: تَعَهَّدُوا طَلَبَهَا فِيهَا. اهـ. وَالْمَعْنَى يَطْلُبُونَ زِيَادَةَ الثَّوَابِ (بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ) ، أَيْ فِي الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ نَوْبَةُ عَائِشَةَ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَهَا (يَبْتَغُونَ) ، أَيْ: يَطْلُبُونَ (بِذَلِكَ) ، أَيْ: بِإِرْسَالِ هَدَايَاهُمْ إِلَيْهِ فِي يَوْمِهَا (مَرْضَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . أَيْ زِيَادَةَ رِضَاهُ لِمَزِيدِ مَحَبَّتِهِ لَهَا. (وَقَالَتْ: إِنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُنَّ حِزْبَيْنِ) ، أَيْ: طَائِفَتَيْنِ اتَّفَقَتْ مِزَاجُ كُلِّ طَائِفَةٍ وَرَأْيُهَا فِي عِشْرَتِهَا وَصُحْبَتِهَا (فَحِزْبٌ) ، أَيْ: جَمْعٌ مِنْهُنَّ. (فِيهِ عَائِشَةُ) : وَسَبَقَ ذِكْرُهَا (وَحَفْصَةُ) : وَهِيَ بِنْتُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3991
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست