responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3989
مَذْكُورٍ، لَكِنَّهُ يُفَسِّرُهُ الْحَالُ وَالْمُشَاهَدُ يَعْنِي بِهِ الدُّنْيَا وَالدِّينَ، يَظْهَرُ لِي أَنَّ قَوْلَهُ: خَيْرُ نِسَائِهَا خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَالضَّمِيرُ لِمَرْيَمَ فَكَأَنَّهُ قَالَ مَرْيَمُ خَيْرُ نِسَاءِ زَمَانِهَا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَرَوَاهُ الْحَارِثُ عَنْ عُرْوَةَ مُرْسِلًا: خَدِيجَةُ خَيْرُ نِسَاءِ عَالَمِهَا، وَمَرْيَمُ خَيْرُ نِسَاءِ عَالَمِهَا، وَفَاطِمَةُ خَيْرُ نِسَاءِ عَالَمِهَا.
(وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ) : بِالتَّصْغِيرِ (وَأَشَارَ وَكِيعٌ إِلَى السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) . قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَالضَّمِيرُ فِي الْأُولَى عَائِدٌ إِلَى الْأُمَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِيهِمْ مَرْيَمُ، وَفِي الثَّانِيَةِ إِلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلِهَذَا كَرَّرَ الْقَوْلَ مِنْ أَوَّلِهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ حُكْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ حُكْمِ الْآخَرِ، وَكِلَا الْفَصْلَيْنِ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ وَإِشَارَةُ وَكِيعٍ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ مُنْبِئَةٌ مِنْ كَوْنِهِمَا خَيْرًا مِمَّنْ هُوَ فَوْقَ الْأَرْضِ وَتَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي الْبَيَانِ وَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ خَيْرُ نِسَائِهَا، لِأَنَّ إِعَادَةَ الضَّمِيرِ إِلَى السَّمَاءِ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ فِيهِ، ثُمَّ إِنَّهُمَا شَيْئَانِ مُخْتَلِفَانِ، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ. قَالَ الْقَاضِي: إِنَّمَا وَحَّدَ الضَّمِيرَ لِأَنَّهُ أَرَادَ جُمْلَةَ طَبَقَاتِ السَّمَاءِ وَأَقْطَارِ الْأَرْضِ، أَوْ أَنَّ مَرْيَمَ خَيْرُ مَنْ صَعِدَ بِرُوحِهِنَّ إِلَى السَّمَاءِ، وَخَدِيجَةُ خَيْرُ نِسَاءٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَالْحَدِيثُ وَرَدَ فِي أَيَّامِ حَيَاتِهَا. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إِلَى السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَإِنِ اخْتَلَفَا بِاعْتِبَارِ الدُّنْيَا مَجَازًا كَمَا عَبَّرَ بِهِمَا عَنِ الْعَالَمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [آل عمران: 5] الْكَشَّافِ، أَيْ: لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْعَالَمِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ} [سبأ: 1] عَلَى مَعْنَى لَهُ الْحَمْدُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَعَبَّرَ بِهِمَا عَنِ الدُّنْيَا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ مَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ حَدِيثِ: «حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ» الْحَدِيثَ. وَتَفْسِيرُ وَكِيعٍ: إِنَّمَا يَسْتَقِيمُ إِذَا بَيَّنَ مَا أُبْهِمَ فِي الْحَدِيثِ وَالْمُبْهَمُ فِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ. اهـ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْأَظْهَرُ فِي مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا خَيْرٌ مِنْ نِسَاءِ الْأَرْضِ فِي عَصْرِهَا، وَأَمَّا الْفَضْلُ بَيْنَهُمَا فَمَسْكُوتٌ عَنْهُ. ذَكَرَهُ الْجَزَرِيُّ.

6185 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَتَى جِبْرَئِيلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ، فَإِذَا أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
6185 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، أَيْ: وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحِرَاءَ (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذِهِ) : إِشَارَةٌ عَلَى مَا فِي ذِهْنِ جِبْرِيلَ (خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ) ، أَيْ: تَوَجَّهَتْ مِنْ (مَكَّةَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ) ، أَيْ: مَعَ خُبْزٍ (أَوْ طَعَامٍ) ، أَيْ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهِمَا (فَإِذَا أَتَتْكَ) ، أَيْ: تَحَقَّقَ مَأْتَاهَا عِنْدَكَ (فَاقْرَأْ عَلَيْهَا) : بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ أَبْلِغْهَا (السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ) ، بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ لُؤْلُؤٍ مُجَوَّفٍ وَاسِعٍ كَالْقَصْرِ الْمَنِيفِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ، أَيْ: مِنْ قَصَبِ اللُّؤْلُؤِ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ لُؤْلُؤٍ إِذْ فِي لَفْظِ الْقَصَبِ مُنَاسِبَةٌ لِأَنَّهَا أَحْرَزَتْ قَصَبَ السَّبْقِ لِمُبَادَرَتِهَا إِلَى الْإِيمَانِ دُونَ غَيْرِهَا. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ: «خَدِيجَةُ سَابِقَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَبِمُحَمَّدٍ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ (لَا صَخَبَ) : بِفَتْحِ الصَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَلَا: لَنَفْيِ الْجِنْسِ أَيْ: لَا صِيَاحَ أَوْ لَا اخْتِلَاطَ صَوْتٍ. (فِيهِ) ، أَيْ: فِي الْقَصَبِ الْمُعَبَّرِ بِهِ عَنِ الْقَصْرِ، وَفِي نُسْخَةٍ فِيهَا، فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْجَنَّةِ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (وَلَا نَصَبَ) . بِفَتْحَتَيْنِ قَالَ تَعَالَى: {لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر: 35] أَيْ كَلَالٌ. قَالَ شَارِحٌ، أَيْ: لَا يَكُونُ لَهَا شَاغِلٌ يَشْغَلُهَا عَنْ لَذَائِذِ الْجَنَّةِ وَلَا تَعَبَ يَنْقُصُهَا. وَقَالَ الْقَاضِي: نَفَى عَنِ الْقَصَبِ الصَّخَبَ وَالنَّصَبَ، لِأَنَّهُ مَا مِنْ بَيْتٍ فِي الدُّنْيَا يَسْكُنُهُ قَوْمٌ إِلَّا كَانَ بَيْنَ أَهْلِهِ صَخَبٌ وَجَلَبَةٌ، وَإِلَّا كَانَ فِي بِنَائِهِ وَإِصْلَاحِهِ نَصَبٌ وَتَعَبٌ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ قُصُورَ الْجَنَّةِ خَالِيَةٌ عَنْ هَذِهِ الْآفَاتِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيُؤَيِّدُهُ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ بِنَاءَ بَيْتِ الْجَنَّةِ حَاصِلٌ بِقَوْلِهِ: كُنْ، لَيْسَ كَأَبْنِيَةِ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا إِنَّمَا يَتَسَبَّبُ بِنَاؤُهَا صَخَبٌ وَنَصَبٌ، وَكَذَا السُّكُونُ فِيهَا لَا يَخْلُو عَنْهُمَا وَلَيْسَ حُكْمُ بَيْتِ الْجَنَّةِ كَذَلِكَ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3989
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست