responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3967
أَيْ بَعْدَ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ (" أَلَا ") : بِتَخْفِيفِ اللَّامِ لِلتَّنْبِيهِ زِيَادَةً فِي الِاهْتِمَامِ عَلَى التَّوْجِيهِ (" أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ") ، أَيْ: مِثْلُكُمْ لَكِنَّ امْتِيَازِي عَنْكُمْ بِأَنَّهُ يُوحَى إِلَيَّ (" يُوشِكُ ") ، أَيْ: يَقْرُبُ (أَنْ يَأْتِيَنِي رَسُولُ رَبِّي ") ، أَيْ: جِبْرِيلُ وَمَعَهُ عِزْرَائِيلُ، أَوِ الْمُرَادُ بِهِ مَلَكُ الْمَوْتِ (" فَأُجِيبَهُ ") : بِالنَّصْبِ (" وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ ") : بِفَتْحَتَيْنِ أَيِ: الْأَمْرَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ، سَمَّى كِتَابَ اللَّهِ وَأَهْلَ بَيْتِهِ بِهِمَا لِعِظَمِ قَدْرِهِمَا، وَلِأَنَّ الْعَمَلَ بِهِمَا ثَقِيلٌ عَلَى تَابِعِهِمَا. قَالَ صَاحِبُ الْفَائِقِ: الثَّقَلُ الْمَتَاعُ الْمَحْمُولُ عَلَى الدَّابَّةِ، وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْجِنِّ وَالْإِنْسِ: الثَّقَلَانِ لِأَنَّهُمَا ثَقَالُ الْأَرْضِ فَكَأَنَّهُمَا ثَقَلَاهَا، وَقَدْ شَبَّهَ بِهِمَا الْكِتَابَ وَالْعِتْرَةَ فِي أَنَّ الدِّينَ يُسْتَصْلَحُ بِهِمَا وَيَعْمُرُ كَمَا عَمُرَتِ الدُّنْيَا بِالثَّقَلَيْنِ، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: سَمَّاهُمَا ثَقَلَيْنِ لِأَنَّ الْأَخْذَ وَالْعَمَلَ بِهِمَا ثَقِيلٌ، وَقِيلَ: فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5] أَيْ أَوَامِرَ اللَّهِ وَنَوَاهِيهِ، لِأَنَّهُ لَا يُؤَدَّى إِلَّا بِتَكَلُّفِ مَا يَثْقُلُ، وَقِيلَ: قَوْلًا ثَقِيلًا أَيْ لَهُ وَزْنٌ، وَسُمِّيَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ ثَقَلَيْنِ لِأَنَّهُمَا فُضِّلَا بِالتَّمْيِيزِ عَلَى سَائِرِ الْحَيَوَانِ وَكُلِّ شَيْءٍ لَهُ وَزْنٌ وَقَدْرٌ مُتَنَافَسٌ فِيهِ فَهُوَ ثَقِيلٌ. (" أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى ") ، أَيِ: الْهِدَايَةُ عَنِ الضَّلَالَةِ (" وَالنُّورُ ") ، أَيْ: نُورُ الْقَلْبِ لِلِاسْتِقَامَةِ أَوْ سَبَبُ ظُهُورِ النُّورِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (" فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ ") ، أَيِ: اسْتِنْبَاطًا وَحِفْظًا وَعِلْمًا (" وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ") . أَيْ وَتَمَسَّكُوا بِهِ اعْتِقَادًا وَعَمَلًا، وَمِنْ جُمْلَةِ كِتَابِ اللَّهِ الْعَمَلُ بِأَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] ، {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] وَ {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] وَفِي رِوَايَةٍ: فَتَمَسَّكُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَخُذُوا بِهِ (فَحَثَّ) : بِتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ فَحَرَّضَ أَصْحَابَهُ (عَلَى كِتَابِ اللَّهِ) ، أَيْ: عَلَى مُحَافَظَةِ وَمُرَاعَاةِ مَبَانِيهِ وَمَعَانِيهِ وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهِ (وَرَغَّبَ فِيهِ) بِتَشْدِيدِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: ذَكَرَ الْمُرَغِّبَاتِ مِنْ حُصُولِ الدَّرَجَاتِ فِي حَقِّهِ، ثُمَّ يُمْكِنُ أَنَّهُ رَهَّبَ وَخَوَّفَ بِالْعُقُوبَاتِ لِمَنْ تَرَكَ مُتَابَعَةَ الْآيَاتِ، فَيَكُونُ حَذْفُهُ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْبِشَارَةِ إِيمَاءً إِلَى سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ رَحْمَتَهُ لِلْعَالَمِينَ، وَأُمَّتُهُ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ.
(ثُمَّ قَالَ) ، أَيِ: النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (" وَأَهْلُ بَيْتِي ") ، أَيْ: وَثَانِيهُمَا أَهْلُ بَيْتِي (" أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ ") : بِكَسْرِ الْكَافِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ أُحَذِّرُكُمُوهُ (" فِي أَهْلِ بَيْتِي ") : وَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِمْ وَإِشْعَارًا بِالْعِلَّةِ، وَالْمَعْنَى أُنَبِّهُكُمْ حَقَّ اللَّهِ فِي مُحَافَظَتِهِمْ وَمُرَاعَاتِهِمْ وَاحْتِرَامِهِمْ وَإِكْرَامِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ وَمَوَدَّتِهِمْ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ، أَيْ: أُحَذِّرُكُمُ اللَّهَ فِي شَأْنِ أَهْلِ بَيْتِي وَأَقُولُ لَكُمُ: اتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُؤْذُوهُمْ وَاحْفَظُوهُمْ، فَالتَّذْكِيرُ بِمَعْنَى الْوَعْظِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَعَظَ وَذَكَّرَ. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّغَايُرُ بَيْنَهُمَا وَالْحَمْلُ عَلَى التَّأْسِيسِ أَوْلَى (" أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ") كَرَّرَ الْجُمْلَةَ لِإِفَادَةِ الْمُبَالِغَةِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِأَحَدِهِمَا آلَهُ وَبِالْأُخْرَى أَزْوَاجَهُ لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا. وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
(وَفِي رِوَايَةٍ) ، أَيْ: بَدَلَ أَوَّلِهِمَا كِتَابُ اللَّهِ إِلَخْ (" كِتَابُ اللَّهِ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ ") ، أَيْ مَا يُوَصِّلُ الْعَبْدَ إِلَى رَبِّهِ وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى قُرْبِهِ وَالتَّرَقِّي مِنْ حَضِيضِ الْبَشَرِيَّةِ إِلَى أَوْجِ رِفْعَةِ الْمَلَكِيَّةِ بِالْحُضُورِ فِي الْحَضْرَةِ الْإِلَهَةِ وَالْغَيْبَةِ عَنْ شُعُورِ أُمُورِ الْكَوْنِيَّةِ، وَهُوَ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آل عمران: 103] (" مَنِ اتَّبَعَهُ ") ، أَيْ: إِيمَانًا وَحِفْظًا وَعِلْمًا وَعَمَلًا وَإِخْلَاصًا (كَانَ عَلَى الْهُدَى ") أَيْ عَلَى الْهِدَايَةِ الْكَامِلَةِ (" وَمَنْ تَرَكَهُ ") ، أَيْ: بِجِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ (" كَانَ عَلَى الضَّلَالَةِ ") . أَيِ الْغَوَايَةِ الشَّامِلَةِ، فَالْقُرْآنُ كَالْحَبْلِ ذُو وَجْهَيْنِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَسِيلَةً لِلتَّرَقِّي، وَأَنْ يَكُونَ ذَرِيعَةً لِلتَّنَزُّلِ وَالتَّدَلِّي كَالنَّيْلِ مَاءٌ لِلْمَحْبُوبِينَ وَدِمَاءٌ لِلْمَحْجُوبِينَ يَضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا، الْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) ، نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ وَرَفَعَنَا بِسَبَبِهِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي الذَّخَائِرِ فَقِيلَ لِزَيْدٍ: مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ، أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: بَلَى إِنَّ نِسَاءَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ مَنْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ. قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ عَبَّاسٍ. قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَخْرَجَ مَعْنَاهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَلَفْظُهُ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِنِّي أُوشِكُ أَنْ أُدْعَى فَأُجِيبَ وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابُ اللَّهِ وَعِتْرَتِي كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، وَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ فَانْظُرُوا بِمَا تَخْلُفُونِي فِيهِمَا.»

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3967
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست