responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3893
شَيْءٌ مِنْ قِبَلِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى، فَيَكُونُ كَالَّذِي حَدَّثَ بِهِ. وَفِي قَوْلِهِ: فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَهُوَ عُمَرُ لَمْ يُرِدْ هَذَا الْقَوْلَ مَوْرِدَ التَّرَدُّدِ، فَإِنَّ أُمَّتَهُ أَفْضَلُ الْأُمَمِ وَإِنْ كَانُوا مَوْجُودِينَ فِي غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ، فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَكُونُوا فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَكْثَرَ عَدَدًا وَأَعْلَى رُتْبَةً، وَإِنَّمَا وَرَدَ مَوْرِدَ التَّأْكِيدِ وَالْقَطْعِ بِهِ، وَلَا يَخْفَى عَلَى ذِي الْفَهْمِ مَحَلُّهُ مِنَ الْمُبَالَغَةِ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ: إِنْ يَكُنْ لِي صَدِيقٌ فَإِنَّهُ فُلَانٌ يُرِيدُ بِذَلِكَ اخْتِصَاصَهُ بِالْكَمَالِ فِي صَدَاقَتِهِ لَا نَفْيَ الْأَصْدِقَاءِ اه. وَتَوْضِيحُهُ أَنَّكَ لَا تُرِيدُ بِذَلِكَ الشَّكَّ فِي صَدَاقَتِهِ وَالتَّرَدُّدَ فِي أَنَّهُ هَلْ لَكَ صَدِيقٌ بَلِ الْمُبَالَغَةُ فِي أَنَّ الصَّدَاقَةَ مُخْتَصَّةٌ بِهِ لَا تَتَخَطَّاهُ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي كَوْنِهِمْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ احْتِيَاجُهُمْ إِلَى ذَلِكَ حَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمْ نَبِيٌّ وَكُتُبُهُمْ طَرَأَ عَلَيْهَا التَّبْدِيلُ، وَاحْتُمِلَ عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا تَحْتَاجُ هَذِهِ الْأُمَّةُ إِلَى ذَلِكَ لِاسْتِغْنَائِهَا بِالْقُرْآنِ الْمَأْمُونِ تَبْدِيلُهُ وَتَحْرِيفُهُ. ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ. قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا الشَّرْطُ مِنْ بَابِ قَوْلِ الْأَجِيرِ: إِنْ كُنْتُ عَمِلْتُ لَكَ فَوَفِّنِي حَقِّي وَهُوَ عَالِمٌ بِذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ يُخَيَّلُ فِي كَلَامِهِ أَنَّ تَفْرِيطَكَ فِي الْخُرُوجِ عَنِ الْحَقِّ فِعْلُ مَنْ لَهُ شَكٌّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَعَ وُضُوحِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُحَدَّثِ الْمُلْهَمِ الْمُبَالَغِ فِيهِ الَّذِي انْتَهَى إِلَى دَرَجَةِ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْإِلْهَامِ، فَالْمَعْنَى لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ أَنْبِيَاءُ يُلْهَمُونَ مِنْ قِبَلِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى، فَإِنَّ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ هَذَا شَأْنُهُ فَهُوَ عُمَرُ جَعَلَهُ لِانْقِطَاعِ قَرِينِهِ وَتَفَوُّقِهِ عَلَى أَقْرَانِهِ فِي هَذَا، كَأَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ نَبِيٌّ أَمْ لَا. فَاسْتَعْمَلَ (إِنْ) وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَرَدَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي: لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَلَوْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، بِمَنْزِلَةِ إِنْ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ، كَمَا فِي قَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: نِعْمَ الْعَبْدُ صُهَيْبٌ لَوْ لَمْ يَخِفِ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . قَالَ مِيرَكُ: وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ وَلِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ عَنْ عَائِشَةَ.
وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّ الْحَاكِمَ أَخْرَجَ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ مُسْتَدْرِكًا عَلَى مُسْلِمٍ فِي كَوْنِهِ لَمْ يُخْرِجْهُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي (الْمَنَاقِبِ) أَيْضًا. قُلْتُ: وَقَدْ سَبَقَ عَنْهُ الْجَوَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. ثُمَّ لَفْظُ الْحَدِيثِ فِي الْجَامِعِ: ( «قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ نَاسٌ مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ» ) . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ عَائِشَةَ، فَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مُسَامَحَةٌ لَا تَخْفَى، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِيرَكُ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ لَفْظَ أَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ قَدْ كَانَ يَكُونُ فِي الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَهُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، ذَكَرَهُ فِي الرِّيَاضِ. ثُمَّ قَالَ: وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَخَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَخَرَّجَ عَنْهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ، فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَهُوَ عُمَرُ» ) وَمَعْنَى مُحَدَّثُونَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مُلْهَمُونَ الصَّوَابَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ بِأَنْ تُحَدِّثَهُمُ الْمَلَائِكَةُ لَا بِوَحْيٍ، بَلْ بِمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ حَدِيثٍ وَتِلْكَ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ.

6036 - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ فَبَادَرْنَ الْحِجَابَ، فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَضْحَكُ، فَقَالَ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ) قَالَ عُمَرُ؟ يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ! أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقُلْنَ: نَعَمْ؟ أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِيهٍ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: زَادَ الْبَرْقَانِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا أَضْحَكَكَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
6036 - (وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ) ، أَيْ جَمَاعَةٌ مِنَ النِّسَاءِ (مِنْ قُرَيْشٍ) ، قَالَ الْقَسْطَلَانِيُّ: هُنَّ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَغَيْرُهُنَّ. وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ، أَيْ: نِسْوَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُنَّ مَعَهُنَّ غَيْرُهُنَّ لَكِنَّ قَرِينَةَ قَوْلِهِ: (يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ) ، تُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَيْ يَسْتَكْثِرْنَهُ فِي الْكَلَامِ، وَلَا يُرَاعِينَ مَقَامَ الِاحْتِشَامِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ، أَيْ: يَطْلُبْنَ مِنْهُ النَّفَقَاتِ الْكَثِيرَةَ، وَفِي رِوَايَةٍ: يَسْأَلْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ (عَالِيَةً) : بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ. وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى الْوَصْفِ اه. وَفِي رِوَايَةٍ: رَافِعَاتٍ (أَصْوَاتُهُنَّ) ، بِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ فَوْقَ صَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عُلُوَّ أَصْوَاتِهِنَّ إِنَّمَا كَانَ لِاجْتِمَاعِهِنَّ فِي الصَّوْتِ، لَا أَنَّ كَلَامَ كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ أَعْلَى مِنْ صَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أَقُولُ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَفْعَ أَصْوَاتِهِنَّ كَانَ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُرَدَّ الْإِشْكَالُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] الْآيَةَ. بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُنَّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِنَّ مِنَ الْخَفْضِ وَرَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ فِي كَلَامِهِنَّ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتِمَادًا عَلَى حُسْنِ خُلُقِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ) :

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3893
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست