responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3757
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَقَدْ رَوَيْنَا عَنِ الْبُخَارِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] (ثُمَّ) : قَالَ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَيْءٌ أُرِيَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْيَقَظَةِ رَآهُ بِعَيْنِهِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ أَنْكَرَتْهُ قُرَيْشٌ وَارْتَدَّتْ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ أَسْلَمُوا حِينَ جَمَعُوهُ، وَإِنَّمَا يُنْكَرُ إِذَا كَانَتْ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِنَّ الرُّؤْيَا لَا يُنْكَرُ مِنْهَا مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْمِعْرَاجَ مَرَّتَانِ: مَرَّةً بِالنَّوْمِ وَأُخْرَى بِالْيَقَظَةِ. قَالَ مُحْيِي السُّنَّةِ: رُؤْيَا أَرَاهُ اللَّهُ قَبْلَ الْوَحْيِ بِدَلِيلِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ فِي الْيَقَظَةِ بَعْدَ الْوَحْيِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ تَحْقِيقًا لِرُؤْيَاهُ، كَمَا أَنَّهُ رَأَى فَتْحَ مَكَّةَ فِي الْمَنَامِ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ، ثُمَّ كَانَ تَحْقِيقُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعَنْ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ، أَنَّ الْأَرْوَاحَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ أَنْوَارِ الْكَمَالِ وَالْجَلَالِ، وَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَبْدَانِ بِمَنْزِلَةِ قُرْصِ الشَّمْسِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذَا الْعَالَمِ، وَكَمَا أَنَّ كُلَّ جِسْمٍ يَصِلُ إِلَيْهِ نُورُ الشَّمْسِ تَتَبَدَّلُ ظُلُمَاتُهُ بِالْأَضْوَاءِ، فَكَذَلِكَ كَلُّ عُضْوٍ وَصَلَ إِلَيْهِ نُورُ الرُّوحِ انْقَلَبَ حَالُهُ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.
وَقَالُوا: الْأَرْوَاحُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ. الْأَوَّلُ: الْأَرْوَاحُ الْمُكَدَّرَةُ بِالصِّفَاتِ الْبَشَرِيَّةِ وَهِيَ أَرْوَاحُ الْعَوَامِّ غَلَبَتْهُ الْقُوَى الْحَيَوَانِيَّةُ لَا تَقْبَلُ الْعُرُوجَ، وَالثَّانِي: الْأَرْوَاحُ الَّتِي لَهَا كَمَالُ الْقُوَّةِ النَّظَرِيَّةِ بِاكْتِسَابِ الْعُلُومِ، وَهَذِهِ أَرْوَاحُ الْعُلَمَاءِ، وَالثَّالِثُ: الْأَرْوَاحُ الَّتِي لَهَا كَمَالُ الْقُوَّةِ الْمُدَبِّرَةِ لِلْبَدَنِ بِاكْتِسَابِ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ، وَهَذِهِ أَرْوَاحُ الْمُرْتَاضِينَ إِذَا كَبُرَ وَأَقْوَى أَبْدَانُهُمْ بِالِارْتِيَاضِ وَالْمُجَاهَدَةِ، وَالرَّابِعُ: الْأَرْوَاحُ الْحَاصِلَةُ لَهَا كَمَالُ الْقُوَّتَيْنِ، وَهَذِهِ غَايَةُ الْأَرْوَاحِ الْبَشَرِيَّةِ وَهِيَ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ، فَلَمَّا ازْدَادَ قُوَّةُ أَرْوَاحِهِمُ ازْدَادَ ارْتِفَاعُ أَبْدَانِهِمْ عَنِ الْأَرْضِ، وَبِهَذَا لَمَّا كَانَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ قَوِيَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْأَرْوَاحُ عُرِجَ بِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، وَأَكْمَلُهُمْ قُوَّةً نَبِيُّنَا، فَعُرِجَ بِهِ إِلَى قَابِ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5862 - (عَنْ قَتَادَةَ) ، تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) أَيْ: خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ) : أَنْصَارِيٌّ مُزَنِيٌّ مَدَنِيٌّ سَكَنَ الْبَصْرَةَ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ (أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّثَهُمْ) أَيِ: الصَّحَابَةَ: وَمِنْهُمْ أَنَسٌ (عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ) : بِالْإِضَافَةِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّنْوِينِ أَيْ: لَيْلَةٍ أُسْرِيَ بِهِ فِيهَا. قَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ: إِنَّهَا مُضَافَةٌ إِلَى الْمَاضِي، وَفِي نُسْخَةِ رِوَايَتِي مَجْرُورَةٌ مُنَوَّنَةٌ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: يَجُوزُ بِنَاءُ لَيْلَةٍ وَإِعْرَابُهَا، وَأُسْرِيَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ إِيمَاءٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1] وَالْإِسْرَاءُ: مِنَ السُّرَى، وَهُوَ السَّيْرُ فِي اللَّيْلِ. يُقَالُ: سَرَى وَأَسْرَى بِمَعْنًى، وَقِيلَ: أَسْرَى سَارَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَسَرَى مِنْ آخِرِهِ. قِيلَ: وَهُوَ أَقْرَبُ فَالْبَاءُ فِي بِهِ لِلتَّعْدِيَةِ، وَذِكْرُ اللَّيْلِ لِلتَّجْرِيدِ أَوْ لِلتَّأْكِيدِ. وَفِي الْآيَةِ بِالتَّنْكِيرِ لِلتَّقْلِيلِ وَالتَّعْظِيمِ. (بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ) : قَالَ الْقَاضِي، قِيلَ هُوَ الْحِجْرُ سُمِّيَ حِجْرًا لِأَنَّهُ حَجَرَ عَنْهُ بِحِيطَانِهِ، وَحَطِيمًا لِأَنَّهُ حُطِمَ جِدَارُهُ عَنْ مُسَاوَاةِ الْكَعْبَةِ، وَعَلَيْهِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ (وَرُبَّمَا قَالَ فِي الْحِجْرِ) : فَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَى لَهُمْ قِصَّةَ الْمِعْرَاجِ مَرَّاتٍ، فَعَبَّرَ بِالْحَطِيمِ تَارَةً، وَبِالْحِجْرِ أُخْرَى. وَقِيلَ: الْحَطِيمُ غَيْرُ الْحِجْرِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْمَقَامِ إِلَى الْبَابِ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَزَمْزَمَ وَالْحِجْرِ، وَالرَّاوِي شَكَّ فِي أَنَّهُ جُمِعَ فِي الْحَطِيمِ أَوْ فِي الْحِجْرِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الْحَطِيمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ إِلَى الْبَابِ إِلَى الْمَقَامِ حَيْثُ يَنْحَطِمُ النَّاسُ لِلدُّعَاءِ، وَقِيلَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَحَالَفُونَ هُنَالِكَ، وَيَنْحَطِمُونَ بِالْإِيمَانِ، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الْأَوَّلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (مُضْطَجِعًا) : قَيْدٌ لِلرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ النَّوْمَ وَالْيَقَظَةَ (إِذْ أَتَانِي آتٍ) أَيْ: جَاءَنِي مَلَكٌ (فَشَقَّ) أَيْ: قَطَعَ (مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3757
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست