responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3724
(وَيَقُولُ: إِنْ شِئْتَ نَبِيًّا عَبْدًا) أَيْ: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ نَبِيًّا كَعَبْدٍ أَيْ: جَامِعًا بَيْنَ وَصْفِ النُّبُوَّةِ وَالْعُبُودِيَّةِ، فَكُنْ أَوِ اخْتَرْ أَوْ فَلَكَ هَذَا (وَإِنْ شِئْتَ نَبِيًّا مَلِكًا) أَيْ: فَكَذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ اللَّهَ خَيَّرَكَ فَاخْتَرْ مَا شِئْتَ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْمُلُوكِيَّةَ وَكَمَالَ الْعُبُودِيَّةِ لَا يَجْتَمِعَانِ. قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ: نَبِيًّا عَبْدًا: خَبَرٌ لِكَوْنٍ مَحْذُوفٍ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: إِنَّ اللَّهَ يُخَيِّرُكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عَبْدًا نَبِيًّا. وَجَزَاءُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ أَيْ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَكُونَ نَبِيًّا عَبْدًا فَكُنْ إِيَّاهُ (فَنَظَرْتُ إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَيْ: نَظَرَ مُشَاوَرَةٍ وَاخْتِيَارٍ فِي مَوْضِعِ اخْتِيَارٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 30] وَلِأَنَّ بَعْضَ الْأَنْبِيَاءِ جُمِعَ لَهُمْ بَيْنَهُمَا، وَرُبَّمَا يُظَنُّ أَنَّهُ هُوَ مَرْتَبَةُ الْكَمَالِ، كَمَا وَرَدَ: «نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ» ، وَلِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إِلَى فَتْحِ الْبِلَادِ وَتَوْسِيعِ الْعِبَادِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ. (" فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنْ ضَعْ نَفْسَكَ ") . أَنْ: مَصْدَرِيَّةٌ وَضَعْ أَمْرٌ مِنْ وَضَعَ، أَوْ تَفْسِيرِيَّةٌ لِمَا فِي أَشَارَ مِنْ مَعْنَى الْقَوْلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَوْمَأَ إِلَيَّ بِأَنْ حُطَّ نَفْسَكَ عَنْ طَمَعِ مَرْتَبَةِ الْمُلُوكِيَّةِ، وَاخْتَرْ أَنْ تَكُونَ فِي مَقَامِ الْعُبُودِيَّةِ، فَإِنَّهُ فِي الْمَآلِ أَعْلَى، وَفِي الْمَنَازِلِ أَغْلَى، وَفِي ذَوْقِ الطَّالِبِينَ أَحْلَى، فَإِنَّ الْمُلْكَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] أَيْ: لِتَظْهَرَ عُبُودِيَّتُهُمْ لِي وَأُلُوهِيَّتِي وَرُبُوبِيَّتِي لَهُمْ كَمَا رَوَى فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: (كُنْتُ كَنْزًا مَخْفِيًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُعَرَّفَ فَخَلَقْتُ الْخَلْقَ لُأَعَرَّفَ) : وَفِي تَقْدِيمِ الشَّرْطِيَّةِ الْأُولَى إِشْعَارٌ بِالْمَرْتَبَةِ الْأُولَى، وَفِيهِ دَلِيلٌ صَرِيحٌ عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ الصَّابِرَ أَفْضَلُ مِنَ الْغَنِيِّ الشَّاكِرِ، خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَهُ كَابْنِ عَطَاءٍ، وَدَعَا عَلَيْهِ الْجُنَيْدُ بِالْبَلَاءِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْغِطَاءِ.

5836 - وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «فَالتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَالْمُسْتَشِيرِ لَهُ فَأَشَارَ جِبْرِيلُ بِيَدِهِ أَنْ تَوَاضَعْ، فَقُلْتُ: نَبِيًّا عَبْدًا. قَالَتْ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَأْكُلُ مُتَّكِئًا يَقُولُ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ» . رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5836 - (وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى جِبْرِيلَ كَالْمُسْتَشِيرِ لَهُ، فَأَشَارَ جِبْرِيلُ بِيَدِهِ) أَيْ: إِلَى الْأَرْضِ (أَنْ تَوَاضَعْ) . أَيِ: اخْتَرِ الْفَقْرَ وَالْعُبُودِيَّةَ الْمُوَرِّثَةَ لِلتَّوَاضُعِ لِلَّهِ الْمُنْتِجَةَ لِرِفْعَةِ الْقَدْرِ عِنْدَ اللَّهِ، لَا الْمُلْكَ وَالْغِنَى الْبَاعِثَ عَلَى الطُّغْيَانِ وَالنِّسْيَانِ، الْمُوجِبَ لِلتَّكَبُّرِ وَالْكُفْرَانِ، الْمُقْتَضِيَ لِوَضْعِهِ عَنْ نَظَرِ اللَّهِ، وَهَذَا بِاعْتِبَارِ غَالِبِ الْأَحْوَالِ، وَلِذَا اخْتَارَ اللَّهُ الْفَقْرَ لِأَكْثَرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ، جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ وَحَشَرَنَا مَعَهُمْ. (فَقُلْتُ: " نَبِيًّا عَبْدًا ") . أَيْ: أَكُونُ نَبِيًّا عَبْدًا. (قَالَتْ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَأْكُلُ مُتَّكِئًا) ، فَسَّرَ الْأَكْثَرُونَ الِاتِّكَاءَ بِالْمَيْلِ إِلَى أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْأَكْلِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ مَجْرَى الطَّعَامِ، وَنَقَلَ الْقَاضِي.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3724
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست