responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3710
بَابٌ فِي أَخْلَاقِهِ وَشَمَائِلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5801 - «عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَدَمْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ وَلَا لِمَ صَنَعْتَ وَلَا أَلَّا صَنَعْتَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَابٌ فِي أَخْلَاقِهِ وَشَمَائِلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فِي النِّهَايَةِ: الْخُلُقُ بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِهَا الدِّينُ وَالطَّبْعُ وَالسَّجِيَّةُ، وَحَقِيقَتُهُ أَنَّهُ لِصُورَةِ الْإِنْسَانِ الْبَاطِنَةِ وَهِيَ نَفْسُهُ وَأَوْصَافُهَا الْمُخْتَصَّةُ بِهَا بِمَنْزِلَةِ الْخَفْقِ كَصُورَتِهَا الظَّاهِرَةِ وَأَوْصَافِهَا وَمَعَانِيهَا، وَلَهُمَا أَوْصَافٌ حَسَنَةٌ وَقَبِيحَةٌ، وَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ يَتَعَلَّقَانِ بِأَوْصَافِ الصُّورَةِ الْبَاطِنَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَعَلَّقَانِ بِأَوْصَافِ الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ، وَالشَّمَائِلُ جَمْعُ شِمَالٍ وَهُوَ الْخُلُقُ انْتَهَى. وَالشِّمَالُ بِالْكَسْرِ بِمَعْنَى الطَّبْعِ لَا بِمَعْنَى الْيَسَارِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ} [النحل: 48] وَلَا بِالْفَتْحِ وَالْهَمْزِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الرِّيحِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلْبَابِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5801 - ( «عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَدَمْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرَ سِنِينَ» ) ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: تِسْعَ سِنِينَ (فَمَا قَالَ لِي: أُفٍّ) : بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِهَا، وَفِي نُسْخَةٍ بِتَنْوِينِ الْمَكْسُورَةِ، وَهِيَ ثَلَاثُ قِرَاءَاتٍ مُتَوَاتِرَاتٍ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِيهِ عَشْرُ لُغَاتٍ: أُفِّ بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِهَا بِلَا تَنْوِينٍ، وَبِالتَّنْوِينِ ثَلَاثَةٌ أُخَرُ. وَأُفْ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ، وَإِفَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ، وَأُفِّي، وَأُفَّهْ بِضَمِّ هَمْزَتِهِمَا. قَالَ شَارِحٌ: وَهِيَ كَلِمَةُ تَبَرُّمٍ أَيْ مَا قَالَ لِي مَا فِيهِ تَبَرُّمٌ وَمَلَالٌ. (وَلَا لِمَ صَنَعْتَ) أَيْ لِأَيِّ شَيْءٍ صَنَعْتَ هَذَا بِالْفِعْلِ (وَلَا أَلَّا) : بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ هَلَّا (صَنَعْتَ) ، أَيْ لِمَ لَا فَعَلْتَ هَذَا الْأَمْرَ، وَالْمَعْنَى لَمْ يَقُلْ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَهُ، وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ، وَكُنْتُ مَأْمُورًا بِهِ لِمَ لَا صَنَعْتَهُ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ أُفٍّ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى أَتَضَجَّرُ وَأَكْرَهُ، وَحَرْفُ التَّحْضِيضِ فِي الْمَاضِي أَفَادَ التَّنْدِيمَ كَمَا فِي الْمُضَارِعِ يُفِيدُ التَّحْرِيضَ، وَاعْلَمْ أَنَّ تَرْكَ اعْتِرَاضِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا خَالَفَ أَمْرَهُ إِنَّمَا يُفْرَضُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْخِدْمَةِ وَالْآدَابِ، لَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُ الِاعْتِرَاضِ فِيهِ، وَفِيهِ أَيْضًا مَدْحُ أَنَسٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْتَكِبْ أَمْرًا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتِرَاضٌ مَا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ، وَزَادَ: (قَطُّ) بَعْدَ قَوْلِهِ: (أُفٍّ) ثُمَّ قَالَ: «وَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَهُ، وَلَا لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ لِمَ تَرَكْتَهُ» ؟

5802 - وَعَنْهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ: يَا أُنَيْسُ ذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ. قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5802 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا» ) : بِضَمَّتَيْنِ وَيَسْكُنُ اللَّامُ أَيْ عِشْرَةً (فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا، لِحَاجَةٍ، قُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ) ، أَيْ بِلِسَانٍ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْوَقْتَ الْآتِيَ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (وَفِي نَفْسِي) أَيْ: وَفِي قَلْبِي وَجَنَانِي (أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ لِأَجْلِ أَمْرِهِ إِيَّايَ بِهِ (فَخَرَجْتُ) أَيْ عَلَى قَصْدِ الذَّهَابِ إِلَيْهِ (حَتَّى أَمَرَ) : بِالنَّصْبِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ حِكَايَةُ الْحَالِ الْمَاضِيَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَتَّى نَاصِبَةً بِمَعْنَى " كَيْ " قُلْتُ: لَكِنْ لَا يُلَائِمُهُ الْمَعْنَى إِذِ الْمُرَادُ أَنِّي خَرَجْتُ أَذْهَبُ إِلَى أَنْ مَرَرْتُ فِي طَرِيقِي (عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَقَفَ عِنْدَهُمْ إِمَّا لِلَّعِبِ أَوْ لِلتَّفَرُّجِ، وَلِذَا قَالَ: (فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَبَضَ) أَيْ أَخَذَ (بِقَفَايَ) : وَالْقَفَا بِالْقَصْرِ مُؤَخَّرُ الْعُنُقِ فَقَوْلُهُ: (مِنْ وَرَائِي) ، لِلتَّأْكِيدِ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِقَبَضَ (قَالَ) أَيْ: أَنَسٌ (فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ، وَقَالَ: " يَا أُنَيْسُ ") تَصْغِيرُ أَنَسٍ لِلشَّفَقَةِ وَالْمَرْحَمَةِ (" ذَهَبْتَ ") أَيْ: أَذَهَبْتَ (" حَيْثُ أَمَرْتُكَ "؟ قُلْتُ: نَعَمْ) . بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرَعَ فِي الذَّهَابِ فَقَوْلُهُ: (أَنَا أَذْهَبُ) أَيِ: الْآنَ أُكْمِلُ الذَّهَابَ (يَا رَسُولَ اللَّهِ) ! قَالَ شَارِحٌ: إِنَّمَا قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ كَالْمَوْجُودِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ جَزَمَ الْعَزْمَ عَلَى الذَّهَابِ، أَوْ لِأَنَّ ذَهَبْتَ فِي السُّؤَالِ فِي مَعْنَى أَتَذْهَبُ لِعِلْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ مَا ذَهَبَ أَنَسٌ إِلَى تِلْكَ الْحَاجَةِ، وَاقْتَصَرَ الطِّيبِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي: وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ وَأَمْثَالُهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا غَيْرَ مُكَلَّفٍ قَالَ الْجَزَرِيُّ: وَلِذَا مَا أَدَّبَهُ بَلْ دَاعَبَهُ، وَأَخَذَ بِقَفَاهُ وَهُوَ يَضْحَكُ رِفْقًا بِهِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3710
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست