responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3666
مِنْ غَيْرِ التَّوَانِي. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْ: لَا يَسْتَوِي فِي الْكَرَامَةِ مَنْ خَلَقْتُهُ بِنَفْسِي وَلَا وَكَّلْتُ خَلْقَهُ إِلَى أَحَدٍ، وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي وَهُوَ آدَمُ وَأَوْلَادُهُ، مَعَ مَنْ يَكُونُ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ بِقَوْلِ (كُنْ) وَهُوَ الْمَلِكُ، وَإِضَافَةُ الرُّوحِ إِلَى نَفْسِهِ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ كَقَوْلِهِ: بَيْتُ اللَّهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ أَيْ: لَا يَسْتَوِي الْبَشَرُ وَالْمَلَكُ فِي الْكَرَامَةِ وَالْقُرْبَةِ، بَلْ كَرَامَةُ الْبَشَرِ أَكْثَرُ وَمَنْزِلَتُهُ أَعْلَى، وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي تَفْضِيلِ الْبَشَرِ عَلَى الْمَلَكِ. أَقُولُ: وَوَجْهُهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّ الْمَلَكَ خُلِقَ مَعْصُومًا، فَصَارَ عَنِ الْجَحِيمِ مَمْنُوعًا وَعَنِ النَّعِيمِ مَحْرُومًا، وَالْبِشْرُ خُلِقَ مَمْحُونًا بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَمَبْلُوًّا بِالْعَطِيَّةِ وَالْبَلِيَّةِ، فَمَنْ قَامَ بِحَقِّهَا اسْتَحَقَّ الثَّوَابَ فِي الدَّارَيْنِ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهُمَا اسْتَوْجَبَ الْعَذَابَ فِي الْكَوْنَيْنِ (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .

الْفَصْلُ الثَّالِثُ
5733 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الْمُؤْمِنُ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ بَعْضِ مَلَائِكَتِهِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
5733 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمُؤْمِنُ ") ؟ أَيْ الْكَامِلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَوِ الْأَوْلِيَاءِ (أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ بَعْضِ مَلَائِكَتِهِ) . وَهُمْ خَوَاصُّهُمْ أَوْ عَوَامُّهُمْ مِنْ أَهْلِ الِاصْطِفَاءِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: يُرَادُ بِالْمُؤْمِنِ مِنْ عَوَامِّهِمْ وَبِبَعْضِ الْمَلَائِكَةِ أَيْضًا عَوَامُّهُمْ: قَالَ مُحْيِي السُّنَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: عَوَامُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ، وَخَوَاصُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ مِنْ خَوَاصِّ الْمَلَائِكَةِ. قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7] وَيَسْتَدِلُّ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي تَفْضِيلِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ اه. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِخَوَاصِّ الْمُؤْمِنِينَ الرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ، وَبِخَوَاصِّ الْمَلَائِكَةِ نَحْوَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، وَبِعَوَامِّ الْمُؤْمِنِينَ الْكُمَّلِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ كَالْخُلَفَاءِ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ: بِعَوَّامِ الْمَلَائِكَةِ سَائِرُهُمْ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ أَوْلَى مِنْ إِجْمَالِ بَعْضِهِمْ، وَفِي قَوْلِهِ: أَنَّ الْبَشَرَ أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَكِ، بِمَعْنَى أَنَّ هَذَا الْجِنْسَ لَمَّا وُجِدَ فِيهِمُ الْكُمَّلُ مِنَ الرُّسُلِ، أَوِ الْأَكْمَلُ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ لِعَدَمِ وُجُودِهِمْ فِيهِمْ فَتَأَمَّلْ. (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) . قُلْتُ: وَحَدِيثُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنَ الْكَعْبَةِ. فِي ابْنِ مَاجَهْ: بِسَنَدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَنَظَرَ إِلَى الْكَعْبَةِ: " «لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكَ» " وَهُوَ بَعْضُ حَدِيثٍ طَوِيلٍ.

5734 - وَعَنْهُ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي فَقَالَ: " «خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمُكَوَّرَةَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ الْخَلْقِ وَآخِرِ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5734 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي) : إِشَارَةً إِلَى كَمَالِ قُرْبِهِ، وَدَلَالَةً عَلَى تَمَامِ حِفْظِهِ، وَلَعَلَّ فِي أَخْذِ يَدِهِ، إِيمَاءً إِلَى تَعْدَادِ أَعْدَادِ الْخَمْسَةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعِلَّةِ الْغَائِبَةِ وَالْفَذْلَكَةِ الْإِيمَانِيَّةِ، (فَقَالَ: " خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ ") أَيْ: التُّرَابَ وَهُوَ الْأَرْضُ (يَوْمَ السَّبْتِ) ، وَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ آخِرَ يَوْمِهِ الْمُسَمَّى بِعَشِيَّةِ الْأَحَدِ فَلَهَا حِكْمُهُ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: 38] (وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ) ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ - وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا} [فصلت: 9 - 10] (وَخَلْقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ) أَيْ: جِنْسَهُ (يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ) ، بِالْمَدِّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} [فصلت: 10] أَيْ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْبَعَةِ (وَخَلَقَ النُّورَ) : بِالرَّاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالنُّونِ فِي آخِرِهِ. قَالَ الْأَكْمَلُ: هُوَ بِالرَّاءِ كَمَا لِمُسْلِمٍ وَلِغَيْرِهِ بِالنُّونِ وَهُوَ الْحُوتُ، وَيَجُوزُ خَلَقَهُمَا فِي الْأَرْبِعَاءِ، وَالنُّورُ هُوَ الظَّاهِرُ بِنَفْسِهِ الْمُظْهَرُ لِغَيْرِهِ اه. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنُّورِ هُوَ نَفْسُهُ، وَمَا فِيهِ ظُهُورُهُ فَيُنَاسِبُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ - فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [فصلت: 11 - 12]

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3666
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست