responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3640
إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ» . (وَأَخْدَمَ هَاجَرَ) أَيْ: أُمَّ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قِيلَ: سُمِّيَتْ هَاجَرُ لِأَنَّهَا هَاجَرَتْ مِنَ الشَّامِ إِلَى مَكَّةَ. وَقِيلَ: كَانَ لَا يُولَدُ لَهُ مِنْ سَارَةَ، فَوَهَبَتْ هَاجَرَ لَهُ وَقَالَتْ: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكَ مِنْهَا وَلَدًا، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَئِذٍ ابْنَ مِائَةِ سَنَةٍ، نَقَلَهُ ابْنُ الْمَلَكِ.
(قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: تِلْكَ) أَيْ: هَاجَرُ (أُمُّكُمْ) أَيْ: جَدَّتُكُمْ (يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ) قَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ: قِيلَ: أَرَادَ بِهِمُ الْعَرَبَ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ الْمَطَرَ، وَيَتَمَتَّعُونَ بِهِ، وَالْعَرَبُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا بِأَجْمَعِهِمْ مِنْ بَطْنِ هَاجَرَ، لَكِنْ غَلَبَ أَوْلَادُ إِسْمَاعِيلَ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِمُ الْأَنْصَارَ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ عَامِرِ بْنِ حَارِثَةَ الْأَزْدِيِّ، جَدِّ نُعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَهُوَ كَانَ مُلَقَّبًا بِمَاءِ السَّمَاءِ، لِأَنَّهُ كَانَ يُسْتَمْطَرُ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِمْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ، وَسَمَّاهُمْ بِذَلِكَ لِطَهَارَةِ نَسَبِهِمْ وَشَرَفِ أُصُولِهِمْ.
قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَقِيلَ: أَشَارَ بِهِمْ لِكَوْنِهِمْ مِنْ وَلَدِ هَاجَرَ، لِأَنَّ إِسْمَاعِيلَ أَنْبَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ زَمْزَمَ وَهِيَ مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنْ قُلْتَ: فَإِذَا شَهِدَ لَهُ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ بِالْبَرَاءَةِ عَنْ سَاحَةٍ، فَمَا بَالُهُ يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ بِهَا مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ فَذَكَرَهَا، ثُمَّ قَالَ: نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي عَلَى أَنَّ تَسْمِيَتَهَا وَإِنَّهَا مَعَارِيضُ بِالْكَذَبَاتِ إِخْبَارُ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ؟ قُلْتُ: نَحْنُ وَإِنْ أَخْرَجْنَاهَا عَنْ مَفْهُومِ الْكَذَبَاتِ بِاعْتِبَارِ التَّوْرِيَةِ، وَسَمَّيْنَاهَا مَعَارِيضَ، فَلَا شَكَّ أَنَّ صُورَتَهَا صُورَةُ التَّعْوِيجِ عَنِ الْمُسْتَقِيمِ، فَالْحَبِيبُ قَصَدَ إِلَى بَرَاءَةِ سَاحَةِ الْخَلِيلِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ، فَسَمَّاهَا مَعَارِيضَ، وَالْخَلِيلُ لَمَّحَ إِلَى مَرْتَبَةِ الشَّفَاعَةِ هُنَالِكَ، وَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْحَبِيبِ، فَتَجَوَّزَ بِالْكَذَبَاتِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

5705 - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [البقرة: 260] وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5705 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [البقرة: 260] » : تَمَامُهُ: {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَرَادَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَا صَدَرَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَكُنْ شَكًّا، بَلْ كَانَ طَلَبًا لِمَزِيدِ الْعِلْمِ، وَأَنَا أَحَقُّ بِهِ، لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] وَأُطْلِقَ الشَّكُّ بِطَرِيقِ الْمُشَاكَلَةِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الْمِزِّيُّ: مَعْنَاهُ لَوْ كَانَ الشَّكُّ مُتَطَرِّقًا إِلَيْهِ، لَكُنْتُ أَحَقُّ بِهِ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَمْ أَشُكَّ، فَاعْلَمُوا أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا رَجَّحَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى نَفْسِهِ تَوَاضُعًا، أَوْ لِصُدُورِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ خَيْرُ وَلَدِ آدَمَ، وَأَمَّا سُؤَالُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلِلتَّرَقِّي مِنْ عِلْمِ الْيَقِينِ إِلَى عَيْنِ الْيَقِينِ، أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا احْتَجَّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ رَبَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ طَلَبَ ذَلِكَ لِيَظْهَرَ دَلِيلُهُ عِيَانًا، وَتَوْضِيحُهُ مَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَذْهَبُ هَذَا الْحَدِيثِ التَّوَاضُعُ وَالْهَضْمُ مِنَ النَّفْسِ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ هَذَا اعْتِرَافٌ بِالشَّكِّ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ، لَكِنَّ فِيهِ نَفْيُ الشَّكِّ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ: إِذَا لَمْ أَشُكَّ أَنَا وَلَمْ أَرْتَبْ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، فَإِبْرَاهِيمُ أَوْلَى بِأَنْ لَا يَشُكَّ فِيهِ وَلَا يَرْتَابَ بِهِ، وَفِيهِ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ قِبَلِ إِبْرَاهِيمَ لَمْ تُعْرَضُ مِنْ جِهَةِ الشَّكِّ، لَكِنْ مِنْ قِبَلِ طَلَبِ زِيَادَةِ الْعِلْمِ، وَاسْتِفَادَةِ مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ الْإِحْيَاءِ، وَالنَّفْسُ تَجِدُ مِنَ الطُّمَأْنِينَةِ بِعِلْمِ الْكَيْفِيَّةِ مَا لَمْ تَجِدْهُ بِعِلْمِ الْأُمْنِيَّةِ، وَالْعِلْمُ فِي الْوَجْهَيْنِ حَاصِلٌ وَالثَّالِثُ مَرْفُوعٌ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ إِنَّمَا طَلَبَ الْإِيمَانَ حِسًّا وَعِيَانًا، لِأَنَّهُ فَوْقَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ وَالْمُسْتَدِلُ لَا تَزُولُ عَنْهُ الْوَسَاوِسُ وَالْخَوَاطِرُ، فَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» " انْتَهَى. وَفِيهِ أَنَّ عَدَمَ عِلْمِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَابِ الِاسْتِدْلَالِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، بَلْ عِلْمُهُمْ مِنْ بَابِ الْكَشْفِ وَالْمَعْرِفَةِ التَّامَّةِ، وَالْعِلْمِ الْيَقِينِيِّ الَّذِي لَهُمْ فِي السَّرَائِرِ بِحَيْثُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ تَرَدُّدُ الْخَوَاطِرِ، وَتَوَسْوُسُ الضَّمَائِرِ، نَعَمْ مَرْتَبَةُ عَيْنِ الْيَقِينِ فَوْقَ مَرْتَبَةِ عِلْمِ الْيَقِينِ، وَأَنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَالْمُعِينُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3640
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست