responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3638
نَوْعٌ مِنَ الْكِنَايَةِ، وَنَوْعٌ مِنَ التَّعْرِيضِ يُسَمَّى الِاسْتِدْرَاجُ، وَهُوَ إِرْخَاءُ الْعِنَانِ مَعَ الْخَصْمِ فِي الْمُجَارَاةِ لِيَعْثُرَ حَيْثُ يُرِيدُ تَبْكِيتَهُ، فَسَلَكَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعَ الْقَوْمِ هَذَا الْمَنْهَجَ فَحِينَئِذٍ. (" قَوْلُهُ ") : بِالرَّفْعِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْجَرِّ {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89] : وَذَلِكَ عِنْدَمَا طَلَبُوا مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمْ إِلَى عِيدِهِمْ، فَأَرَادَ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُمْ لِلْأَمْرِ الَّذِي هَمَّ بِهِ فَنَظَرَ نَظْرَةً إِلَى النُّجُومِ فَقَالَ: إِنِّي سَقِيمٌ، وَفِيهِ إِتْمَامٌ مِنْهُ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِأَمَارَةِ عِلْمِ النُّجُومِ عَلَى أَنَّهُ سَقِيمٌ لِيَتْرُكُوهُ، فَيَفْعَلَ بِالْأَصْنَامِ مَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ، أَوْ سَقِيمُ الْقَلْبِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْغَيْظِ بِاتِّخَاذِكُمُ النُّجُومَ آلِهَةً، أَوْ بِعِبَادَتِكُمُ الْأَصْنَامَ. (وَقَوْلُهُ) : بِالْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ حِينَ كَسَّرَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَصْنَامَهُمْ إِلَّا كَبِيرَهَا، وَعَلَّقَ الْفَاسَ فِي عُنُقِهِ {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63] أَيْ: {فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} [الأنبياء: 63] يَعْنِي: إِنْ كَانَ لَهُمْ نُطْقٌ، فَفِيهِ تَنْبِيهٌ نَبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْإِلَهَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الْمَضَرَّةِ عَنْ نَفْسِهِ، فَكَيْفَ يُرْجَى مِنْهُ دَفَعُ الضَّرَرَ عَنْ غَيْرِهِ؟ وَإِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْعَاجِزَ عَنِ النُّطْقِ لَا يَصْلُحُ لِلْأُلُوهِيَّةِ، فَإِنَّ الْإِلَهَ مَنْ هُوَ مَنْعُوتٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ مِنْ أَسْمَاءِ الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ.
(وَقَالَ) أَيْ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيَانِ الثَّالِثَةِ (بَيْنَا هُوَ) أَيْ: (إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الشَّامِ (ذَاتَ يَوْمٍ) أَيْ: بَعْدَ هَلَاكِ نُمْرُودَ (وَسَارَةُ) : عَطْفٌ عَلَى هُوَ، وَهِيَ بِنْتُ عَمِّهِ (إِذْ أَتَى) أَيْ: مَرَّ إِبْرَاهِيمُ (عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ) أَيْ: ظَالِمٌ مُسَلَّطٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَتَى جَوَابُ بَيْنَا أَيْ: بَيْنَا هُمَا يَسِيرَانِ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ أَتَيَا عَلَى بَلَدِ جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ فَوُشِيَ بِهِمَا، (فَقِيلَ لَهُ) أَيْ: لِلْجَبَّارِ (إِنَّ هَاهُنَا) أَيْ: فِي بَلَدِنَا هَذَا (رَجُلًا مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ) أَيْ: صُورَةً (فَأَرْسَلَ) أَيْ: رَسُولًا (إِلَيْهِ) أَيْ: إِلَى إِبْرَاهِيمَ يَطْلُبُهُ فَذَهَبَ إِلَيْهِ، (قَالَ عَنْهَا) أَيْ: عَنْ جِهَتِهَا (مَنْ هَذِهِ) ؟ أَيْ: مَنْ تَكُونُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي مَعَكَ.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: مَنْ هَذِهِ بَيَانٌ لِلسُّؤَالِ أَيْ: سَأَلَ الْجَبَّارُ بِهَذَا اللَّفْظِ (قَالَ: أُخْتِي) : فِي الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ: كَانَ كَاذِبًا وَكَانَ جَائِزًا بَلْ وَاجِبًا فِي دَفْعِ الظَّالِمِ عَلَى مَا شَرَحَ مُسْلِمٌ، لَكِنَّ حَمْلَهُ عَلَى التَّعْرِيضِ أَوْلَى، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةٍ عَنِ الْكَذِبِ» ، مَعَ أَنَّ نَفْسَ قَوْلِهِ: أُخْتِي لَا يَخْلُو عَنْ تَعْرِيضٍ مَا حَيْثُ لَمْ يَقُلْ هَذِهِ أُخْتِي أَوْ هِيَ أُخْتِي. (فَأَتَى) أَيْ: إِبْرَاهِيمُ (سَارَةَ فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ إِنْ يَعْلَمْ) : إِنْ شَرْطِيَّةٌ أَيْ: إِنْ عَلِمَ (أَنَّكِ امْرَأَتِي يَغْلِبُنِي عَلَيْكِ) أَيْ: فِي أَخْذِكِ بِالظُّلْمِ عَنِّي (فَإِنْ سَأَلَكِ) أَيْ: عَنْ نَسَبِكِ وَنِسْبَتِكِ عَلَى تَقْدِيرِ إِرْسَالِهِ إِلَيْكِ وَوُصُولِكِ عِنْدَهُ (فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي) أَيْ: عَلَى طَرِيقِ التَّعَلُّقِ كَمَا فَعَلْتُهُ (فَإِنَّكِ أُخْتِي فِي الْإِسْلَامِ) أَيْ: حَقِيقَةً بِلَا مُشَارَكَةٍ لِأَحَدٍ غَيْرِنَا فِي هَذَا الْمَقَامِ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (لَيْسَ) أَيْ: مَوْجُودٌ (عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ) .
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: يُرِيدُ بِهِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] . بِمَعْنَى أَنَّ الْإِعْلَانَ قَدْ عَقَدَ بَيْنَ أَهْلِهِ السَّبَبِ الْقَرِيبِ وَالنَّسَبِ اللَّاحِقِ مَا يَفْضُلُ الْأُخُوَّةَ فِي النَّسَبِ السَّابِقِ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَذَا الْحَقِّ الْعَقْدِ مِنِّي وَمِنْكِ الْآنَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ انْتَهَى. وَاسْتُشْكِلَ بِكَوْنِ لُوطٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُشَارِكُهَا فِي الْإِيمَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} [العنكبوت: 26] وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَرْضِ هِيَ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا مَا وَقَعَ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ لُوطٌ إِذْ ذَاكَ. ذَكَرَهُ الْعَسْقَلَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثُمَّ قِيلَ: كَانَ مِنْ أَمْرِ ذَلِكَ الْجَبَّارِ الَّذِي يُتَدَيَّنُ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3638
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست