responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3574
تَرَى كَيْفَ أَسْنَدَ الْجَرَيَانَ إِلَى الْأَعْمَالِ فِي قَوْلِهِ: (تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ) أَيْ: تَجْرِي وَهِيَ مُلْتَبِسَةٌ بِهِمْ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ} [هود: 42] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ، أَيْ: تَجْعَلُهُمْ جَارِينَ (وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ: يَا رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ، حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ) : مُتَعَلِّقٌ بِتَجْرِي، وَالْجُمْلَةُ قَبْلَهُ مُعْتَرِضَةٌ بَيَانِيَّةٌ أَوْ حَالِيَّةٌ، وَالْمَعْنَى: تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُهُمْ عَنِ الْجَرَيَانِ بِهِمْ، (حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ) : بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى تَعْجِزَ، وَتَوْضِيحٌ لَهُ (فَلَا يَسْتَطِيعُ) أَيِ: الرَّجُلُ ; لِضَعْفِ عَمَلِهِ ; وَتَقَاعُدِهِ عَنِ السَّبْقِ فِي الدُّنْيَا (السَّيْرَ) أَيِ: الْمُرُورَ عَلَى الصِّرَاطِ (إِلَّا زَحْفًا) أَيْ: حَبْوًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(قَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا (وَفِي حَافَتَيِ الصِّرَاطِ) : بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ أَيْ جَانِبَيْهِ (كَلَالِيبُ) : جَمْعُ كُلَّابٍ (مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ، تَأْخُذُ) أَيْ: هِيَ (مَنْ أُمِرَتْ بِهِ) ، وَلَوْ رُوِيَ بِالْبَاءِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ عَلَى الْمَصْدَرِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ، (فَمَخْدُوشٌ) أَيْ: فَمِنْهُمْ مَجْرُوحٌ (نَاجٍ) أَيْ: مِنَ الْوُقُوعِ فِي النَّارِ (وَمُكَرْدَسٌ فِي النَّارِ) : بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَقِيلَ: الْمُعْجَمَةُ، وَهُوَ الَّذِي جُمِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَأُلْقِيَ فِي مَوْضِعٍ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ فِي السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، ثُمَّ قَالَ وَالْمُكَرْدَشُ بِمَعْنَاهُ، وَفِي نُسْخَةٍ مَكْدُوسٌ بِالْمُهْمَلَةِ، أَيْ: مَدْفُوعٌ فِي النَّارِ، ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَيُرْوَى بِالْمُعْجَمَةِ مِنَ الْكَدْشِ وَهُوَ السَّوْقُ الشَّدِيدُ، وَالْكَدْشُ الطَّرْدُ، وَالْجَرْحُ أَيْضًا. وَفِي الْقَامُوسِ: كَدَسَهُ أَيْ صَرَعَهُ، وَبِالْمُعْجَمَةِ دَفَعَهُ دَفْعًا عَنِيفًا (وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ) ، هَذَا يُؤَيِّدُ أَنَّ مَرْجِعَ ضَمِيرِ قَالَ إِلَيْهِ، ثُمَّ هَذَا الْقَسَمُ إِمَّا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ، أَوْ مَرْفُوعٌ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إِنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ لَسَبْعِينَ خَرِيفًا) ، قَالَ الدَّمَامِينِيُّ أَيْ أَنَّ مَسَافَةَ السَّيْرِ إِلَيْهِ لَسَبْعِينَ خَرِيفًا، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي: وَجْهُهُ أَنَّ الْقَعْرَ مَصْدَرُ قَعَرْتُ الْبِئْرَ إِذَا بَلَغْتُ قَعْرَهَا، وَسَبْعِينَ: ظَرْفُهُ، أَيْ أَنَّ بُلُوغَ قَعْرِهَا يَكُونُ فِي سَبْعِينَ عَامًا، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْوَاوِ. قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَعْضِ الْأُصُولِ: سَبْعُونَ بِالْوَاوِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِيهِ حَذْفٌ، أَيْ: مَسَافَةُ قَعْرِ جَهَنَّمَ مَسِيرَةُ سَبْعِينَ خَرِيفًا. وَفِي مُعْظَمِ الْأُصُولِ وَالرِّوَايَاتِ سَبْعِينَ بِالْيَاءِ، وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا عَلَى تَقْدِيرِ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ، فَحَذْفُ الْمُضَافِ وَتَرْكُ الْمُضَافِ إِلَيْهِ عَلَى إِعْرَابِهِ، أَوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ أَنَّ بُلُوغَ قَعْرِ جَهَنَّمَ لَكَائِنٌ فِي سَبْعِينَ خَرِيفًا، وَسَبْعِينَ خَرِيفًا ظَرْفٌ لِمَحْذُوفٍ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

5611 - «وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُشَفَّعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ: الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْعُلَمَاءُ، ثُمَّ الشُّهَدَاءُ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5611 - (وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ) : بِلَا صَرْفٍ وَيُصْرَفُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ) أَيْ: ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ مِنَ الْأَصْفِيَاءِ (الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْعُلَمَاءُ) أَيِ: الْعَامِلُونَ (ثُمَّ الشُّهَدَاءُ) أَيِ: الْمُخْلِصُونَ، وَفِي الْعَطْفِ بِثُمَّ دَلَالَةٌ صَرِيحَةٌ عَلَى تَفْضِيلِ الْعُلَمَاءِ عَلَى الشُّهَدَاءِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الشِّيرَازِيُّ عَنْ أَنَسٍ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا: ( «يُوزَنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِدَادُ الْعُلَمَاءِ وَدَمُ الشُّهَدَاءِ، فَيَرْجَحُ مِدَادُ الْعُلَمَاءِ عَلَى دَمِ الشُّهَدَاءِ» ) ، وَفِيهِ مُبَالَغَةٌ لَا تَخْفَى عَلَى الْفُضَلَاءِ، فَإِنَّ مِدَادَهُمْ أَقَلُّ أَمْدَادِهِمْ، وَدَمُ الشُّهَدَاءِ أَفْضَلُ أَسْعَادِهِمْ. (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا: ( «يُشَفَّعُ الشَّهِيدُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ» ) .

[بَابُ صِفَةِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِهَا]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5612 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] » . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(5) بَابُ صِفَةِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِهَا
الْجَنَّةُ: الْبُسْتَانُ مِنَ الشَّجَرِ الْمُتَكَاثِفِ الْمُطِلِّ بِالْتِفَافِ أَغْصَانِهِ، وَالتَّرْكِيبُ دَائِرٌ عَلَى مَعْنَى السَّتْرِ فِي الْجَنَّةِ وَالْجُنَّةِ وَالْجِنَّةِ وَالْجُنُونِ وَنَحْوِهَا، فَكَأَنَّ الْجَنَّةَ لِتَكَاثُفِهَا وَتَظَلُّلِهَا سُمِّيَتْ بِالْجَنَّةِ الَّتِي هِيَ الْمَرَّةُ مِنْ مَصْدَرِ جَنَّهُ إِذَا سَتَرَهُ، كَأَنَّهَا سُتْرَةٌ وَاحِدَةٌ لِفَرْطِ الْتِفَافِهَا. وَسُمِّيَتْ دَارُ الثَّوَابِ جَنَّةً لِمَا فِيهَا مِنَ الْجِنَانِ، أَوْ لِكَوْنِهَا مَسْتُورَةً عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ؛ لِيَكُونَ الْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ لَا بِالْعِيَانِ، أَوْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْفَى مِنْ قُرَّةِ الْأَعْيُنِ لِأَهْلِهَا الْأَعْيَانِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5612 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَعْدَدْتُ) أَيْ: هَيَّأْتُ (لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ) : بِفَتْحِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَيُسَكَّنُ (مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ) ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (مَا) هُنَا إِمَّا مَوْصُولَةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ، وَعَيْنٌ وَقَعَتْ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَأَفَادَ الِاسْتِغْرَاقَ، وَالْمَعْنَى مَا رَأَتِ الْعُيُونُ كُلُّهُنَّ وَلَا عَيْنٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، وَالْأُسْلُوبُ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18] ، فَيُحْتَمَلُ نَفْيُ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْنِ مَعًا، أَوْ نَفْيُ الرُّؤْيَةِ فَحَسْبُ، أَيْ: لَا رُؤْيَةٌ وَلَا عَيْنٌ، أَوْ لَا رُؤْيَةٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ الْغَرَضُ مِنْهُ الْعَيْنُ، وَبِهَا ضُمَّتْ إِلَيْهِ الرُّؤْيَةُ لِيُؤْذِنَ بِأَنَّ انْتِفَاءَ الْمَوْصُوفِ أَمْرٌ مُحَقَّقٌ لَا نِزَاعَ فِيهِ، وَبَلَغَ فِي تَحَقُّقِهِ إِلَى أَنْ صَارَ كَالشَّاهِدِ عَلَى نَفْيِ الصِّفَةِ وَعَكْسِهِ (وَلَا أُذُنٌ) : بِضَمَّتَيْنِ وَيُسَكَّنُ الذَّالُ (سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ) أَيْ: وَقَعَ (عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ) . قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} [غافر: 52] أَيْ: لَا قَلْبٌ وَلَا خُطُورٌ، أَوْ لَا خُطُورًا، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُمْ قَلْبٌ مُخْطِرٌ، فَجَعَلَ انْتِفَاءَ الصِّفَةِ دَلِيلًا عَلَى انْتِفَاءِ الذَّاتِ أَيْ: إِذَا لَمْ يَحْصُلْ ثَمَرَةُ الْقَلْبِ وَهُوَ الْإِخْطَارُ فَلَا قَلْبَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق: 37] ".
فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ خَصَّ الْبَشَرَ هُنَا دُونَ الْقَرِينَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ؟ قُلْتُ: لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَنْتَفِعُونَ بِمَا أَعَدَّ لَهُمْ وَيَهْتَمُّونَ بِشَأْنِهِ وَيَخْطُرُونَ بِبَالِهِمْ، بِخِلَافِ الْمَلَائِكَةِ، وَالْحَدِيثُ كَالتَّفْصِيلِ لِلْآيَةِ، فَإِنَّهَا نَفَتِ الْعِلْمَ، وَالْحَدِيثُ نَفَى طَرِيقَ حُصُولِهِ. (وَاقْرَءُوا) : ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ، وَيُؤَيِّدُهُ الْعَاطِفُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ؛ لِقَوْلِهِ: إِنْ شِئْتُمْ أَيْ: أَرَدْتُمُ الِاسْتِشْهَادَ وَالِاعْتِضَادَ {فَلَا تَعْلَمُ} [السجدة: 17] : فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ اقْرَءُوا أَوِ التَّقْدِيرُ آيَةً فَلَا تَعْلَمُ: نَفْسٌ أَيْ: مُقْتَضَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ {مَا أُخْفِيَ لَهُمْ} [السجدة: 17] : قَرَأَ الْجُمْهُورُ " أُخْفِيَ " بِتَحْرِيكِ الْيَاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ بِسُكُونِهَا عَلَى أَنَّهُ مُضَارِعٌ مُسْنَدٌ لِلْمُتَكَلِّمِ، وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ " نُخْفِي " بِنُونِ الْعَظَمَةِ، وَقُرِئَ " أَخْفَى " بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَالْفَاعِلُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى: {مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] ، الْكَشَّافُ: لَا تَعْلَمُ النُّفُوسُ كُلُّهُنَّ وَلَا نَفْسٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُمْ لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أَيَّ نَوْعٍ عَظِيمٍ مِنَ الثَّوَابِ ادَّخَرَ اللَّهُ لِأُولَئِكَ وَأَخْفَاهُ مِنْ جَمِيعِ خَلَائِقِهِ، لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ مِمَّا تَقَرُّ بِهِ عُيُونُهُمْ، وَلَا مَزِيدَ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ وَلَا مَطَمَحَ وَرَاءَهُمَا. وَفِي " شَرْحِ السُّنَّةِ ": يُقَالُ: أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَكَ، وَمَعْنَاهُ بَرَّدَ اللَّهُ دَمْعَتَهَا؛ لِأَنَّ دَمْعَةَ الْفَرَحِ بَارِدَةٌ، حَكَاهُ الْأَصْمَعِيُّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَاهُ بَلَّغَكَ اللَّهُ أَمْنِيَّتَكَ حَتَّى تَرْضَى بِهِ نَفْسُكَ وَتَقَرَّ عَيْنُكَ وَلَا تَسْتَشْرِفَ إِلَى غَيْرِهِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَعَلَى هَذَا الْأَوَّلُ مِنَ الْقُرَّةِ بِمَعْنَى الْبَرْدِ، وَالثَّانِي مِنَ الْقَرَارِ، وَفِي قَوْلِهِ: أَعْدَدْتُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَنَّةَ مَخْلُوقَةٌ، وَيُعَضِّدُهُ سُكْنَى آدَمَ وَحَوَّاءَ الْجَنَّةَ، وَلِمَحَبَّتِهَا فِي الْقُرْآنِ عَلَى نَهْجِ الْأَسْمَاءِ الْغَالِبَةِ اللَّاحِقَةِ بِالْأَعْلَامِ، كَالنَّجْمِ وَالثُّرَيَّا وَالْكِتَابِ وَنَحْوِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْجَنَّةَ كَانَتْ تُطْلَقُ عَلَى كُلِّ بُسْتَانٍ مُتَكَاثِفٍ أَغْصَانُ أَشْجَارِهَا، ثُمَّ غَلَبَتْ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3574
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست