responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3564
الْفَصْلُ الثَّانِي
5592 - عَنْ ثَوْبَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " حَوْضِي مِنْ عَدَنٍ إِلَى عُمَّانَ الْبَلْقَاءِ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَكْوَابُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا، أَوَّلُ النَّاسِ وُرُودًا فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ الشُّعْثُ رُءُوسًا، الدُّنْسُ ثِيَابًا، الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ، وَلَا يُفْتَحُ لَهُمُ السُّدَدُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَصْلُ الثَّانِي
5592 - عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: حَوْضِي مِنْ عَدَنٍ) : بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ، آخِرُ بِلَادِ الْيَمَنِ مِمَّا يَلِي بَحْرَ الْهِنْدِ (إِلَى عُمَّانَ الْبَلْقَاءِ) : بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مُضَافًا إِلَى الْبَلْقَاءِ بِفَتْحِ مُوَحَّدَةٍ وَسُكُونِ لَامٍ وَقَافٍ مَمْدُودَةٍ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: عُمَّانُ مَدِينَةٌ بِالشَّامِ. وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ، وَبِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ مَوْضِعٌ بِالْبَحْرَيْنِ. قُلْتُ: لَكِنَّ الْأُصُولَ الْمُعْتَمَدَةَ وَالنُّسَخَ الْمُصَحَّحَةَ اجْتَمَعَتْ عَلَى الضَّبْطِ الْأَوَّلِ ; فَهُوَ الْمُعَوَّلُ، ثُمَّ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْبَلْقَاءَ مَدِينَةٌ بِالشَّامِ، وَعُمَّانَ مَوْضِعٌ بِهَا، وَإِنَّمَا أُضِيفَ لِقُرْبِهِ إِلَيْهَا، عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْعَسْقَلَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْمَعْنَى: مِقْدَارُ سَعَةِ حَوْضِي فِي الْعُقْبَى، كَمَا بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ اخْتِلَافَ الْأَحَادِيثِ فِي تَقْدِيرِ الْحَوْضِ، كَحَدِيثِ أَنَسٍ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ، وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ أَذَرُحَ، وَحَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو مَسِيرَةَ شَهْرَيْنِ، وَحَدِيثِ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالْمَدِينَةِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ تَصْوِيرُ كَثْرَةِ طُولِهِ وَعَرْضِهِ، لَا تَعْيِينُ قَدْرِهِ بِعَيْنِهِ وَحَصْرِهِ، فَوَرَدَ الْحَدِيثُ فِي كُلِّ مَقَامٍ بِمَا يُوَافِقُ إِدْرَاكَ السَّامِعِ فِي الْمَرَامِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَخْتَلِفَ لِاخْتِلَافِ مَذْهَبِ النَّاظِرِينَ، وَمَشْرَبِ الْوَارِدِينَ وَسَعَةِ صُدُورِهِمْ، وَحَذَاقَةِ بَصْرِهِمْ، كَاخْتِلَافِ سَعَةِ الْقَبْرِ وَمَنَازِلِ الْجَنَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى السَّالِكِينَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ) : فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْبَيَاضَ هُوَ اللَّوْنُ الْمَحْبُوبُ، خِلَافًا لِمَا اخْتَارَهُ بَعْضٌ مِنَ اللَّوْنِ الْأَصْفَرِ ; لِمُقْتَضَى طَبْعِهِ الْمَقْلُوبِ، وَأَغْرَبُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يَمِيلُونَ إِلَى تَغْيِيرِ شَفَةِ نِسَائِهِمُ الْمُحْمَرَّةِ إِلَى لَوْنِ السَّوَادِ، مَعَ أَنَّهُ مِمَّا يَغُمُّ الْفُؤَادَ، وَيُورِثُ الشَّوَادَ وَالْكُبَادَ، (وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ) أَيْ: أَلَذُّ مِنْهُ، مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الشِّفَاءِ لِلْعِبَادِ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ إِلَى مَذَمَّةِ شَرْبَةِ الْخَمْرِ ; لِمَا فِيهَا مِنَ الْحَرَارَةِ، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى شُرْبِهَا مِنَ الْفَسَادِ، (وَأَكْوَابُهُ) : جَمْعُ كُوبٍ، وَهُوَ الْكُوزُ الَّذِي لَا عُرْوَةَ لَهُ عَلَى مَا فِي الشُّرُوحِ، أَوْ لَا خُرْطُومَ لَهُ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، (عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ) : بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: عَدَدُ أَكْوَابِهِ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالنَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، أَيْ: بِعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، (مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا) : فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى تَفَاوُتِ مَرَاتِبِ الشَّارِبِينَ، وَاخْتِلَافِ رَفْعِ ظَمَاءِ الْوَارِدِينَ.
(أَوَّلُ النَّاسِ وُرُودًا) أَيْ: عَلَيْهِ (فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ) أَيْ: لِتَعَطُّشِهِمُ الظَّاهِرِيِّ وَالْمَعْنَوِيِّ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَجْوَعُكُمْ فِي الدُّنْيَا أَشْبَعُكُمْ فِي الْآخِرَةِ» ) ، وَعَلَى قِيَاسِهِ أَظْمَؤُكُمْ. وَقَالَ تَعَالَى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24] ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيِّدُهُمْ، وَفِي مَعْنَاهُمْ كُلُّ مَنْ هَاجَرَ مِنْ وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، وَاخْتَارَ الْفَقْرَ عَلَى الْغِنَى، وَالْخُمُولَ عَلَى الشُّهْرَةِ، وَزَهِدَ فِي تَحْصِيلِ الْمَالِ وَالْجَاهِ، وَاشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ فِي رِضَا مَوْلَاهُ. (الشُّعْثُ) : بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ أَشْعَثَ بِالْمُثَلَّثَةِ، أَيِ: الْمُتَفَرِّقُو الشَّعَرِ.
(رُءُوسًا) : تَمْيِيزٌ، وَالرَّأْسُ قَدْ يَتَنَاوَلُ الْوَجْهَ، فَتَدْخُلُ اللِّحْيَةُ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، (الدُّنْسُ) : بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَقَدْ يُسَكَّنُ، جَمْعُ الدَّنِسِ وَهُوَ الْوَسِخُ (ثِيَابًا، الَّذِينَ لَا يُنْكَحُونَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ، أَيْ: لَا يُزَوَّجُوهُ لَوْ خَطَبُوا (الْمُتَنَعِّمَاتِ) أَيْ: بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْكَافِ أَيِ: الَّذِينَ لَا يَتَزَوَّجُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ ; لِتَرْكِهِمُ الشَّهَوَاتِ زُهْدَهُمْ فِي اللَّذَّاتِ (وَلَا يُفْتَحُ لَهُمُ السُّدَدُ) : بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْأُولَى الْمُهْمَلَتَيْنِ جَمْعُ سُدَّةٍ، وَهِيَ بَابُ الدَّارِ ; سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَدْخَلَ يُسَدُّ بِهِ، وَالْمَعْنَى: لَوْ وَقَفُوا عَلَى بَابِ أَرْبَابِ الدُّنْيَا - فَرْضًا وَتَقْدِيرًا - لَا يُفْتَحُ لَهُمْ، وَلَا يَؤْبَهُ بِهِمْ، أَوْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهِمْ فِي الضِّيَافَةِ وَأَنْوَاعِ الدَّعْوَةِ، حَيْثُ لَمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى مُقَامِهِمْ وَلَمْ يَتَبَارَكُوا بِأَقْدَامِهِمْ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ) ، وَكَذَا الْحَاكِمُ. (وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3564
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست