responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3548
إِنَّا سَنُرْضِيكَ ; حَيْثُ أَتَى بِأَنْ وَضَمِيرِ التَّعْظِيمِ وَسِينِ التَّأْكِيدِ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ: لَا نَسُوءُكَ تَقْرِيرًا بَعْدَ تَقْرِيرٍ عَلَى الطَّرْدِ وَالْعَكْسِ وَفِي التَّنْزِيلِ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5] زِيدَ لَامُ الِابْتِدَاءِ عَلَى حَرْفِ الِاسْتِقْبَالِ وَلَفْظَةِ: رَبُّكَ، وَجُمِعَ بَيْنَ حَرْفَيِ التَّأْكِيدِ وَالتَّأْخِيرِ ; فَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَلَأَنْتَ سَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ الْعَطَاءُ، وَقَوْلُهُ: وَرَبُّكَ أَعْلَمُ مِنْ بَابِ التَّتْمِيمِ صِيَانَةً عَمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَهَّمَ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} [المنافقون: 1] فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] .
قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: هَذَا الْحَدِيثُ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الْفَوَائِدِ، مِنْهَا: بَيَانُ كَمَالِ شَفَقَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أُمَّتِهِ، وَاعْتِنَائِهِ بِمَصَالِحِهِمْ، وَاهْتِمَامِهِ فِي أَمْرِهِمْ، وَمِنْهَا: الْبِشَارَةُ الْعَظِيمَةُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ بِمَا وَعَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ، وَهَذَا مِنْ أَرْجَى الْأَحَادِيثِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، وَمِنْهَا: بَيَانُ عِظَمِ مَنْزِلَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْحِكْمَةِ فِي إِرْسَالِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِسُؤَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِظْهَارًا لِشَرَفِهِ، وَأَنَّهُ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى ; فَيَرْضَى وَيُكْرَمُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) ، وَكَذَا الْبُخَارِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، ذَكَرَهُ السَّيِّدُ.

5578 - «وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ نَاسًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ، هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ صَحْوًا لَيْسَ مَعَهَا سَحَابٌ؟ وَهَلْ تَضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ صَحْوًا لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟ ". قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " مَا تَضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ: لِيَتَّبِعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ ; فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْصَابِ إِلَّا يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ: فَمَاذَا تَنْظُرُونَ؟ يَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. قَالُوا: يَا رَبَّنَا فَارَقْنَا النَّاسَ فِي الدُّنْيَا أَفْقَرَ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5578 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ نَاسًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ» ) أَيْ: تَرَوْنَ رَبَّنَا. ذَكَرَ السُّيُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ أَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْمَوْقِفِ حَاصِلَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، حَتَّى قِيلَ لِلْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ أَيْضًا، ثُمَّ يُحْجَبُونَ بَعْدَ ذَلِكَ ; لِيَكُونَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً، وَأَقُولُ: وَفِيهِ بَحْثٌ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] ; وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا سَيَأْتِي: (حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ) ; وَلِأَنَّ لَذَّةَ النَّظَرِ وَلَوْ مَرَّةً تُنْسِي كُلَّ مِحْنَةٍ وَشِدَّةٍ، بَلْ يَرْتَفِعُ بِهِ كُلُّ حَسْرَةٍ ; إِذْ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّظَرَ لَا يُوجَدُ دَائِمًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ أَيْضًا. قَالَ: وَأَمَّا الرُّؤْيَةُ فِي الْجَنَّةِ فَأَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّهَا حَاصِلَةٌ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ وَالصِّدِّيقِينَ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ، وَرِجَالِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْبَشَرِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَفِي نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ثَلَاثُ مَذَاهِبَ: لَا يَرَيْنَ، وَيَرَيْنَ، وَيَرَيْنَ فِي مِثْلِ أَيَّامِ الْأَعْيَادِ دُونَ غَيْرِهَا، وَفِي الْمَلَائِكَةِ قَوْلَانِ: لَا يَرَوْنَ رَبَّهُمْ، وَيَرَوْنَهُ. وَفِي الْجِنِّ أَيْضًا خِلَافٌ. (هَلْ تُضَارُّونَ) : بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا.
قَالَ شَيْخُنَا الْمَرْحُومُ مَوْلَانَا عَبْدُ اللَّهِ السِّنْدِيُّ: فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ ضَمَّ التَّاءِ مَعَ التَّشْدِيدِ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ، مَعَ احْتِمَالِ بِنَائِهِ لِلْفَاعِلِ أَوِ الْمَفْعُولِ، وَكَذَلِكَ فَتْحُ التَّاءِ مَعَ التَّشْدِيدِ ; فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ التَّفَاعُلِ عَلَى حَذْفِ إِحْدَى التَّائَيْنِ، وَهُوَ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ، وَأَمَّا ضَمُّ التَّاءِ مَعَ تَخْفِيفِ الرَّاءِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لِلْمَجْهُولِ، مِنْ ضَارَهُ يَضِيرُهُ أَوْ يَضُورُهُ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ بِمَعْنَى صَرَفَ، وَأَمَّا فَتْحُ التَّاءِ مَعَ الرَّاءِ الْمُخَفَّفَةِ، فَلَا وَجْهَ لَهُ بِحَسَبِ الْقَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ، وَالْمَعْنَى: هَلْ تَتَدَافَعُونَ وَتَتَزَاحَمُونَ لِيَحْصُلَ لَكُمْ ضَرَرٌ (فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ) أَيْ: وَقْتَ انْتِصَافِ النَّهَارِ (صَحْوًا) أَيْ: حِينَ لَا سَحَابَ وَلَا غُبَارَ، مِنْ أَصْحَتِ السَّمَاءُ إِذَا خَلَتْ مِنَ الْغَيْمِ، كَذَا ذَكَرَهُ شَارِحٌ، وَفِي الْقَامُوسِ: الصَّحْوُ ذَهَابُ الْغَيْمِ، فَقَوْلُهُ: (لَيْسَ مَعَهَا سَحَابٌ) ؟ تَأْكِيدٌ، وَالْمُرَادُ بِالسَّحَابِ الْحِجَابُ، أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ جَانِبِ الرَّائِي، أَوْ مِنْ جَانِبِ الْمَرْئِيِّ، ثُمَّ أَكَّدَ ثَالِثًا وَأَظْهَرَ مِثَالًا آخَرَ بِقَوْلِهِ: (وَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ صَحْوًا لَيْسَ فِيهَا) أَيْ: فِي السَّمَاءِ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ، أَوْ فِي جِهَةِ رُؤْيَةِ الْقَمَرِ مِنَ السَّمَاءِ (سَحَابٌ) ؟ أَيْ مَانِعٌ وَحِجَابٌ (قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: مَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) : أُرِيدَ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3548
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست