responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3513
(وَتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمْ) أَيْ: تَجْمَعُهُمُ (النَّارُ تَقِيلُ) : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَفَاعِلُهُ النَّارُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَكُونُ (مَعَهُمْ) : فِي النَّهَارِ (حَيْثُ قَالُوا) أَيْ: كَانُوا أَوِ اسْتَرَاحُوا (وَتَبِيتُ) : أَيِ النَّارُ (مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا) أَيْ: كَانُوا فِي اللَّيْلِ (وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا) أَيْ: دَخَلُوا فِي الصَّبَاحِ (وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا) : وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النَّارَ تَلْزَمُهُمْ بِحَيْثُ لَا تُفَارِقُهُمْ أَبَدًا. هَذَا مُجْمَلُ الْكَلَامِ فِي تَحْصِيلِ الْمَرَامِ.
وَأَمَّا تَفْصِيلُهُ، فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْحَشْرُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ يُحْشَرُ النَّاسُ أَحْيَاءً إِلَى الشَّامِ، وَأَمَّا الْحَشْرُ بَعْدَ الْبَعْثِ مِنَ الْقُبُورِ، فَإِنَّهُ عَلَى خِلَافِ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ رُكُوبِ الْإِبِلِ وَالْمُعَاقَبَةِ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: إِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ حُفَاةً عُرَاةً، وَفُسِّرَ ثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، عَلَى أَنَّهُمْ يَعْتَقِبُونَ الْبَعِيرَ الْوَاحِدَ يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ وَيَمْشِي بَعْضُهُمْ.
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُ مَنْ يَحْمِلُ الْحَشْرَ عَلَى الْحَشْرِ الَّذِي هُوَ بَعْدَ الْبَعْثِ فِي الْقُبُورِ أَشَدُّ وَأَقْوَى، وَأَشْبَهُ بِسِيَاقِ الْحَدِيثِ مِنْ وُجُوهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّ الْحَشْرَ عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي مُتَعَارَفِ الشَّرْعِ لَا يُرَادُ مِنْهُ إِلَّا الْحَشْرُ الَّذِي بَعْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ، إِلَّا أَنْ يُخَصَّ بِنَوْعٍ مِنَ الدَّلِيلِ، وَلَمْ نَجِدْ هَاهُنَا، وَالْآخَرُ: أَنَّ التَّقْسِيمَ الَّذِي ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَسْتَقِيمُ فِي الْحَشْرِ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ ; لِأَنَّ الْمُهَاجِرَ إِلَيْهَا لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ رَاغِبًا رَاهِبًا، أَوْ رَاهِبًا، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ رَاغِبًا وَرَاهِبًا، وَتَكُونَ هَذِهِ طَرِيقَةً وَاحِدَةً لَا ثَانِيَ لَهَا مِنْ جِنْسِهَا فَلَا. وَالثَّالِثُ: أَنَّ حَشْرَ النَّارِ يُقَيِّدُ الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ، وَالْتِزَامُهَا لَهُمْ حَتَّى لَا تُفَارِقَهُمْ فِي مَقِيلٍ وَلَا مَبِيتٍ، وَلَا صَبَاحٍ وَلَا مَسَاءٍ، قَوْلٌ لَمْ يَرِدْ بِهِ التَّوْقِيفُ، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نَقُولَ بِتَسْلِيطِ النَّارِ عَلَى أُولِي الشَّقَاوَةِ فِي هَذِهِ الدَّارِ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيفٍ. وَالرَّابِعُ: وَهُوَ أَقْوَى الدَّلَائِلِ وَأَوْثَقُهَا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ فِي الْحِسَانِ مِنْ هَذَا الْبَابِ: يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ الْحَدِيثَ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ بَعْثِ النَّاسِ حُفَاةً عُرَاةً، فَلَا تَضَادَّ بَيْنَ الْقَضِيَّتَيْنِ ; لِأَنَّ إِحْدَاهَا حَالَةُ الْبَعْثِ مِنَ النَّشْرِ، وَأُخْرَى حَالَةُ السَّوْقِ إِلَى الْمَحْشَرِ، وَنَرَى التَّقْسِيمَ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ التَّقْسِيمَ الَّذِي جَاءَ بِهِ التَّنْزِيلُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا - وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا - فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا - وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً} [الواقعة: 4 - 7] الْآيَاتِ، فَقَوْلُهُ رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ يُرِيدُ بِهِ عَوَامَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُمْ ذَوُو الْهَنَاتِ الَّذِينَ يَتَرَدَّدُونَ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ بَعْدَ زَوَالِ التَّكْلِيفِ، فَتَارَةً يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ لِإِيمَانِهِمْ، وَتَارَةً يَخَافُونَ عَذَابَهُ لِمَا اجْتَرَحُوا مِنَ السَّيِّئَاتِ، وَهُمْ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَيْضًا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَهُوَ فِي الْحِسَانِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَقَوْلُهُ: وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، فَالْمُرَادُ مِنْهُ أُولُو السَّابِقَةِ مِنْ أَفَاضِلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُمُ السَّابِقُونَ، وَقَوْلُهُ: وَيَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، يُرِيدُ أَصْحَابَ الْمَشْأَمَةِ. فَهَذِهِ ثَلَاثُ طَرَائِقَ، فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَمْ يَذْكُرْ مِنَ السَّابِقِينَ مَنْ يَتَفَرَّدُ بِفَرْدِ مَرْكَبٍ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ، قُلْنَا لِأَنَّهُ عُرِفَ أَنَّ ذَلِكَ مَجْعُولٌ لِمَنْ فَوْقَهُمْ فِي الْمَرْتَبَةِ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ لِيَقَعَ الِامْتِيَازُ بَيْنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ فِي الْمَرَاكِبِ كَمَا وَقَعَ فِي الْمَرَاتِبِ اهـ. وَعَارَضَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ فَحَذَفْنَا بَحْثَهُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

5535 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا " ثُمَّ قَرَأَ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] ، " وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، وَإِنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي فَيَقُولُ: إِنَّهُمْ لَنْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ. فَأَقُولُ أَيْ قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [المائدة: 117] إِلَى قَوْلِهِ: الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5535 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ) أَيْ: سَتُبْعَثُونَ (حُفَاةً) : بِضَمِّ الْحَاءِ جَمْعُ حَافٍ وَهُوَ الَّذِي لَا نَعْلَ لَهُ (عُرَاةً) : بِضَمِّ الْعَيْنِ جَمْعُ عَارٍ وَهُوَ مَنْ لَا سِتْرَ لَهُ (غُرْلًا) : بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، جَمْعُ الْأَغْرَلِ، وَهُوَ الْأَقْلَفُ أَيْ غَيْرَ مَخْتُونِينَ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: فِي قَوْلِهِ: غُرْلًا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْبَعْثَ يَكُونُ بَعْدَ رَدِّ تَمَامِ الْأَجْزَاءِ وَالْأَعْضَاءِ الزَّائِلَةِ فِي الدُّنْيَا إِلَى الْبَدَنِ، وَفِيهِ تَأْكِيدٌ لِذَلِكَ، فَإِنَّ الْقُلْفَةَ كَانَتْ وَاجِبَةَ الْإِزَالَةِ فِي الدُّنْيَا، فَغَيْرُهَا مِنَ الْأَشْعَارِ وَالْأَظْفَارِ وَالْأَسْنَانِ وَنَحْوِهَا أَوْلَى، وَذَلِكَ لِغَايَةِ تَعَلُّقِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْكُلِّيَّاتِ وَالْجُزْئِيَّاتِ، وَنِهَايَةِ قُدْرَتِهِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3513
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست