responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3441
حَطَمَ، أَيْ: كَسَرَ رَقَبَتَهُ، وَقَطَعَ حُجَّتَهُ، وَهَلَكَ دَوْلَتَهُ، (" وَيُبْعَثُ إِلَيْهِ ") : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: يُرْسَلُ إِلَى حَرْبِهِ وَقِتَالِهِ، مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَوْلَادِ سَيِّدِ الْأَنَامِ، وَأَقَامَ فِي بَلَدِ اللَّهِ الْحَرَامِ، (" بَعْثٌ مِنَ الشَّامِ ") أَيْ: جَيْشٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَالْمَلَامِ، (" فَيُخْسَفُ بِهِمْ ") أَيْ: كَرَامَةً لِلْإِمَامِ (" بِالْبَيْدَاءِ ") : بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ (" بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ") : وَلَعَلَّ تَقْدِيمَ مَكَّةَ لِتَفْضِيلِهَا وَتَقَدُّمِهَا. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: هِيَ أَرْضٌ مَلْسَاءُ بَيْنَ الْحَرَمَيْنِ، وَفِي الْحَدِيثِ: يُخْسَفُ بِالْبَيْدَاءِ، بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ، وَلَيْسَ بِالْبَيْدَاءِ الَّتِي أَمَامَ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَهِيَ شُرَفٌ مِنَ الْأَرْضِ. قُلْتُ: وَلَا بِدْعَ أَنْ تَكُونَ هِيَ إِيَّاهَا مَعَ أَنَّهَا الْمُتَبَادَرُ مِنْهَا، وَلَعَلَّ الشَّيْخَ ظَفِرَ بِنَقْلٍ صَرِيحٍ، أَوْ بَنَى عَلَى أَنَّ طَرِيقَ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ قَدِيمِ الْأَيَّامِ لَيْسَ عَلَى الْمَدِينَةِ ; وَلِهَذَا جُعِلَ مِيقَاتُهُمُ الْجُحْفَةَ، لَكِنَّهُمْ عَدَلُوا عَنْ طَرِيقِهِمُ الْمَشْهُورَةِ، وَمَالُوا إِلَى دُخُولِ الْمَدِينَةِ الْمُطَهَّرَةِ لِمَصَالِحَ دِينِيَّةٍ وَمَنَافِعَ دُنْيَوِيَّةٍ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ غَرَضُهُمْ مُحَارَبَةَ الْمَهْدِيِّ، فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ مَا يُطَوِّلُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمُ الْمَسَافَةَ، بَلْ يُرِيدُونَ الْمُسَابَقَةَ وَالْمُسَارَعَةَ إِلَى الْمُحَارَبَةِ وَالْمُسَايَفَةِ، (" وَإِذَا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ ") أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ خَرْقِ الْعَادَةِ وَمَا جُعِلَ لِلْمَهْدِيِّ مِنَ الْعَلَامَةِ (" أَتَاهُ أَبْدَالُ الشَّامِ ") ، وَنِعْمَ الْبَدَلُ مِنَ الْكِرَامِ عَنِ اللِّئَامِ. وَفِي النِّهَايَةِ: أَبْدَالُ الشَّامِ هُمُ الْأَوْلِيَاءُ وَالْعُبَّادُ، الْوَاحِدُ بَدَلٌ كَجَمَلٍ أَوْ بَدْلٌ كَحَمْلٍ ; سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كُلَّمَا مَاتَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ بُدِلَ بِآخَرَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْأَبْدَالُ قَوْمٌ مِنَ الصَّالِحِينَ لَا تَخْلُو الدُّنْيَا مِنْهُمْ، إِذَا مَاتَ وَاحِدٌ أَبْدَلَ اللَّهُ مَكَانَهُ بِآخَرَ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَاحِدُهُ بَدِيلٌ.
قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ بُدَلَاءُ أَيْضًا، فَيَكُونُ نَظِيرَ شَرِيفٍ وَأَشْرَافٍ وَشُرَفَاءَ، ثُمَّ قِيلَ: إِنَّهُمْ سُمُّوا أَبْدَالًا ; لِأَنَّهُمْ قَدْ يَرْتَحِلُونَ إِلَى مَكَانٍ وَيُقِيمُونَ فِي مَكَانِهِمُ الْأَوَّلِ شَبَحًا آخَرَ شَبِيهًا بِشَبَحِهِمُ الْأَصْلِيِّ بَدَلًا عَنْهُ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْأَبْدَالُ قَوْمٌ بِهِمْ يُقِيمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْأَرْضَ، وَهُمْ سَبْعُونَ، أَرْبَعُونَ بِالشَّامِ وَثَلَاثُونَ فِي غَيْرِهَا انْتَهَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّامِ جِهَتُهُ وَمَا يَلِيهِ مِنْ وَرَائِهِ لَا بِخُصُوصِ دِمَشْقِ الشَّامِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْمَرَامِ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ سُمُّوا أَبْدَالًا ; لِأَنَّهُمْ أُبْدِلُوا الْأَخْلَاقَ الدَّنِيَّةَ بِالشَّمَائِلِ الرَّضِيَّةِ، أَوْ لِأَنَّهُمْ مِمَّنْ بَدَّلَ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ.
وَقَالَ الْقُطْبُ الْحَقَّانِيُّ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلَانِيُّ: إِنَّمَا سُمُّوا أَبْدَالًا لِأَنَّهُمْ فَنُوا عَنْ إِرَادَتِهِمْ فَبُدِّلَتْ بِإِرَادَةِ الْحَقِّ عَزَّ وَجَلَّ، فَيُرِيدُونَ بِإِرَادَةِ الْحَقِّ أَبَدًا إِلَى الْوَفَاةِ، فَذُنُوبُ هَؤُلَاءِ السَّادَةِ أَنْ يُشْرِكُوا إِرَادَةَ الْحَقِّ بِإِرَادَتِهِمْ، عَلَى وَجْهِ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ وَغَلَبَةِ الْحَالِ وَالدَّهْشَةِ، فَيُدْرِكُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ بِالْيَقَظَةِ وَالتَّذْكِرَةِ، فَيَرْجِعُونَ عَنْ ذَلِكَ وَيَسْتَغْفِرُونَ رَبَّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْعَارِفَ ابْنَ الْفَارِضِ أَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ:
وَلَوْ خَطَرَتْ لِي فِي سِوَاكَ إِرَادَةٌ ... عَلَى خَاطِرِي سَهْوًا حَكَمْتُ بِرِدَّتِي
فَإِنَّ حَسَنَاتِ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ، وَقَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ مِنْ مَاءٍ مَعِينٍ، وَاللَّهُ الْمُعِينُ. (" وَعَصَائِبُ أَهْلِ الْعِرَاقِ ") أَيْ: خِيَارُهُمْ، مِنْ قَوْلِهِمْ: عُصْبَةُ الْقَوْمِ خِيَارُهُمْ، وَلَعَلَّهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يوسف: 8] ، أَوْ طَوَائِفُهُمْ، فَإِنَّ الْعِصَابَةَ تَأْتِي بِمَعْنَى الْجَمَاعَةِ ; بِتَعَصُّبِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَشَدِّ بَعْضِهِمْ ظَهْرَ بَعْضٍ وَتَعَضُّدِهِ. وَفِي النِّهَايَةِ: الْعَصَائِبُ جَمْعُ عِصَابَةٍ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ مِنَ الْعَشَرَةِ إِلَى الْأَرْبَعِينَ، وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا، وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ: الْأَبْدَالُ بِالشَّامِ، وَالنُّجَبَاءُ بِمِصْرَ، وَالْعَصَائِبُ بِالْعِرَاقِ. أَرَادَ أَنَّ التَّجَمُّعَ لِلْحُرُوبِ يَكُونُ بِالْعِرَاقِ، وَقِيلَ: أَرَادَ جَمَاعَةً مِنَ الزُّهَّادِ سَمَّاهُمْ بِالْعَصَائِبِ ; لِأَنَّهُ قَرَنَهُمْ بِالْأَبْدَالِ وَالنُّجَبَاءِ.
ذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «خِيَارُ أُمَّتِي فِي كُلِّ قَرْنٍ خَمْسُمِائَةٍ، وَالْأَبْدَالُ أَرْبَعُونَ، فَلَا الْخَمْسُمِائَةُ يَنْقُصُونَ، وَلَا الْأَرْبَعُونَ، كُلَّمَا مَاتَ رَجُلٌ أَبْدَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْخَمْسِمِائَةِ مَكَانَهُ، وَأَدْخَلَ فِي الْأَرْبَعِينَ» ". وَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! دُلَّنَا عَلَى أَعْمَالِهِمْ. قَالَ: " «يَعْفُونَ عَمَّنْ ظَلَمَهُمْ، وَيُحْسِنُونَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِمْ، وَيَتَوَاسَوْنَ فِيمَا آتَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» ". وَبِإِسْنَادِهِ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْخَلْقِ سَبْعَةً» "، وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: " «فَبِهِمْ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيُمْطِرُ وَيُنْبِتُ وَيَدْفَعُ الْبَلَاءَ» ".

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3441
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست