responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3436
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَيْ إِذَا كَانَ الْأَغْنِيَاءُ وَأَصْحَابُ الْمَنَاصِبِ يَسْتَأْثِرُونَ بِحُقُوقِ الْفُقَرَاءِ، أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ أَمْوَالَ الْفَيْءِ تُؤْخَذُ غَلَبَةً وَأَثَرَةً صَنِيعَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَذَوِي الْعُدْوَانِ، (" وَالْأَمَانَةُ مَغْنَمًا ") ، أَيْ: بِأَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِوَدَائِعِ بَعْضِهِمْ وَأَمَانَاتِهِمْ، فَيَتَّخِذُونَهَا كَالْمَغَانِمِ يَغْنَمُونَهَا، (" وَالزَّكَاةُ مَغْرَمًا ") أَيْ: بِأَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِمْ أَدَاؤُهَا حَتَّى تُعَدَّ غَرَامَةً، (" وَتُعُلِّمَ ") : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنْ بَابِ التَّفَعُّلِ (" لِغَيْرِ الدِّينِ ") ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: هُوَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، كَذَا فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ، وَجَامِعِ الْأُصُولِ، وَفِي نُسْخَةِ الْمَصَابِيحِ بِغَيْرِ اللَّامِ، وَالْأُولَى أَوْلَى، أَيْ: رِوَايَةً وَدِرَايَةً، أَيْ: يَتَعَلَّمُونَ الْعِلْمَ لِطَلَبِ الْجَاهِ وَالْمَالِ لَا لِلدِّينِ وَنَشْرِ الْأَحْكَامِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ; لِإِظْهَارِ دِينِ اللَّهِ، (" وَأَطَاعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ") أَيْ: فِيمَا تَأْمُرُهُ وَتَهْوَاهُ مُخَالِفًا لِأَمْرِ اللَّهِ وَهُدَاهُ، (" وَعَقَّ أُمَّهُ ") أَيْ: خَالَفَهَا فِيمَا تَأْمُرُهُ وَتَنْهَاهُ، وَفِي الْقَرِينَتَيْنِ إِشْعَارٌ بِانْقِلَابِ الدَّهْرِ ; لِانْعِكَاسِ الْأَمْرِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: (" وَأَدْنَى صَدِيقَهُ، وَأَقْصَى أَبَاهُ ") ; حَيْثُ قَرَّبَ صَدِيقَهُ الْأَجْنَبِيَّ إِلَيْهِ، وَبَعَّدَ أَقْرَبَ الْأَقْرَبِينَ مِنْهُ، مَعَ أَنَّهُ أَشْفَقُ الْأَشْفَقِينَ عَلَيْهِ، هَذَا وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: خَصَّ عُقُوقَ الْأُمِّ بِالذِّكْرِ، وَإِنْ كَانَ عُقُوقُ كُلٍّ مِنَ الْأَبَوَيْنِ مَعْدُودًا مِنَ الْكَبَائِرِ ; لِتَأَكُّدِ حَقِّهَا، أَوْ لِكَوْنِ قَوْلِهِ: وَأَقْصَى أَبَاهُ بِمَنْزِلَةِ وَعَقَّ أَبَاهُ، فَيَكُونُ عُقُوقُهُمَا مَذْكُورًا. أَقُولُ: فَفِيهِ تَفَنُّنٌ وَتَسْجِيعٌ، مَعَ زِيَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ: أَقْصَى، عَلَى قَوْلِهِ: عَقَّ، عَلَى أَنَّهُ يُفْهَمُ عُقُوقُ الْأَبِ مِنْ عُقُوقِ الْأُمِّ بِالْأَوْلَى.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ: وَأَدْنَى صَدِيقَهُ وَأَقْصَى أَبَاهُ، كِلَاهُمَا قَرِينَةٌ لِقَوْلِهِ: وَأَطَاعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَعَقَّ أُمَّهُ، لَكِنَّ الْمَذْمُومَ فِي الْأُولَى الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ; لِأَنَّ إِدْنَاءَ الصَّدِيقِ مَحْمُودٌ، بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ، فَإِنَّ الْإِفْرَادَ وَالْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مَذْمُومَانِ. وَأَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ إِطَاعَةَ الْمَرْأَةِ وَالْأُمِّ فِي الْمُبَاحِ مَنْدُوبَتَانِ، وَفِي الْمَعْصِيَةِ مَنْهِيَّتَانِ، فَالْغَرَابَةُ بَيْنَهُمَا إِنَّمَا هِيَ فِي انْعِكَاسِ الْقَضِيَّةِ وَانْقِلَابِ الْبَلِيَّةِ، وَكَذَا فِي الْقَرِينَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ; إِذْ يُتَصَوَّرُ إِدْنَاءُ الصَّدِيقِ الصَّالِحِ وَإِبْعَادُ الْأَبِ الصَّالِحِ، وَيُؤَيِّدُ مَا حَرَّرْنَا قَوْلُهُ: فَرَجَّحَ جَانِبَ الزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الشَّهْوَةِ عَلَى جَانِبِ الْأُمِّ، فَإِنَّهَا مَرْضَاةُ الرَّبِّ، وَخَصَّ الْأُمَّ بِالذِّكْرِ لِزِيَادَةِ حَقِّهَا، وَتَأَكُّدِ مَشَقَّتِهَا فِي تَرْبِيَتِهِ، فَعُقُوقُهَا أَقْبَحُ مِنْ عُقُوقِ الْأَبِ، وَأَدْنَى صَدِيقَهُ أَيْ: قَرَّبَهُ إِلَى نَفْسِهِ لِلْمُؤَانَسَةِ وَالْمُجَالَسَةِ، وَأَقْصَى أَبَاهُ أَبْعَدَهُ وَلَمْ يَسْتَصْحِبْهُ وَلَمْ يَسْتَأْنِسْ بِهِ. (وَظَهَرَتِ الْأَصْوَاتُ) أَيْ: رَفْعُهَا (فِي الْمَسَاجِدِ) ، وَهَذَا مِمَّا كَثُرَ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَقَدْ نَصَّ بَعْضُ عُلَمَائِنَا بِأَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ لِلذِّكْرِ حَرَامٌ، (وَسَادَ الْقَبِيلَةَ) : وَفِي مَعْنَاهُ الْبَلَدُ وَالْمَحَلَّةُ (فَاسِقُهُمْ) ، وَظَالِمُهُمْ بِالْأَوْلَى، وَقَدْ كَثُرَ هَذَا أَيْضًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَثْرَةَ هِيَ الْعَلَامَةُ، وَإِلَّا فَلَمْ يَكُنْ يَخْلُو زَمَانٌ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا} [الأنعام: 123] (وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ) أَيِ: الْمُتَكَفِّلُ بِأَمْرِهِمْ (أَرْذَلَهُمْ) أَيْ: أَبْخَلَهُمْ، أَوْ أَكْثَرَهُمْ رَذَالَةً فِي النَّسَبِ وَالْحَسَبِ.
قَالَ السُّيُوطِيُّ: زَعِيمُ الْقَوْمِ رَأْسُهُمْ. وَفِي الْقَامُوسِ: الزَّعِيمُ الْكَفِيلُ، وَسَيِّدُ الْقَوْمِ رَأْسُهُمْ وَالْمُتَكَلِّمُ عَنْهُمْ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ النُّسَخَ جَمِيعَهَا عَلَى رَفْعِ " زَعِيمُ " وَنَصْبِ " أَرْذَلَهُمْ "، وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُعْكَسَ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِالزَّعِيمِ الْكَرِيمُ، وَبِالْأَرْذَلِ الْأَحْمَقُ وَالْأَخْمَلُ، وَفِي الْمَالِ وَالْجَاهِ أَقَلُّ، (" وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ ") أَيْ: عُظِّمَ (" مَخَافَةَ شَرِّهِ ") أَيْ: لَا لِسَبَبٍ غَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ رَجَاءِ خَيْرِهِ، (" وَظَهَرَتِ الْقَيْنَاتُ ") : بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ أَيِ: الْإِمَاءُ الْمُغَنِّيَاتُ، (" وَالْمَعَازِفُ ") ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ أَيْ: وَظَهَرَتْ آلَاتُ اللَّهْوِ، (" وَشُرِبَتِ ") : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (" الْخُمُورُ ") أَيْ: أَنْوَاعُ الْخَمْرِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تُشْرَبُ شُرْبًا ظَاهِرًا، (" وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا ") : فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْعَلَامَةَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ فِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ، وَهِيَ الْمُنَاسِبَةُ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ؟ قَالُوا: أَصْحَابُ مُوسَى وَعِيسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3436
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست