responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3426
يَكُونَ الْمَعْنَى إِنَّكَ لِجَرَاءَتِكَ وَكَثْرَةِ مُسَاءَلَتِكَ أَخَذْتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ نَأْخُذْ مِنْهُ، فَهَاتِ وَبَيِّنْ. (قُلْتُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ» ") أَيْ: عِيَالُهُ، مِنِ امْرَأَتِهِ وَجَارِيَتِهِ أَوْ أَقَارِبِهِ، (" وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ ") أَيْ: وَأَمْثَالُ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُلَ يُبْتَلَى وَيُمْتَحَنُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَيُسْأَلُ عَنْ حُقُوقِهَا، وَقَدْ يَحْصُلُ لَهُ ذُنُوبٌ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِيهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُكَفِّرَهَا بِالْحَسَنَاتِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (" يُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ "، فَقَالَ عُمَرُ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ) ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا سَأَلَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْفِتْنَةِ؟ وَاحْتَمَلَ أَنْ يُرَادَ بِالْفِتْنَةِ الِاخْتِبَارُ وَالِابْتِلَاءُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155] ، وَأَنْ يُرَادَ بِهَا وَقْعَةُ الْقِتَالِ، وَكَانَ سُؤَالُهُ عَنِ الثَّانِي قَالَ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ (إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ) أَيْ: تَضْطَرِبُ اضْطِرَابَ الْبَحْرِ عِنْدَ هَيَجَانِهِ، وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنْ شِدَّةِ الْمُخَاصَمَةِ، وَكَثْرَةِ الْمُنَازَعَةِ، وَمَا يَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ مِنَ الْمُشَاتَمَةِ وَالْمُقَاتَلَةِ، وَإِنَّمَا أَنَّثَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمُشَارَ إِلَيْهِ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ دَلَالَةً عَلَى فَظَاعَةِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ، وَإِنَّهَا الدَّاهِيَةُ الدَّهْيَاءُ.
(قَالَ: قُلْتُ: مَا لَكَ وَلَهَا) : اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ لَكَ مِنَ الْحَاجَةِ إِلَى تِلْكَ الْفِتْنَةِ وَإِلَى سُؤَالِهَا، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنَ الْمِحْنَةِ، وَأَيُّ شَيْءٍ لَهَا مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْكَ وَالْحُصُولِ لَدَيْكَ ; فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ وَلَهَا اقْتِرَانٌ وَاجْتِمَاعٌ فِي زَمَانٍ، (يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟) : يُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ، (إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا) : اسْتِئْنَافُ تَعْلِيلٍ، (قَالَ: فَيُكْسَرُ الْبَابُ) أَيْ: مِنْ شِدَّتِهِ وَصُعُوبَتِهِ، وَالِاسْتِفْهَامُ مُقَدَّرٌ ; وَلِذَا قَابَلَهُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ يُفْتَحُ) أَيْ: مِنْ خِفَّتِهِ وَسُهُولَتِهِ (قَالَ: قُلْتُ: لَا) أَيْ: لَا يُفْتَحُ ; فَانْصَبَّ النَّفْيُ عَلَى الْفِعْلِ الْقَرِيبِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ مُوَهَّمًا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْفِعْلَيْنِ جَمِيعًا اسْتَدْرَكَهُ وَقَالَ: (بَلْ يُكْسَرُ) وَفَائِدَتُهُ التَّأْكِيدُ وَالتَّأْيِيدُ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: فَإِنْ قُلْتَ: كَانَ يَكْفِي فِي الْجَوَابِ أَنْ يَقُولَ: يُكْسَرُ، فَلِمَ أَتَى بِلَا وَبَلْ؟ قُلْتُ: لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَقَامِ التَّرْدِيدِ فِي الْكَسْرِ لِظُهُورِهِ، فَلَا يُسْأَلُ بِأَمِ الْمُعَادَلَةِ كَمَا سَبَقَ مِرَارًا اهـ.
وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ الِاعْتِرَاضِ الْبَارِدِ عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ زُبْدَةِ الْفُصَحَاءِ وَعُمْدَةِ الْبُلَغَاءِ، وَكَذَا مِنْ دَعْوَى الظُّهُورِ الَّذِي لَا يَتَوَهَّمُهُ أَحَدٌ مِنَ الْأَغْبِيَاءِ، مَعَ أَنَّ (أَمْ) لَيْسَ مَوْجُودًا فِي الْعِبَارَةِ، بَلِ التَّرْدِيدُ إِنَّمَا وَقَعَ بِلَفْظٍ أَوْ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَرْبَابِ الْإِشَارَةِ، بَلِ الظَّاهِرُ إِنَّمَا هُوَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى حُذَيْفَةَ فِي جَوَابِهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ مِنْ أَنَّ جَوَابَ (أَمْ) الْمُتَّصِلَةِ بِالتَّعْيِينِ دُونَ نَعَمْ أَوْ لَا ; لِأَنَّهُمَا لَا يُفِيدَانِ التَّعْيِينَ بِخِلَافِ (أَوْ) مَعَ الْهَمْزَةِ كَمَا إِذَا قُلْنَا: جَاءَكَ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو، فَإِنَّهُ يُصْبِحُ جَوَابُهُ بِلَا وَنَعَمْ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالسُّؤَالِ أَحَدُهُمَا لَا عَلَى التَّعْيِينِ جَاءَكَ أَوْ لَا، وَلَا شَكَّ هَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا فِي جَوَابِهِ، بَلِ الْمُرَادُ التَّعْيِينُ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ فِي الْحُكْمِ بِالْكَسْرِ، غَايَتُهُ أَنَّهُ نَفَى مُقَابِلَهُ وَهُوَ الْفَتْحُ أَوَّلًا، ثُمَّ أَثْبَتَ الْكَسْرَ لِزِيَادَةِ إِفَادَةِ الْحَصْرِ كَمَا حَقَّقَ فِي كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، فَإِنَّهُ لَوْ قِيلَ: اللَّهُ مَوْجُودٌ أَوْ ثَابِتٌ أَوْ مُحَقَّقٌ، لَمْ يُفِدْ نَفْيَ مَا سِوَاهُ، فَلِذَا عَدَلَ عَنْهُ إِلَى قَوْلِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
(قَالَ) أَيْ: عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (ذَاكَ) : كَذَا بِلَا لَامٍ فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ، أَيْ: ذَاكَ الْبَابُ الَّذِي مِنْ وَصْفِهِ أَنْ يُكْسَرَ وَلَا يُفْتَحَ (أَحْرَى) أَيْ: حَرِيٌّ وَحَقِيقٌ (أَنْ لَا يُغْلَقَ أَبَدًا) ; لِأَنَّ الْفَتْحَ قَدْ يُرْجَى إِغْلَاقُهُ بِخِلَافِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3426
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست