responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3399
مِنَ الْبَلَاءِ وَالْوَبَاءِ، وَأُضِيفَتْ إِلَى السَّرَّاءِ لِأَنَّ السَّبَبَ فِي وُقُوعِهَا ارْتِكَابُ الْمَعَاصِي ; بِسَبَبِ كَثْرَةِ التَّنَعُّمِ، أَوْ لِأَنَّهَا تَسُرُّ الْعَدُوَّ. وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ وُقُوعِ النَّاسِ فِي تِلْكَ الْفِتْنَةِ وَابْتِلَائِهِمْ بِهَا أَثَرَ النِّعْمَةِ، فَأُضِيفَتْ إِلَى السَّرَّاءِ، يَعْنِي يَكُونُ التَّرْكِيبُ مِنْ قَبِيلِ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى سَبَبِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْفِتْنَةِ فَأُضِيفَتْ إِلَيْهَا إِضَافَةَ مَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَيُرَادُ مِنْهَا سِعَتُهَا لِكَثْرَةِ الشُّرُورِ وَالْمَفَاسِدِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ قَفَاهُ سَرَّاءُ إِذَا كَانَتْ وَسِيعَةً، يَعْنِي يَكُونُ التَّقْدِيرُ: فِتْنَةُ الْحَادِثَةِ السَّرَّاءِ، أَيِ: الْوَاسِعَةُ الَّتِي تَعُمُّ الْكَافَّةَ مِنَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، وَقَوْلُهُ: (" دَخَنُهَا ") : بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ إِثَارَتُهَا وَهَيَجَانُهَا، وَشَبَّهَهَا بِالدُّخَانِ الَّذِي يَرْتَفِعُ، كَمَا شَبَّهَ الْحَرْبَ بِالنَّارِ، وَإِنَّمَا قَالَ: (" مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ") تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَسْعَى فِي إِثَارَتِهَا، أَوْ إِلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ أَمْرَهَا، (يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي) أَيْ: فِي الْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ مِنِّي فِي النَّسَبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تِلْكَ الْفِتْنَةَ بِسَبَبِهِ، وَأَنَّهُ بَاعِثٌ عَلَى إِقَامَتِهَا (" وَلَيْسَ مِنِّي ") أَيْ: مِنْ أَخِلَّائِي أَوْ مِنْ أَهْلِي فِي الْفِعْلِ ; لِأَنَّ لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِي لَمْ يُهَيِّجِ الْفِتْنَةَ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46] ، أَوْ لَيْسَ مِنْ أَوْلِيَائِي فِي الْحَقِيقَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (" إِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ ") ، وَهَذَا أَبْلَغُ مِنْ حَدِيثِ " «آلُ مُحَمَّدٍ كُلُّ تَقِيٍّ» "، (ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ) أَيْ: يَجْتَمِعُونَ عَلَى بَيْعَةِ رَجُلٍ (كَوَرِكٍ) : بِفَتْحٍ وَكَسْرٍ (عَلَى ضِلْعٍ) : بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ وَيُسَكَّنُ وَاحِدُ الضُّلُوعِ أَوِ الْأَضْلَاعِ، وَتَسْكِينُ اللَّامِ فِيهِ جَائِزٌ عَلَى مَا فِي الصِّحَاحِ، وَهَذَا مَثَلٌ، وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى ثَبَاتٍ ; لِأَنَّ الْوَرِكَ لِثِقَلِهِ لَا يَثْبُتُ عَلَى الضِّلْعِ لِدِقَّتِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ غَيْرَ أَهْلِ الْوِلَايَةِ لِقِلَّةِ عِلْمِهِ وَخِفَّةِ رَأْيِهِ وَحِلْمِهِ. وَفِي النِّهَايَةِ: أَيْ يَصْطَلِحُونَ عَلَى رَجُلٍ لَا نِظَامَ لَهُ وَلَا اسْتِقَامَةَ لِأَمْرِهِ ; لِأَنَّ الْوَرِكَ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الضِّلْعِ، وَلَا يَتَرَكَّبُ عَلَيْهِ ; لِاخْتِلَافِ مَا بَيْنَهُمَا وَبُعْدِهِ، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَثْبُتُ وَلَا يَسْتَقِيمُ لَهُ ; وَذَلِكَ أَنَّ الضِّلْعَ لَا يَقُومُ بِالْوَرِكِ وَلَا يَحْمِلُهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَعِدُّ وَلَا يَسْتَبِدُّ ; لِذَلِكَ فَلَا يَقَعُ عَنْهُ الْأَمْرُ مَوْقِعَهُ، كَمَا أَنَّ الْوَرِكَ عَلَى ضِلْعٍ يَقَعُ غَيْرَ مَوْقِعِهِ.
قَالَ: وَإِنَّمَا يُقَالُ فِي بَابِ الْمُلَاءَمَةِ وَالْمُوَافَقَةِ إِذَا وَصَفُوا بِهِ هُوَ كَكَفٍّ فِي سَاعِدٍ وَسَاعِدٍ فِي ذِرَاعٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ، يُرِيدُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ غَيْرُ لَائِقٍ لِلْمُلْكِ وَلَا مُسْتَقِلَّ بِهِ.
(ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ) : بِالرَّفْعِ وَيَنْصَبُّ عَلَى مَا سَبَقَ، وَهِيَ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ، وَالدَّهْمَاءُ السَّوْدَاءُ، وَالتَّصْغِيرُ لِلذَّمِّ، أَيِ: الْفِتْنَةُ الْعَظْمَاءُ وَالطَّامَّةُ الْعَمْيَاءُ، وَفِي النِّهَايَةِ: هِيَ تَصْغِيرُ الدَّهْمَاءِ يُرِيدُ الْفِتْنَةَ الْمُظْلِمَةَ وَالتَّصْغِيرُ فِيهَا لِلتَّعْظِيمِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالدُّهَيْمَاءِ الدَّاهِيَةُ، وَمِنْ أَسْمَاءِ الدَّاهِيَةِ الدُّهَيْمُ، زَعَمُوا أَنَّ الدُّهَيْمَ اسْمُ نَاقَةٍ غَزَا عَلَيْهَا سَبْعَةُ إِخْوَةٍ مُتَعَاقِبِينَ، فَقُتِلُوا عَنْ آخِرِهِمْ، وَحُمِلُوا عَلَيْهَا حَتَّى رَجَعَتْ بِهِمْ، فَصَارَتْ مَثَلًا فِي كُلِّ دَاهِيَةٍ، (لَا تَدَعُ) أَيْ: لَا تَتْرُكُ تِلْكَ الْفِتْنَةَ (أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً) أَيْ: أَصَابَتْهُ بِمِحْنَةٍ وَمَسَّتْهُ بِبَلِيَّةٍ، وَأَصْلُ اللَّطْمِ هُوَ الضَّرْبُ عَلَى الْوَجْهِ بِبَطْنِ الْكَفِّ، وَالْمُرَادُ أَنَّ أَثَرَ تِلْكَ الْفِتْنَةِ يَعُمُّ النَّاسَ وَيَصِلُ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ ضَرَرِهَا. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: هُوَ اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ شَبَّهَ الْفِتْنَةَ بِإِنْسَانٍ، ثُمَّ خُيِّلَ لِإِصَابَتِهَا النَّاسَ، اللَّطْمُ الَّذِي هُوَ مِنْ لَوَازِمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَجَعَلَهَا قَرِينَةً لَهَا، (" فَإِذَا قِيلَ: انْقَضَتْ ") أَيْ: فَمَهْمَا تَوَهَّمُوا أَنَّ تِلْكَ الْفِتْنَةَ انْتَهَتْ (" تَمَادَتْ ") بِتَخْفِيفِ الدَّالِ أَيْ: بَلَغَتِ الْمَدَى، أَيِ: الْغَايَةَ مِنَ التَّمَادِي، وَفِي نُسْخَةٍ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ مِنَ التَّمِادُدِ تَفَاعُلٌ مِنَ الْمَدِّ، أَيِ: اسْتَطَالَتْ وَاسْتَمَرَّتْ وَاسْتَقَرَّتْ، (" يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا ") أَيْ: لِتَحْرِيمِهِ دَمَ أَخِيهِ وَعِرْضِهِ وَمَالِهِ (وَيُمْسِي كَافِرًا) أَيْ: لِتَحْلِيلِهِ مَا ذُكِرَ، وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ (" حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ ") : بِضَمِّ الْفَاءِ وَتُكْسَرُ أَيْ فِرْقَتَيْنِ، وَقِيلَ: مَدِينَتَيْنِ، وَأَصْلُ الْفُسْطَاطِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3399
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست