responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3398
قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: كَانَ بَعْضُهُمْ مُصِيبًا وَبَعْضُهُمْ مُخْطِئًا مَعْذُورًا فِي الْخَطَأِ ; لِأَنَّهُ كَانَ بِالِاجْتِهَادِ، وَالْمُجْتَهِدُ إِذَا أَخْطَأَ لَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُوَ الْمُحِقُّ الْمُصِيبُ فِي تِلْكَ الْحُرُوبِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَكَانَتِ الْقَضَايَا مُشْتَبِهَةً، حَتَّى إِنَّ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ تَحَيَّرُوا فِيهَا، فَاعْتَزَلُوا الطَّائِفَتَيْنِ وَلَمْ يُقَاتِلُوا، وَلَوْ تَيَقَّنُوا الصَّوَابَ لَمْ يَتَأَخَّرُوا عَنْ مُسَاعَدَتِهِ.
قُلْتُ: وَسَبَبُ هَذَا التَّحَيُّرِ لَمْ يَكُنْ فِي أَنَّ عَلِيًّا أَحَقُّ بِالْخِلَافَةِ أَمْ مُعَاوِيَةَ؟ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى وِلَايَةِ عَلِيٍّ، وَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ عَلَى خِلَافَتِهِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ النِّزَاعُ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَعَلِيٍّ فِي قَتَلَةِ عُثْمَانَ ; حَيْثُ تَعَلَّلَ مُعَاوِيَةُ بِأَنِّي لَمْ أُسَلِّمْ لَكَ الْأَمْرَ حَتَّى تَقْتُلَ أَهْلَ الْفَسَادِ وَالشُّرُورِ مِمَّنْ حَاصَرَ الْخَلِيفَةَ وَأَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ، فَإِنَّ هَذَا ثَلْمَةٌ فِي الدِّينِ وَخَلَلٌ فِي أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَاقْتَضَى رَأْيُ عَلِىٍّ، وَهُوَ الصَّوَابُ، أَنَّ قَتْلَ فِئَةِ الْفِتْنَةِ يَجُرُّ إِلَى إِثَارَةِ الْفِتْنَةِ الَّتِي هِيَ تَكُونُ أَقْوَى مِنَ الْأُولَى، مَعَ أَنَّ هُجُومَ الْعَوَامِّ وَعَدَمَ تَعْيِينِ أَحَدٍ مِنْهُمْ بِمُبَاشَرَةِ قَتْلِ الْإِمَامِ لَيْسَ بِمُوجِبٍ لِإِمَامٍ آخَرَ أَنْ يَقْتُلَهُمْ قَتْلًا عَامًا، وَلَا مَنْ يُتَّهَمُ بِقَتْلِهِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ رَجَعُوا إِلَى الْحَقِّ وَدَخَلُوا فِي بَيْعَةِ الْخَلِيفَةِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَهْلَ الْبَغْيِ إِذَا رَجَعُوا عَنْ بَغْيِهِمْ، أَوْ شَرَدُوا عَنْ قِتَالِهِمْ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُمْ، هَذَا وَلَمَّا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ الْفِتَنَ وَحَذَّرَ عَنِ الدُّخُولِ فِيهَا، وَرَغَّبَ الْبُعْدَ عَنْهَا، وَرَهَّبَ عَنِ الْقُرْبِ إِلَيْهَا، وَأَطْلَقَهَا نَظَرًا إِلَى فَسَادِ غَالِبِهَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ هَذِهِ الْفِتْنَةَ بِخُصُوصِهَا مُفَصَّلَةً وَإِنْ وَقَعَتْ مُجْمَلَةً تَحَيَّرَ فِيهَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ، وَظَنُّوا أَنَّ الْأَسْلَمَ فِيهَا بِالْخُصُوصِ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا بِالْعُمُومِ، لَكِنْ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ فِي الْآخِرِ حَقِّيَةُ عَلِىٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجَّهَهُ - وَخَطَأُ مُعَاوِيَةَ، نَدِمُوا عَلَى مَا فَعَلُوا مِنَ الْعُزْلَةِ، وَتَحَسَّرُوا عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنْ مَثُوبَةِ الْجِلْوَةِ، وَلِلَّهِ حِكْمَةٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، فَلَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ وَلَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ) . قَالَ مِيرَكُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا كُلُّهُمْ مَرْفُوعًا. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: الْأَصَحُّ وَقْفُهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. أَقُولُ: لَكِنَّ هَذَا الْمَوْقُوفَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ ; فَلِأَنَّ قَوْلَهُ: " قَتْلَاهَا فِي النَّارِ " لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ رَأْيِ أَحَدٍ.

5402 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ صَمَّاءُ عَمْيَاءُ بَكْمَاءُ، مَنْ أَشْرَفَ لَهَا اسْتَشْرَفَتْ لَهُ، وَإِشْرَافُ اللِّسَانِ فِيهَا كَوُقُوعِ السَّيْفِ» ") . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5402 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " سَتَكُونُ فِتْنَةٌ صَمَّاءُ عَمْيَاءُ بَكْمَاءُ) أَيْ: بِاعْتِبَارِ أَصْحَابِهَا ; حَيْثُ لَا يَجِدُونَ لَهَا مُسْتَغَاثًا، وَلَا يَرَوْنَ مِنْهَا مَخْرَجًا وَخَلَاصًا، وَالْمَعْنَى: لَا يُمَيِّزُونَ فِيهَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَلَا يَسْمَعُونَ النَّصِيحَةَ وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، بَلْ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا بِحَقٍّ أُوذِيَ، وَوَقَعَ فِي الْفِتَنِ وَالْمِحَنِ (" مَنْ أَشْرَفَ لَهَا ") أَيْ: مَنِ اطَّلَعَ عَلَيْهَا وَقَرُبَ مِنْهَا (" اسْتَشْرَفَتْ لَهُ ") أَيِ: اطَّلَعَتْ تِلْكَ الْفِتْنَةُ عَلَيْهِ وَجَذَبَتْهُ إِلَيْهَا، (" وَإِشْرَافُ اللِّسَانِ ") أَيْ: إِطْلَاقُهُ وَإِطَالَتُهُ (" فِيهَا كَوُقُوعِ السَّيْفِ ") أَيْ: فِي تَأْثِيرِهِ أَبْلَغُ ; لِمَا قِيلَ:
جِرَاحَاتُ السِّنَّانِ لَهَا الْتِئَامٌ ... وَلَا يُلْتَأَمُ مَا جَرَحَ اللِّسَانُ
وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ: أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

5403 - «وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الْفِتَنَ، فَأَكْثَرَ فِي ذِكْرِهَا، حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمَا فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ؟ قَالَ: " هِيَ هَرَبٌ، وَحَرَبٌ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي وَلَيْسَ مِنِّي، إِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ، ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلْعٍ، ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ لَا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطْمَتْهُ لَطْمَةً، فَإِذَا قِيلَ: انْقَضَتْ تَمَادَتْ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ: فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيهِ، وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5403 - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا) أَيْ: قَاعِدِينَ (عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الْفِتَنَ) أَيِ: الْوَاقِعَةَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ (فَأَكْثَرَ) أَيِ: الْبَيَانَ (فِي ذِكْرِهِمَا، حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ) سَبَقَ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ، (فَقَالَ قَائِلٌ: وَمَا فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ؟ قَالَ: " هِيَ هَرَبٌ ") : بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ: يَفِرُّ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ لِمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالْمُحَارَبَةِ، (" وَحَرَبٌ ") بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ: أَخْذُ مَالٍ وَأَهْلٍ لِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ (" ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ ") بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى هَرَبٍ بِحَسْبَ الْمَعْنَى، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَفِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ حَرَبٌ وَهَرَبٌ وَفِتْنَةُ السَّرَّاءِ، وَفَى نُسْخَةٍ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى فِتْنَةِ الْأَحْلَاسِ، وَالْمُرَادُ بِالسَّرَّاءِ النَّعْمَاءُ الَّتِي تَسُرُّ النَّاسَ مِنَ الصِّحَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَالْعَافِيَةِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3398
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست