responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3390
قُلْتُ: وَلَا شَكَّ أَنَّ نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلِيفَتُهُ فِي خَلِيقَتِهِ، بَلْ وَيَدُلُّ إِطْلَاقُهَا عَلَى غَيْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةٌ " الْحَدِيثَ.
قَالَ: وَقَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ! فَقَالَ: وَيْحَكَ لَقَدْ تَنَاوَلْتَ مُتَنَاوَلًا، إِنَّ أُمَّتِي سَمَّتْنِي عُمَرَ، فَلَوْ دَعَوْتَنِي بِهَذَا الِاسْمِ قَبِلْتُ، ثُمَّ وَلَّيْتُمُونِي أُمُورَكُمْ فَسَمَّيْتُمُونِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَوْ دَعَوْتَنِي بِذَلِكَ كَفَاكَ، أَيْ: فِي رِعَايَةِ الْأَدَبِ وَقَصْدِ التَّعْظِيمِ، فَهَذَا مِنْهُ تَوَاضُعٌ مَعَ الْخَلْقِ، وَتَمَسْكُنٌ مَعَ الْخَالِقِ، فَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مِثْلَهُ لَا يُقَالُ لَهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(ثُمَّ يَقُولُ سَفِينَةُ) أَيْ: لِرَاوِيهِ، أَوِ الْمُرَادُ بِهِ خِطَابُ الْعَامِّ (أَمْسِكْ) أَيْ: عُدَّ مُدَّةَ الْخِلَافَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: لَعَلَّ الْوَجْهَ أَنْ يُقَالَ: امْسِكْ أَنِ اضْبُطِ الْحِسَابَ عَاقِدًا أَصَابِعَكَ حَتَّى يَكُونَ أَمْسِكْ مَحْمُولًا عَلَى أَصْلِهِ، اهـ. وَخُلَاصَةُ الْمَعْنَى احْسِبْ وَاحْفَظْ. (خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ سَنَتَيْنِ، وَخِلَافَةَ عُمَرَ عَشْرَةً) أَيْ: أَعْوَامٍ (وَعُثْمَانَ) أَيْ: خِلَافَتُهُ (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً) وَفِي نُسْخَةٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَيْ: عَامًا (وَعَلِيٍّ) أَيْ: وَخِلَافَةُ عَلِيٍّ (سِتَّةً) أَيْ: سِتَّةُ أَعْوَامٍ، فِعْلِيٌّ خَاتَمُ الْخُلَفَاءِ، كَالنَّبِيِّ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْمَهْدِيُّ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ) ، وَكَذَا النَّسَائِيُّ، ذَكَرَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ. وَفِي الْجَامِعِ: " «الْخِلَافَةُ بَعْدِي فِي أُمَّتِي ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ مُلْكٌ بَعْدَ ذَلِكَ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى، وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ سَفِينَةَ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «الْخِلَافَةُ بِالْمَدِينَةِ وَالْمُلْكُ بِالشَّامِ» ، فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَةَ الْحَقِيقِيَّةَ مَا تُوجَدُ فِي مَكَانِ صَاحِبِ النُّبُوَّةِ عَلَى اتِّفَاقِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، وَأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ فِي الْحَقِيقَةِ بِأَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَمِنْ أَمْثَالِ غَيْرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِطَرِيقِ التَّسَلُّطِ الَّتِي تُسَمَّى مُلْكًا ; لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى نِظَامِ حَالِ الْعَامَّةِ ; وَلِئَلَّا يُؤَدِّيَ إِلَى الْفِتْنَةِ الطَّامَّةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

5396 - «وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ، كَمَا كَانَ قَبْلَهُ شَرٌّ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، قُلْتُ: فَمَا الْعِصْمَةُ؟ قَالَ: " السَّيْفُ "، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ السَّيْفِ بَقِيَّةٌ؟ قَالَ " نَعَمْ " تَكُونُ إِمَارَةُ أَقْذَاءٍ، وَهُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ ". قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: " ثُمَّ يَنْشَأُ دُعَاةُ الضَّلَالِ، فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةٌ جَلَدَ ظَهْرَكَ، وَأَخَذَ مَالَكَ، فَأَطِعْهُ، وَإِلَّا فَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جَذْلِ شَجَرَةٍ "، قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: " ثُمَّ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ بَعْدَ ذَلِكَ، مَعَهُ نَهْرٌ وَنَارٌ، فَمَنْ وَقَعَ فِي نَارِهِ، وَجَبَ أَجْرُهُ، وَحُطَّ وِزْرُهُ، وَمَنْ وَقَعَ فِي نَهْرِهِ، وَجَبَ وِزْرُهُ، وَحُطَّ أَجْرُهُ ". قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ يُنْتَجُ الْمُهْرُ فَلَا يُرْكَبُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ "، وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: " هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ، وَجَمَاعَةٌ عَلَى أَقْذَاءٍ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الْهُدْنَةُ عَلَى الدَّخَنِ مَا هِيَ؟ قَالَ: " لَا تَرْجِعُ قُلُوبُ أَقْوَامٍ عَلَى الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ "، قُلْتُ: بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: " فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ صَمَّاءُ، عَلَيْهَا دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ النَّارِ، فَإِنْ مُتَّ يَا حُذَيْفَةُ! وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جَذْلٍ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتْبَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5396 - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ) أَيِ: الْإِسْلَامُ وَالنِّظَامُ التَّامُّ، الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] ، وَالْمَعْنَى: أَيُوجَدُ وَيَحْدُثُ بَعْدَ وُجُودِ هَذَا الْخَيْرِ (شَرٌّ، كَمَا كَانَ قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْخَيْرِ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ زَمَنُ الْجَاهِلِيَّةِ (شَرٌّ؟ قَالَ: " نَعَمْ ") أَيْ: لِأَنَّ مَا وَرَاءَ كُلِّ كَمَالٍ زَوَالٌ، إِلَّا كَمَالَ ذِي الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ، (قُلْتُ: فَمَا الْعِصْمَةُ؟) أَيْ: فَمَا طَرِيقُ النَّجَاةِ، مِنَ الثَّبَاتِ عَلَى الْخَيْرِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَنِ الْوُقُوعِ فِي ذَلِكَ الشَّرِّ؟ (قَالَ: " السَّيْفُ ") أَيْ: تَحْصُلُ الْعِصْمَةُ بِاسْتِعْمَالِ السَّيْفِ، أَوْ طَرِيقُهَا أَنْ تَضْرِبَهُمْ بِالسَّيْفِ. قَالَ قَتَادَةُ: الْمُرَادُ بِهَذِهِ الطَّائِفَةِ هُمُ الَّذِينَ ارْتَدُّوا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي زَمَنِ خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَذَا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَشْمَلَ مَا وَقَعَ مِنْ مُعَاوِيَةَ مَعَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَإِنَّ الْحَقَّ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ، وَأَنَّ الْعِصْمَةَ كَانَتْ بِالْمُقَاتَلَةِ مَعَ مُعَاوِيَةَ ; كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَمَّارٍ: " «تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» "، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] ، (قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ السَّيْفِ فِتْنَةٌ؟) أَيْ: مِنَ الشَّرِّ أَوْ مِنَ الْخَيْرِ. قَالَ شَارِحٌ: أَيْ: هَلْ يَبْقَى الْإِسْلَامُ بَعْدَ مُحَارَبَتِنَا إِيَّاهِمْ؟ (قَالَ: " نَعَمْ، تَكُونُ إِمَارَةٌ ") بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ: وِلَايَةٌ وَسُلْطَةٌ، (" عَلَى أَقْذَاءِ ") فِي النِّهَايَةِ: الْأَقْذَاءُ جَمْعُ قَذًى، وَالْقَذَى جَمْعُ قَذَاةٍ، وَهِيَ مَا يَقَعُ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3390
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست