responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3377
[26] كِتَابُ الْفِتَنِ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5379 - عَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَامًا، مَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا حَدَّثَ بِهِ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ، قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ، وَإِنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيْءُ، قَدْ نَسِيتُهُ، فَأَرَاهُ فَأَذْكُرُهُ، كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ، ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[26] كِتَابُ الْفِتَنِ
الْفِتَنُ: جَمْعُ الْفِتْنَةِ، وَهِيَ: الِامْتِحَانُ وَالِاخْتِبَارُ بِالْبَلِيَّةِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5379 - (عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَامَ) أَيْ: خَطِيبًا أَوْ وَاعِظًا (فِينَا) أَيْ: فِيمَا بَيْنَنَا، أَوْ لِأَجْلِ أَنْ يَعِظَنَا وَيُخْبِرَنَا بِمَا سَيَظْهَرُ مِنَ الْفِتَنِ ; لِنَكُونَ عَلَى حَذَرٍ مِنْهَا فِي كُلِّ الزَّمَنِ (رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَامًا) : إِمَّا مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ، أَوِ اسْمُ مَكَانٍ، وَقِيلَ: اسْمُ زَمَانٍ، وَالْجُمْلَةُ الْمَنْفِيَّةُ وَهِيَ قَوْلُهُ: (مَا تَرَكَ شَيْئًا) إِلَخْ: صِفَةٌ، وَقَوْلُهُ (يَكُونُ) بِمَعْنَى: يُوجَدُ صِفَةُ " شَيْئًا "، وَقَوْلُهُ: (فِي مَقَامِهِ) : مُتَعَلِّقٌ بِتَرَكَ، وَوُضِعَ " مَقَامِهِ " مَوْضِعَ ضَمِيرِ الْمَوْصُوفِ، وَقَوْلُهُ: (ذَلِكَ) : صِفَةُ " مَقَامِهِ "، إِشَارَةٌ إِلَى زَمَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ: (إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ) : غَايَةٌ لِيَكُونَ، وَالْمَعْنَى: قَامَ مَقَامًا مَا تَرَكَ شَيْئًا يَحْدُثُ فِيهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْبِرَ بِمَا يَظْهَرُ مِنَ الْفِتَنِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ (إِلَّا حَدَّثَ بِهِ) أَيْ: بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْكَائِنِ (حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ) ، أَيِ: الْمُحَدَّثُ بِهِ (وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ، قَدْ عَلِمَهُ) أَيْ: هَذَا الْقِيَامَ، أَوْ هَذَا الْكَلَامَ بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ (أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ) ، أَيِ: الْمَوْجُودُونَ فِي جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ، لَكِنَّ بَعْضَهُمْ لَا يَعْلَمُونَهُ مُفَصَّلًا لَمَّا وَقَعَ لَهُمْ بَعْضُ النِّسْيَانِ الَّذِي هُوَ مِنْ خَوَاصِّ الْإِنْسَانِ، وَأَنَا الْآخَرُ مِمَّنْ نَسِيَ بَعْضَهُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَإِنَّهُ) أَيِ: الشَّأْنُ، وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ: إِنَّ الضَّمِيرَ لِقَوْلِهِ شَيْئًا (لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيْءُ قَدْ نَسِيتُهُ) صِفَةُ الشَّيْءِ، وَاللَّامُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَاللَّامُ فِي " لَيَكُونُ " مَفْتُوحَةٌ عَلَى أَنَّهُ جَوَابٌ لِقَسَمٍ مُقَدَّرٍ، وَالْمَعْنَى: لَيَقَعُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ نَسِيتُهُ، (فَأَرَاهُ فَأَذْكُرُهُ) أَيْ: فَإِذَا عَايَنْتُهُ تَذَكَّرْتُ مَا نَسِيتُهُ، وَالْعُدُولُ مِنَ الْمُضِيِّ إِلَى الْمُضَارِعِ لِاسْتِحْضَارِ حِكَايَةِ الْحَالِ، ثُمَّ شَبَّهَ الْمَوْصُوفَ بِالْمُعَايَنِ، فَقَالَ: (كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ) ، أَيْ: ثُمَّ يَنْسَاهُ (ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

5380 - وَعَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نَكَتَتْ فِيهِ نُكْتَةً سَوْدَاءَ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَتْ لَهُ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى يَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ: أَبْيَضُ مِثْلُ الصَّفَا، فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مِرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجْخِيًّا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5380 - (وَعَنْهُ) ، أَيْ: عَنْ حُذَيْفَةَ (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " تُعْرَضُ ") بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: تُوضَعُ وَتُبْسَطُ (" الْفِتَنُ ") أَيِ: الْبَلَايَا وَالْمِحَنُ، وَقِيلَ: الْعَقَائِدُ الْفَاسِدَةُ وَالْأَهْوَاءُ الْكَاسِدَةُ (" عَلَى الْقُلُوبِ ") ، وَقِيلَ: تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَيْ يَظْهَرُ لَهَا وَيَعْرِفُ مَا يَقْبَلُ مِنْهَا وَمَا يَأْبَاهُ وَيَنْفِرُ مِنْهَا، مِنْ عَرْضِ الْعُودِ عَلَى الْإِنَاءِ إِذَا وَضَعَهُ عَلَيْهِ بِعَرْضِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ عَرْضِ الْجُنْدِ بَيْنَ يَدَيِ السُّلْطَانِ لِإِظْهَارِهِمْ وَاخْتِبَارِ أَحْوَالِهِمْ (" كَالْحَصِيرِ ") أَيْ: كَمَا يُبْسَطُ الْحَصِيرُ (عُودًا عُودًا) بِضَمِّ عَيْنٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ، وَنَصْبُهُمَا عَلَى الْحَالِ أَيْ: يُنْسَجُ الْحَصِيرُ حَالَ كَوْنِهِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ، وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: قَدْ رُوِيَ بِالرَّفْعِ، وَكَذَا نَرْوِيهِ عَنْ كِتَابِ مُسْلِمٍ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْرَدَهُ صَاحِبُ الْمَصَابِيحِ، وَالتَّقْدِيرُ: هُوَ عُودٌ عُودٌ، وَرَوَاهُ آخَرُونَ بِالنَّصْبِ، انْتَهَى. فَهُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مُقَدَّرٍ، أَوِ التَّقْدِيرُ يُنْسَجُ عُودٌ عُودٌ، فَهُوَ مَفْعُولُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَفِي نُسْخَةٍ: عَوْذًا عَوْذًا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ عَوْذًا بَعْدَ عَوْذٍ.
قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: هَذَانِ الْحَرْفَانِ مِمَّا اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَظْهَرُهَا وَأَشْهَرُهَا: ضَمُّ الْعَيْنِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَالثَّانِي: فَتْحُ الْعَيْنِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْضًا، وَالثَّالِثُ: فَتْحُ الْعَيْنِ وَالدَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَمَعْنَى تُعْرَضُ، أَيْ: تُلْصَقُ بِعَرْضِ الْقُلُوبِ، أَيْ: جَانِبِهَا، كَمَا تُلْصَقُ الْحَصِيرُ بِجَنْبِ النَّائِمِ وَتُؤَثِّرُ فِيهِ بِشِدَّةِ الْتِصَاقِهَا، وَمَعْنَى عُودًا عُودًا،

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3377
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست