responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3351
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَيْ: أَنَّ كَثْرَةَ مَا فِيهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَدْ أَثْقَلَهَا حَتَّى أَطَّتْ، وَهَذَا مَثَلُ إِيذَانٍ بِكَثْرَةِ الْمَلَائِكَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ أَطِيطٌ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ تَقْرِيبٍ، أُرِيدَ بِهِ تَقْرِيرُ عَظْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، قُلْتُ: مَا الْمُحْوِجُ عَنْ عُدُولِ كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْحَقِيقَةِ إِلَى الْمَجَازِ مَعَ إِمْكَانِهِ عَقْلًا وَنَقْلًا حَيْثُ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ: وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ، مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَطِيطُ السَّمَاءِ صَوْتَهَا بِالتَّسْبِيحِ، وَالتَّحْمِيدِ، وَالتَّقْدِيسِ، وَالتَّمْجِيدِ ; لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] لَا سِيَّمَا وَهِيَ مَعْبَدُ الْمُسَبِّحِينَ وَالْعَابِدِينَ، وَمَنْزِلُ الرَّاكِعِينَ وَالسَّاجِدِينَ، (" وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشَاتِ ") بِضَمِّ الْفَاءِ وَالرَّاءِ: جَمْعُ فُرُشٍ، فَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ لِلْمُبَالَغَةِ (" وَلَخَرَجْتُمْ ") أَيْ: مِنْ مَنَازِلِكُمُ الْعَالِيَاتِ (" إِلَى الصُّعُدَاتِ ") بِضَمَّتَيْنِ، أَيْ: إِلَى الصَّحَارِي، وَاخْتِيَارُ الْجَمْعِ لِلْمُبَالَغَةِ، وَالصُّعُدِ: جَمْعُ صَعِيدٍ كَطُرُقٍ جَمْعُ طَرِيقٍ وَطُرُقَاتٍ، وَالصَّعِيدُ هُوَ الطَّرِيقُ، وَفِي الْأَصْلِ التُّرَابُ، أَيْ: لَخَرَجْتُمْ إِلَى الطُّرُقَاتِ الْبَرَارِي وَالصَّحَارِي وَمَمَرِّ النَّاسِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمَحْزُونُ لِبَثِّ الشَّكْوَى وَالْهَمِّ الْمَكْنُونِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الصَّعِيدَ هُوَ وَجْهُ الْأَرْضِ، وَقِيلَ التُّرَابُ، وَلَا مَعْنَى لَهُ هَاهُنَا، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: الْمَعْنَى: لَخَرَجْتُمْ مِنْ مَنَازِلِكُمْ إِلَى الْجَبَّانَةِ، مُتَضَرِّعِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْ حَالِ الْمَحْزُونِ أَنْ يَضِيقَ بِهِ الْمَنْزِلُ فَيَطْلُبُ الْفَضَاءَ الْخَالِيَ لِشَكْوَى بَثِّهِ، (" تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ ") أَيْ: تَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ بِالدُّعَاءِ لِيَرْفَعَ عَنْكُمُ الْبَلَاءَ.
(قَالَ أَبُو ذَرٍّ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ، أَيْ: تُقْطَعُ وَتُسْتَأْصَلُ، وَهَذَا نَشَأَ مِنْ كَمَالِ خَوْفِهِ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ) ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَا لَيْتَنِي هُوَ مِنْ قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي كِتَابِ أَحْمَدَ مِمَّنْ نَقَلَ هُوَ عَنْ كِتَابِهِ، (قَالَ أَبُو ذَرٍّ) بَلْ أُدْرِجَ فِي الْحَدِيثِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: قِيلَ هُوَ مِنْ قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ، وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ بِكَلَامِ أَبِي ذَرٍّ أَشْبَهُ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ يَتَمَنَّى عَلَيْهِ حَالًا هُوَ أَوْضَعُ مِمَّا هُوَ فِيهِ، ثُمَّ إِنَّهَا مِمَّا لَا تَكُونُ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَجَامِعِ الْأُصُولِ: هَكَذَا تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَةٌ تُعْضَدُ، وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَالَ: لَوَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَةٌ تُعْضَدُ، وَيُرْوَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَوْقُوفًا، وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ كَمَا فِي الْمَتْنِ وَنُسَخِ الْمَصَابِيحِ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: يَا لَيْتَنِي إِلَى آخِرِهِ، وَلِلْبَحْثِ فِيهِ مَجَالٌ.

5348 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5348 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَنْ خَافَ ") أَيِ: الْبَيَانَ وَالْإِغَارَةَ مِنَ الْعَدُوِّ وَقْتَ السَّحَرِ (" أَدْلَجَ ") أَيْ: سَارَ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَمَنْ خَافَ فَوْتَ الْمَطْلُوبِ سَهَرَ فِي طَلَبِ الْمَحْبُوبِ (" وَمَنْ أَدْلَجَ ") أَيْ: بِالسَّهَرِ (" بَلَغَ الْمَنْزِلَ ") أَيْ: وَصَلَ إِلَى الْمَطْلَبِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَالِكِ الْآخِرَةِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ عَلَى طَرِيقِهِ، وَالنَّفْسُ وَأَمَانِيهِ الْكَاذِبَةُ أَعْوَانُهُ، فَإِنْ تَيَقَّظَ فِي مَسِيرِهِ، وَأَخْلَصَ النِّيَّةَ فِي عَمَلِهِ أَمِنَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَجُنْدِهِ، وَمَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ بِأَعْوَانِهِ ثُمَّ أُرْشِدَ إِلَى أَنَّ سُلُوكَ طَرِيقِ الْآخِرَةِ صَعْبٌ، وَتَحْصِيلَ الْآخِرَةِ مُتَعَسِّرٌ، لَا يَحْصُلُ بِأَدْنَى سَعْيٍ فَقَالَ: (" أَلَا ") بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ (" إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ ") أَيْ: مَتَاعَهُ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْحُسْنَى وَزِيَادَةٍ (" غَالِيَةٌ ") بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: رَفِيعَةُ الْقَدْرِ (" أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ ") أَيِ: الْغَالِيَةَ (" الْجَنَّةُ ") أَيِ: الْعَالِيَةُ، وَالْمَعْنَى: ثَمَنُهَا الْأَعْمَالُ الْبَاقِيَةُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف: 46] وَالْمُومَأُ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَعَلَا: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111] . (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) ، وَكَذَا الْحَاكِمُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3351
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست