responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3331
[5] بَابُ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5314 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
[5]
بَابُ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ
فِي الْمُغْرِبِ، يُقَالُ: فَعَلَ ذَلِكَ سُمْعَةً، أَيْ: لِيُرِيَهُ النَّاسَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِهِ التَّحْقِيقَ، وَسَمَّعَ بِكَذَا شُهْرَةً تَسْمِيعًا انْتَهَى. وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ الرِّيَاءَ مَأْخُوذٌ مِنَ الرُّؤْيَةِ، فَهُوَ مَا يُفْعَلُ لِيَرَاهُ النَّاسُ، وَلَا يَكْتَفِي فِيهِ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَالسُّمْعَةُ بِالضَّمِّ مَأْخُوذَةٌ مِنَ السَّمْعِ، فَهُوَ مَا يُفْعَلُ أَوْ يُقَالُ لِيَسْمَعَهُ النَّاسُ، وَلَا يَكْتَفِي فِيهِ بِسَمْعِهِ تَعَالَى، ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَوْضِعَ الْآخَرِ، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدًا، أَوْ لِإِرَادَةِ أَصْلِ الْمَعْنَيَيْنِ تَفْصِيلًا، وَضِدُّهَا الْإِخْلَاصُ فِي الْعَمَلِ لِلَّهِ عَلَى قَصْدِ الْخَلَاصِ، ثُمَّ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ فِي الرِّيَاءِ الْهَمْزُ وَعَلَيْهِ السَّبْعَةُ، وَيَجُوزُ إِبْدَالُهُ يَاءً، وَبِهِ قَرَأَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَامَّةِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5314 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ ") أَيْ: نَظَرَ اعْتِبَارٍ (" إِلَى صُوَرِكُمْ ") : إِذْ لَا اعْتِبَارَ بِحُسْنِهَا وَقُبْحِهَا (" وَأَمْوَالِكُمْ ") : إِذْ لَا اعْتِبَارَ بِكَثْرَتِهَا وَقِلَّتِهَا (" وَلَكِنْ ") : وَزَادَ فِي الْجَامِعِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا (" يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ ") أَيْ: إِلَى مَا فِيهَا مِنَ الْيَقِينِ، وَالصِّدْقِ، وَالْإِخْلَاصِ، وَقَصْدِ الرِّيَاءِ، وَالسُّمْعَةِ، وَسَائِرِ الْأَخْلَاقِ الرَّضِيَّةِ، وَالْأَحْوَالِ الرَّدِيَّةِ (" وَأَعْمَالِكُمْ ") أَيْ: مِنْ صَلَاحِهَا وَفَسَادِهَا، فَيُجَازِيكُمْ عَلَى وَفْقِهَا، هَذَا وَفِي النِّهَايَةِ: مَعْنَى النَّظَرِ هَا هُنَا: الِاجْتِبَاءُ، وَالرَّحْمَةُ، وَالْعَطْفُ ; لِأَنَّ النَّظَرَ فِي الشَّاهِدِ دَلِيلُ الْمَحَبَّةِ، وَتَرْكَ النَّظَرِ دَلِيلُ الْبُغْضِ، وَالْكَرَاهَةِ، وَمَيْلِ النَّفْسِ إِلَى الصُّوَرِ الْمُعْجَمَةِ وَالْأُمُورِ الْفَانِيَةِ، وَاللَّهُ يَتَقَدَّسُ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ، فَجَعَلَ نَظَرَهُ إِلَى مَا هُوَ الْبِرُّ وَاللُّبُّ وَهُوَ الْقَلْبُ وَالْعَمَلُ، وَالنَّظَرُ يَقَعُ عَلَى الْأَجْسَامِ وَالْمَعَانِي، فَمَا كَانَ بِالْأَبْصَارِ فَهُوَ لِلْأَجْسَامِ، وَمَا كَانَ بِالْبَصَائِرِ كَانَ لِلْمَعَانِي، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَلَا يَخْفَى بُعْدُ الْمُرَادِ مِنَ النَّظَرِ هُنَا مَا ذَكَرَهُ مِنَ الرَّحْمَةِ وَالْعَطْفِ، لَا سِيَّمَا فِي جَانِبِ النَّفْيِ، فَتَدَبَّرْ خُصُوصًا فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَنْصِيلِ النَّظَرِ، فَإِنَّ نَفْيَهُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى لَا يُتَصَوَّرُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . وَكَذَا ابْنُ مَاجَهْ.

5315 - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» ".
وَفِي رِوَايَةٍ: " «فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، هُوَ لِلَّذِي عَمِلَهُ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5315 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ ") أَيْ: أَنَا أَغْنَى مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُمْ شُرَكَاءُ عَلَى فَرْضِ أَنَّ لَهُمْ غِنًى (" عَنِ الشِّرْكِ ") ، أَيْ عَمَّا يُشْرِكُونَ بِهِ مِمَّا بَيْنِي وَبَيْنَ غَيْرِي فِي قَصْدِ الْعَمَلِ، وَالْمَعْنَى: مَا أَقْبَلُ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا لِوَجْهِي، وَابْتِغَاءً لِمَرْضَاتِي، فَاسْمُ الْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ الشِّرْكُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى الْمَفْعُولِ، وَيُؤَيِّدُ مَا قَرَّرْنَاهُ مَا أَوْضَحَهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِئْنَافِ بِقَوْلِهِ: (" مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ) أَيْ: فِي قَصْدِ ذَلِكَ الْعَمَلِ (" مَعِي ") أَيْ: مَعَ ابْتِغَاءِ وَجْهِي (" غَيْرِي ") أَيْ: مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، فَلَا يَضُرُّهُ قَصْدُ الْجَنَّةِ وَتَوَابِعِهَا مَثَلًا، فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَرْضَاتِهِ سُبْحَانَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَقَامُ الْأَكْمَلُ أَنْ لَا يَعْبُدَهُ لِطَمَعِ جَنَّةٍ أَوْ خَوْفِ نَارٍ، فَإِنَّهُ عُدَّ كُفْرًا عِنْدَ بَعْضِ الْعَارِفِينَ، لَكِنَّ التَّحْقِيقَ فِيهِ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ تُخْلُقْ جَنَّةٌ وَلَا نَارٌ لَمَا عَبَدَهُ - سُبْحَانَهُ - لَكَانَ كَافِرًا، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ لِذَاتِهِ ; وَلِذَا مُدِحَ صُهَيْبٌ بِمَا رُوِيَ فِي حَقِّهِ: «نِعْمَ الْعَبْدُ صُهَيْبٌ، لَوْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ مَا عَصَاهُ» ، قَوْلُهُ: (" تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ") : خَبَرُ مَنْ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى " مَعَ "، أَوِ الْمَعْنَى: تَرَكْتُهُ عَنْ نَظَرِ الرَّحْمَةِ وَتَرَكْتُ عَمَلَهُ الْمُشْتَرَكَ عَنْ دَرَجَةِ الْقَبُولِ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست